بسم الله الرحمن الرحيم
تجديد الثقة بالله
الحمد لله أسبغ النعم ، وكفى النقم ، تفضل على المحسن بالأجر ، وعلى المسيء بالمغفرة والستر ،
من توكل عليه كفاه ، ومن سأله أعطاه ، لا معبود بحق سواه ، ثم الصلاة والسلام على النبي المهداة ،
والنعمة المسداة ، محمد وآله وصحبه ومن والاه ، إلى يوم يحشر العبد لمولاه ، فيسرّ من اهتدى بهداه ،
ويندم من فرط وعصاه ... وبعد :
الانسان في هذه الحياة قد تشتد به المحن وتعتريه المصاعب و تتنزل به الألم وتتقطع به السبل
ويتخلى عنه الأصدقاء وقد يشمت به الأعداء، فما عساه يفعل؟ يستسلم ليأسه ويخنع لحزنه،
و قد يلتمس العون والحل من عبد ضعف مثله -وهذا حال الكثير منا اليوم – فيضل عن الطريق المرسوم له
وينحرف فتسقط قيمته وتخدش طهارته.
او يلجأ الى خالقه ويحسن الظن بفرجه ويجدد الثقة فيه والتوكل عليه فيطمئن قلبه وتسكن نفسه ويرتاح باله.
يقول الله سبحانه في حديثه القدسي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : يقول الله تعالى :
(أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم ،
وإن تقرب إلي بشبر تقربت إليه ذراعا ، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا ، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة) رواه البخاري ومسلم .
فلنعلم اخي المسلم انا ما اعترانا من محن ومصاعب وحتى مصائب فهي امتحان من الله وابتلاء ولنتثبت ونصبر ونحتسب
ولنعلم علم اليقين ان كل ما والام بنا هو اختبار الهي اما نصبر فننجح ونفلح واما نرسب ونفشل
يقول الله تعالى إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ
وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ .وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ .
أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ) ال عمران(140-142)
انه اختبار لايمانك وصدقك وصبرك وثباتك وقوة اخلاصك وتمحيص يميز الله به الناس ويفرق ويقيم الحجة علينا فاما
ان نكون من الصابرين الصادقين المحتسبين،واما ان نكون من الذين نسوا الله ونكصوا على اعقابهم والتمسوا العزة في غير طريقه.
فلنعلم اخي المسلم ان كل ذلك هو خيرا لنا .مصدقا لقوله عليه السلام (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ؛
إن أصابته سرّاء شكر ؛ فكان خيراً له ، وإن أصابته ضرّاء صبر ؛ فكان خيراً له ). رواه مسلم
وقال صلى الله عليه وسلم ايضا: «مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ،وَلاَ وَصَبٍ، وَلاَ هَمِّ، وَلاَ حُزْنٍ، وَلاَ أَذًى، وَلاَ غَمِّ،
حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا؛ إِلاَّ كَفَّرَ الله بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ».وراه مسلم
فلنقف وقفة متأمل في قول العارف بالله ابن القيم رحمه الله حين يقول
(وإذا تأملت حكمته سبحانه فيما ابتلى به عباده وصفوته بما ساقه به الى اجل الغايات وأكمل النهايات
التي لم يكونوا يعبرون اليها إلاّ على جسر من الإبتلاءوالإمتحان وكان ذلك الجسر لكماله كالجسر الذي
لا سبيل الى عبورهم الى الجنة إلاعليه وكان ذلك الإبتلاء ولامتحان عين المنهج في حقهم والكرامة فصورته
صورة ابتلاء وامتحان وباطنه فيه الرحمة والنعمة .فكم لله من نعمة جسيمة ومنه عظيمة تجنى من قطوف الإبتلاء والإمتحان)
فلنجدد يقيننا بالله ونحسن توكلنا عليه وثفتنا في عدله وانصافه واحسانه ،ٍفلا ملجأ ولا منجى منه إلا إليه.
واعلم بأنك عبدٌ لا فِكاك له والعبد ليس على مولاه يعترضُ
المفضلات