أركضي اختبئي منهابعيدا حتى لا تلاحقكِ ألم تقولي أنها عذبتك ِ؟وأنتِ في غنى عن وجع الحنين والذكريات؟ هكذا قلت لنفسي في الصباح الباكر …… نفضت غبار قلبي و وضعت يدي في جيبه وأخرجتها لأرمي بها من النافذة وقلت :هكذا انتهيت منها كلمتان لا أكثر .. هما حضور وغياب احتوت مراحل وحنين لحظات, وذكريات أيام, تفرعت كغصون شجرة كبيرة فرح حزن وألم نجاحات اجتماعيات صداقات شخصيات عابرة وغير عابرة علاقات شائكة وغير شائكة
دخلت المطبخ فنسيت غايتي ,فلازلت بين النوم واليقظة تناولت مقعدا جلست عليه فسمعت صوت طقطقة في ذاكرتي نفضت رأسي وناظرت الأرض صدفة وإذا بجيوش مؤلفة تسير فوقها,نزلت عن مقعدي فأنا الآن أحيا بمرحلتين معا ..تصديق وتكذيب للحدث
جيوش كبيرة تزاحمت فوق أرضنا ربما جاءت لتذكيري ماض ٍدسته لإعادة أخذ العظة والعبرة وربما جاءت لصقلي بمبادئ كثيرة تناسيتها في خضم الأيام ….لازلت للآن امرأة سوية وتفترض حسن النية في الآخرين انطلاقا من مبدأعامل الناس كما تحب أن تعامل
بدأتُ أرقب تلك الجيوش بعين الصمت أتمتم في قلبي ببعض الكلمات التي تكسر حواجز الخوف فربما سأخوض حربا ما, من يدري ؟ لاشك أنني أخاف الحرب ولكن إذا لم يكن من الموت بد فمن العجز أن تموت جبانا
أخيرا اصطفت أمامي بصفوف مرتبة وكأنها تريد أن تعلمني النظام ….كل هذا في الثالثة صباحا صافحتني وقالت : صباح الخير جئنا لنخبرك بحقيقتنا تسمرت أمامهم حقيقة.. أية حقيقة؟ لا أظن نفسي أخطأت وأن كنت أخطأت فلي اله واحد ألجأ إليه لأتوب بين يديه ولا بأس في ذلك فخير الخطاءين التوابين

قهقرت تلك الجيوش بصوت مزمجر فشعرت وكأن الأرض اهتزت من تحتي فأيقظت كل الخلائق النيام في وقتها , انزعجت قليلا ليس لأنني أحب الهدوء والصمت بل على العكس تماما ولكن الوقت غير مناسب بنظري ….. ومع ذلك وبرغم إزعاجها إلا أنها كانت لحظات شهية فهاهي الحياة تصقلني من جديد وان كان رغما عن عنادي
أشرقت شمس الصباح الهادئة فتحت عيوني وناظرت حولي فلازلت أجلس على أرض المطبخ تذكرت غايتي فقد جئت لارتشف كوبا من الماء قالوا : ذات يوم إن ذاكرة القوس قويه أيقنت ذلك فعلا …. تناولت رقعة من الورق وكتبت عليها حضور وغياب هنالك العديد من الغائبين عن حياتنا ولكنهم يعتلون عرش الروح والقلب معا يغلقون محاراتهم عليهم لا تستطيع رياح النوائب فتحها لإخراجهم منها
وبالمقابل هنالك العديد من الحاضرين في حياتنا ولكنهم غائبين في عالم القلب والروح يا الله ما أصعب تلك المعادلة ؟ وقفت أمام تلك المسألة حائرة فها أنا أعجز من جديد ….لطالما راودتني تلك الحالة منذ الطفولة وتوبخت من قبل والديّ حينما كنت أعجز عن حل المسائل
ابتسمت كالعادة وتوجهت إلى الهي دعوته بشجن ليهدني إلى الطريق الصحيح ….تمنيت التقاء فيثاغورس في تلك اللحظة وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا

وما كدت أكمل كلمتي إلا وطرقت نافذتي رياح قوية فأحضرت معها خرقة حمراء وقفت تلك الخرقة أمامي وكأنها تطلب مني أن أفتحها اقتربت منها مددت يدي فانحلت عقدتها وإذا بداخلها رقعة صغيرة خطت بإتقان (((الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تنافر منها اختلف )))
أطرقت بصمت وإذا بذاكرتي تحضر لي كوبا من المياه احتوى بعضا من كلمات درويش ألا وهي سيري ببطء، يا حياة، لكي أَراك بِكامل النقْصَان حولي. كم نسيتكِ في خضمٌِكِ باحثا عنٌِي وعنكِ. وكلَّما أدركت سرٌا منك قلت بقسوة: ما أَجهلَكْ!قل للغياب: نَقَصْتَني وأَنا حضرت… لأكملكْ.

تناولت ذلك الكوب من أيدي ذاكرتي وارتشفتها بشغف فأيقنت أنني لم أكن بحاجة الى ذلك الماء العادي بل لماء روحي من نوع خاص رويتُ تعطشي منه, وعدتُ مسرعة لأروي لكم قصتي في حضرة الغياب