رأس السنة
عند منتصف الليل
تنتصف أيضآ الروح و تنقسم إلى قسمين
مثل التفاحة عندما تباغتها السكين .
في هذه الليلة يتذكر البعض ماضيه وأيامه ولياليه وصباحاته ومساءاته التي تساقطت من عقد عمره ،
بعضها حزين وبعضها مفرح وأخرى تبعث على الأسى
وأخرى بيض في ذلك الماضي كله الساقط بالتدريج من شجرة العمر . في هذه الليلة تكثر الأماني والإمنيات والدعوة والدعوات والتضرع إلى الله أما بصوت عالي مسموع أما بالقلب والروح همسآ ،فالقلب يهمس مع العقل والعقل يهمس مع القلب والإثنين أمام إرادة الله . أنتِ تريدين وأنا أريد وهو يريد وهم يريدون والكل يريد والله يفعل ما يريد . الكل يتطلع إلى المستقبل إلى الأمام والليالي الآتيه التي لا يعرف مصيرها و واقعها ومساراتها الغامضة . في هذه الليلة تهجم صور الأحبة وتكثر المسجات إلى الأحبة والأصدقاء والأحباب وأحب الأحباب وتكثر التهاني والتبريكات والأماني والأمنيات والدعوة والدعوات وفي هذه الليلة تكثر أيضآ القبلات . في هذه الليلة تأتي صور الذين رحلوا
بعضهم رحل أوج عمره وبعضهم شبع من العمر
لكن أقسى أنواع الرحيل هي تلك التي تطوي الأطفال .
وأكثر الأطفال الذين يطووون في الحروب وأكثر الحروب تقع في قوسنا العربي الحزين . فهي ليلة بالغة القسوة والحلاوة في آن واحد للذين يطردون الوحشة من أعماقهم وكياناتهم النفسية والروحية ، فمن حقهم أن يعيشوا الحياة بحلوها وبمرها وهؤلاء من حقهم أيضآ أن يتذوقوا ملح الطعام .
والنفس البشرية لو لم تكمن كذلك لكانت الحياة كلها سكرآ أو كلها ملحآ بالكامل وهذا يؤدي إلى الملل وربما إلى القرف
والملح بالكامل يؤدي هو الأخر الشيىء نفسه .
ليلة الرأس وداع وإستقبال وربما هبوط وإقلاع
في هذه الليلة يتقدم العمر سنة إلى الأمام يتقدم سنة إلى مربع التراب .
عساكم من عواده
نجيب ايوب
المفضلات