لـ«الشرق الأوسط»: لكي تكون صحافيا متكاملا يجب الإلمام بجميع مكونات العمل الاعلامي


ياسر عبد العزيز

القاهرة: نشوى الحوفي
لا يتفق ياسر عبد العزيز مستشار التدريب الاعلامي في صندوق الإنماء التابع لهيئة الإذاعة البريطانية، مع مقولة أن وسائل الاعلام العربية عاجزة عن تصدير الأخبار ودفع التدفق الاخباري باتجاه الغرب، حيث يرى أن هناك اختلالاً في التدفق الإخباري العالمي ولكن هذا الاختلال ليس حتمياً بالنسبة لنا، بمعنى أننا لسنا مجبرين عليه. واضاف، لا توجد علاقة بين كفاءة وسائل الاعلام وقدرتها في مجتمع ما وبين القدرة والحيوية للدولة، ومن ثم فإنه لا يوجد خلل في التدفق الإخباري بشكل جبري ولكنه من صناعة الإنسان واختياره. ولهذا والحديث ـ لياسر عبد العزيز ـ إذا أراد طرف مثل قطر أو الإمارات أو السعودية وقرر أن يكون له من الغد حصة كبيرة في حركة التدفق الاعلامي والاخباري العربي، فمن الممكن استقطاب الكوادر المميزة والإمكانات عالية التقنية، بدليل أننا في الفضاء العربي لدينا نحو 370 فضائية، 22 في المائة منها توجد مراكزها الرئيسية في دولة الإمارات العربية فقط، وذلك حدث بعد وضع الإمارات لقوانين ووسائل وتسهيلات استثمار وأنشأت مدينة الإنتاج الإعلامي بدبي وكلها امتيازات تمنح فرصاً لكل من يريد إطلاق قناة فضائية أن يحقق هدفه.

