إمرأة وشمعةجلســت إمرأة أمام شمعة في ليلة باردة في الخارج صفير الريــاح تعوي والمطر ينقر وجه النافذة والأشجار تميل بأغصانها المثقلة بالثلج على سور البيت الذي غادره رجل في الأربعين من عمره تحت جنح الظلام وإختفى في الضباب وفي الغياب .سالت دموع المرأة ببطء على خدها الأسمر الصغيرثم ســقطت الدموع على قميصها المخطط بالأخضر والأزرقوتذوب الدموع في القميص وتختفي كما إختفى الرجل .دموع الشمعة تسيل ببطء أيضآ وتسقط في إناء أخضر صغيرحيث يتكوم الشمع الأبيض ويلتم على بعضه بهدوءوقد تشكلت منه ما يشبه الجبال الصغيرة البيضاء ،أخذت دموع الشمعة أشكالآ مختلفة كأنها شموع دمعيةبكائها صامت مهدم ومتراكم أمام المرأة السمراء في ليلة باردة .في الخارج أيضآ كانت السماء تبكي مطرآ يتلوع ويتشتت في الرياح ولكنه في النهاية يسيل على الأرض ويجري ببطء وبهدوء، هو الأخر تمامآ مثل جريان دمع إمرأة ومثل جريان دمع الشمعة . تنتفض المرأة فجأة وقد عرتها قشعريرة تعرفها جيدآ عندما كان الرجل الأربعيني يضع يده على جبهتها وهي شبه نائمة أو شبه ميتة. أخذت الشمعة وأبعدتها إلى زاوية معتمة في غرفتها وأخذت تجفف بقايا الدمع المنسكب على وجهها الأسمر الصغير ثم تناولت كوب من الماء وشربته كله وإنتقلت إلى النافذة حيث المطر الي لا يكف عن البكاء . أزاحت المرأة طرف الستارة الزرقــاء ووقفت جامدة باردة تمامآ و وحيدة تمامآ وهي تصغي إلى وقع الدموع الساقطة من السماء بلا توقف .في زاوية الغرفة توقفت الشمعة عن البكاء .تركت النافذة وتركت المطر وعادت وهي في ذروة الخوف .قالت سأكت قصيدة هذه هي المرة الأول التي تكتب فيها قصيدةوقد توغلت في الكتابة .....أن القصيدة مبللة من أولها حتى أخرها بالماء .ثم إنتبهت أيضآ . هنا وضعت نقطة في أخر الســطر وتنفست من أعماقها وإبتسمت أمام المرآة بوجهها الأسمر الصغير وقالتهل الشعر هو المطر هل هو الخوف هل هو العزلة أهو الرجل الغائب والمرأة الوحيدةهو كل ذلك معآ ذلك الذي إسمه الشعر .مع خالص تحياتي لكمنجيب ايوب
المفضلات