الاتحاد العربي لكرة القدم إلى أين؟!
10 مارس 2010:
محمد قدري حسن
--------------------------------------------------------------------------------
تربطني بالاتحاد العربي لكرة القدم ومسابقاته وأنشطته المختلفة علاقة تمتد لأكثر من ثلاثين عاماً.. كنت محظوظاً بحضور النسخة الأولى لبطولة الأندية العربية لكرة القدم مطلع الثمانينات وبحضور معظم النسخ اللاحقة لبطولات الأندية العربية أبطال الدوري وأبطال الكؤوس وبطولة النخبة في العديد من العديد من العواصم العربية وكذلك حضور كافة نسخ بطولات كأس العرب للمنتخبات الوطنية منذ أكثر من ربع قرن.. في كل من الطائف وعمان وحلب والدوحة والكويت...
وفوق كل هذا وذاك كنت شاهد عيان ومتابعاً في قلب الحدث لانطلاقة أقوى وأغلى المسابقات الكروية العربية (دوري أبطال العرب) الذي تجاوزت جائزة البطل فيه حدود المليون ونصف المليون دولار وحجم الانفاق عليه على امتداد (7) سنوات ملايين بل عشرات ملايين الدولارات.. وذلك بفضل الشراكة الاستراتيجية التي جمعت ونظمت شكل العلاقة بين الاتحاد العربي لكرة القدم وشبكة راديو وتلفزيون العرب art.
وكنت شاهد عيان على انجازات وانتصارات وحضور كرتنا الأردنية في كافة المسابقات العربية (الأردن يمكن اعتباره الدولة العربية الوحيدة التي لم تغب شمسها عن البطولات الكروية العربية أندية ومنتخبات).
كان الاتحاد العربي لكرة القدم مشرفاً رسمياً على مسابقة الكرة في الدورات الرياضية العربية التي كان ينظر اليها على أنها الأبرز بين عشرات المسابقات وكان ينظر لميداليتها الذهبية (نالها الأردن مرتين متتاليتين عامي 97 و99 في بيروت وعمان) على أنها أهم وأغلى الميداليات.
كان الاتحاد العربي لكرة القدم في عهد رئيسه الراحل الأمير فيصل بن فهد بن عبد العزيز يرحمه الله نموذجا يحتذى في الايثار والمبادرات والمسابقات والنشاطات التي تعدت حدود عالمنا العربي الكبير.
بعد صدمة رحيل الأمير فيصل بن فهد وتولي شقيقه الأكبر الأمير سلطان بن فهد المسؤولية.. مضى الاتحاد العربي الى مرحلة أخرى من التحليق في سماء الكرة العربية مستفيداً من أساس قوي ومتين في عهد الأمير الراحل الذي امتد منذ منتصف السبعينيات وحتى أواخر التسعينيات. قبل أيام ترجل الفارس عن جواده و «الفارس هنا عثمان السعد» الذي احتفظ بموقعه أميناً عاماً للاتحاد العربي لكرة القدم لقرابة أربعين عاماً مفضلاً الاستراحة والتفرغ لموقعه الكبير الآخر أميناً عاماً لاتحاد اللجان الأولمبية العربية (التسمية الجديدة للاتحاد العربي للألعاب الرياضية) .
خسرنا خبرات وقدرات وحيوية وأفكار وطموحات وتطلعات وجرأة الأمين الطائر عثمان السعد.. الذي يستحق منا اليوم لمسة وفاء وتحية خاصة له ولرفيق عمره ورحلته وليد الكردي ولمواطنه المخلص عبدالله الشايع وباقي أركان الأمانة العامة.
وكسبنا حيوية وشباب الأمين العام الجديد سعد جمعان الغامد الذي وجد نفسه أمام تحديات جديدة تمر بها كرتنا العربية واتحادها العربي.
بعد بيع شبكة راديو وتلفزيون العرب (art) حقوقها الرياضية ل«الجزيرة الرياضية» وتنازلها عن حقوقها ببطولة دوري أبطال العرب.. نرى الاتحاد العربي لكرة القدم هذه الأيام في موقف لا يحسده عليه أحد.
ثقتنا كبيرة بل وكبيرة جداً بمواصلة الدعم السعودي الكبير لاحتضان المقر والانفاق على أنشطته وكوادره.
وثقتنا أكبر بحماس الأمير سلطان بن فهد للعودة بالاتحاد العربي لكرة القدم الى موقعه الذي ينبغي أن يبقى فيه محلقاً عالياً.
وثقتنا كبيرة كذلك بالدور الذي ينبغي على الاتحادات الأهلية العربية القيام به اسهاماً في دعم أنشطة اتحادهم العربي وبطولاته.
الاتحاد العربي لكرة القدم يملك ميزة الجمع بين قارتين عملاقتين (آسيا وافريقيا) والكرة العربية هي الآن سيدة آسيا بانجاز العراق وسيدة افريقيا بانجاز بل اعجاز مصر.. والأندية العربية «الآسيوية والافريقية» متألقة ومتفوقة منذ سنوات طويلة ومكانها عال ومرتفع على منصات التتويج في أقوى بطولات الأندية الآسيوية والافريقية.
الكرة العربية ما كان لها التحليق والارتقاء الى هذا الارتفاع لولا ديمومة وانتظام أنشطة الاتحاد العربي لكرة القدم، وهذه حقيقة ينبغي الاعتراف بها حتى من كل أولئك الذين ظلوا يحاولون دون جدوى التقليل من شأن البطولات العربية والنظر اليها على أنها حمل زائد ينبغي التخلص منه والتركيز على البطولات القارية الآسيوية والافريقية.
الاتحاد العربي لكرة القدم كان سباقاً ومتفوقاً على الاتحادين الآسيوي والأفريقي في انتظام وتسويق وجماهيرية بطولاته.
الآن علينا جميعاً دعم اتحاد العربي لكرة القدم.. لا التخلي عنه أو القضاء عليه لغاية في نفس يعقوب.
كرتنا الأردنية (وهذه حقيقة أخرى) استفادت كثيراً من انتظام حضورها في بطولات الاتحاد العربي ودعمه ولهذا نرى كرتنا الأردنية خاسرة أكبر فيما -لا سمح الله- لو قدر لنشاطات الاتحاد العربي أن تدفع ثمناً باهظاً لتداعيات وتطورات الشهور الماضية.
الاتحاد العربي لكرة القدم ليس بديلاً عن الاتحادين الآسيوي والافريقي ولكنه ينبغي ألا يكون ضحية محاولات البعض في هذين الاتحادين القضاء عليه وعلى بطولاته خدمة للبطولات الآسيوية والافريقية.
اتحادنا العربي لكرة القدم.. مطالب الآن بمؤتمر كروي عربي شامل يبحث في الأسباب ويضع الحلول بهدوء دون استعجال وبطموح دون استسلام.
والله الموفق
"نقلا عن صحيفة السبيل الاردنية"