سنين لا تصدأ
القدماء كانوا يصنفون السنين والعصور والأزمنة تبعآ للمعادن
وأهميتها . منها النفيس ومنها الرخيص .
والعصور كذلك هناك زمن ذهبي وأخر فضي وثالث نحاسي ورابع من حديد ولا أدري لماذا حذف الماس والقصدير من هذه القائمة ؟
الماضي عندما يتحول إلى حكايات يصبح منزوع الألم وكأنه
خالي من الشقاء وهذا غير صحيح على الإطلاق .
الماضي الذي يسمى الجميل شهد ستون عامآ حروب عالمية وقضايا منها ما يزال ساخنآ . وشهد أيضآ طغاة ومجازر ومقابر جماعية ومن يتصفح المجلات القديمة جدآ يدهش مما كانت تنشره من إعلانات عن الأدوات الكهربائية المنزلية وأغرب ما فيها هو أن هذه الإختراعات يمكن للزبائن مشاهدتها بالمجان لأن شراءها على ما يبدوا كان متعذرآ إلا على الموسرين .
الطغيان لم يولد البارحة أو هذا الصباح وكذلك الفقر والجهل وكل محاصيل الشقاء . الإنسان على ما يبدوا يميل بالفطرة إلى المفاضلة بين زمان ولى ولم يعيشه
وبين زمان يعيشه ويعاني ضغوطه .
المفارقة أن أيامنا هذه التي تشكو من ثقلها ستصبح في القريب العاجل أو الآجل ماضيآ بالنسبة للقادمين.
وقد يرونها كما نرى الماضي الذي نقرأ ونسمع عنه بحيث يصبح الزمن النحاسي مرة أخرى ذهبيآ لا لشيىء إلا لأنه إنقضى ومضى . الأزمنة كعمر الإنسان الذي يستطيع فيه أن يتمتع بكل فصوله من الربيع إلى الشتاء مرورآ بالصيف والخريف فكل مرحلة من العمر لها مسراتها ومذاقها . منذو اقدم الأزمنة والناس يعيشون السراء والضراء معآ ، الألم لم يتغير وإن تغيرت وسائل تسكينه ، وكذلك الموت والفقدان والحب والكراهية والإنتصار والهزيمة .
لهذا ما من عصر مصفى أو منقى من الشقاء
فكل ما في الأمر أن خيالنا يوهمنا بأن ما مضى هو الأجمل .
وأن أجمل الأطفال لم يولد بعد والحنين إلى الماضي بإعتباره حلقة من حلقات الحياة .
دمتم بالعافية زود
نجيب ايوب