ويعتقد مستشار التدريب الاعلامي في صندوق الإنماء التابع لهيئة الإذاعة البريطانية، أن بعض القنوات الإخبارية العربية نجحت في صناعة تدفق إخباري في الاتجاه العكسي، مثل قناة الجزيرة، وقناة أبو ظبي في بعض الفترات الساخنة في المنطقة، وقناة العربية التي توجد بشكل متميز، فالقصة ببساطة أن هناك مشاهداً يشعر بحالة من الغموض تجاه حدث ما يريد معرفته أو يستعد لاتخاذ قرار أو تكوين رأي تجاه حدث ما، ويكون السؤال إلى من يلجأ؟. والإجابة أنه سيبحث عن مصدر موثوق فيه ويتمتع بالمصداقية ويستطيع الوصول له بسهولة ولديه محتوى ومضمون يجيب عن تساؤلاته ويزيح الغموض الذي يشعر به. مستشهدا بلجوء المصريين والكثير من العرب لراديو أورشليم القدس وهو إذاعة «العدو» في عز الأزمات التي كانت في الفترات الماضية، والسبب هو قدرة ذلك المصدر على الوصول للخبر وبكافة التفاصيل وبمصداقية قلما اهتزت. ولهذا إذا عملت القنوات الإخبارية العربية بهذا المنطق فسوف تكون مصدرا للتدفق الإخباري وسيأخذ العالم منا تلك الأخبار. وأرجع ياسر عبد العزيز أسباب معاناة القنوات العربية الناجحة في أداء التدفق في الاتجاه الآخر إلى ان المؤسسة الإعلامية بالمفهوم العالمي لا تحظى بنمط، ففي عالمنا العربي يوجد لدينا ثلاثة أنواع من المؤسسات الإعلامية، المؤسسة البيروقراطية المملوكة للحكومات التي تسير على سلم الأقدمية والولاء، وهناك المؤسسة التي تخضع لفكر المشروع الخاص جيد التنظيم، وهي مؤسسة تسير على نمط مؤسسة الأعمال وتحقق أحيانا طفرات، وهناك المؤسسة التي تدار بنمط الدكان، وهي مؤسسة تدار حسب أهواء أسرة أو شخص وتعاني من التذبذب في الناتج والمنتج. وللأسف هذه الأنماط من المؤسسات لا تفرز إعلاما يتسيد لعقود ولكن تنتج إعلاماً ذا ومضات قد تضيء أو تنطفئ. وأكد الخبير الإعلامي أنه بالإمكان تقديم إعلام إخباري بمعايير يقبلها الآخر إذا تم الأخذ بعدد من المعطيات التي من أهمها: فصل الإدارة عن الملكية، مثل وكالة أنباء رويترز، التي تعتمد على مشروع اقتصادي قائم على تحقيق الأرباح ومعتمد على فكرة الاستقلال عن مصالح المالكين. الثبات في الاستراتيجيات الموضوعة لتلك المؤسسات والتقاليد التي تنتهجها وتتبعها، تعرف المكانة التي توجد بها وتعلم الهدف الذي تسعى للوصول إليه، أن تكون لديها رسالة تعرف كيفية الوصول بها إلى الجمهور، بالإضافة إلى ميثاق عمل المؤسسة الذي لا يتغير بتغير رئيس المؤسسة أو ترك موظف بها لعمله. ويجب أن نعرف أن كل المؤسسات التي تتقدم المشهد الإعلامي العالمي تنتهج سياسات وقوانين واعتبارات مؤسسية من شأنها خفض درجة أو مستوى الخطأ إلى أقصى حد ممكن. ولا ينكر مستشار التدريب الاعلامي أن العالم العربي يسير خلف الإعلام الغربي لا بمحاذاته في ما يتعلق بالتدريب، حيث إنهم هناك يركزون على صناعة الصحافي المواطن من خلال مواقع الإنترنت المختلفة مثل الفيس بوك واليوتيوب وغيرهما، غير أننا في العالم العربي لا نصنع سوى الصحافي المحترف، لأننا كنا لا نملك الصحافي المحترف، فعلى الرغم من أنه لدينا أكاديميات لتخريج الكوادر الإعلامية، إلا أنها تدرس مناهج إعلامية لا صلة لها بالواقع، وأن هذا الأسلوب تسبب في حدوث فجوة بين مفردات الاكاديمية الاعلامية والسوق، ولهذا يظل التدريب إحدى أهم الوسائل لسد تلك الفجوة. واضاف، يواجه التدريب في العالم العربي هو الآخر الكثير من المعوقات، أهمها غياب الوعي بالتدريب في المؤسسة، وعندما ينقل أحد إلى قسم التدريب بالمؤسسة ينظر إلى ذلك باعتباره إحدى وسائل التنكيل، إضافة إلى قلة جهات التدريب التي تتمكن من سد الفجوة بين الواقع والأكاديمية، وبالتالي لا يجد الإعلامي سوى جهات خارجية مكلفة للغاية لا يستطيع تحمل نفقاتها، فيما تأتي مشاريع التدريب الممولة من الخارج ومعظمها لا يلتزم بالمعايير المطلوبة. هذا إلى جانب غياب ثقافة الهدف من التدريب في المنظمات الاعلامية العربية. وأشار إلى أن عملية التدريب الإعلامي يجب أن تقوم على أسس معلومة يتم فيها جمع المعلومات لا عن المناخ الذي يعمل به الإعلامي فقط، لكن عن احتياجاته التدريبية ونقاط ضعفه التي يجب معالجتها، إلى جانب انتقاء العناصر التي ستحقق أعلى استفادة من التدريب وليست عناصر عشوائية، فليس لدينا خطوط عامة أو حقيبة نوزعها على المتدربين. وأعتقد أن غياب المفهوم الإعلامي الصحيح للتدريب سيؤدي إلى وجود مخرجات إعلامية ضعيفة وسوق عمل غير معياري وصحافي تنقصه الوسائل التي تمكنه من أداء عمله بحرفية عالية.

وأفاد أن الإعلامي العربي لكي يكون صحافياً متكاملاً بحيث يستطيع أداء ولعب أكثر من دور في العمل الإعلامي، يجب أن تكون لديه القدرة على الصياغة والتصوير وإرسال رسالة قصيرة بمضمون الخبر وتسجيل حوار مع المصادر، وهو ما يطلق عليه ثقافة « One Man Unit » (الرجل الوحدة)، كذلك أن يعرف قيم العمل الإعلامي الرشيد أو المعايير المهنية، وهي للأسف معان ومفاهيم أسيء فهمها في عالمنا العربي دون معرفة معناها الحقيقي، «نتحدث بها دون معرفة لحقيقت