من حدائق الأدب العربي
"الحمى أضرعتني لك"
يضرب هذا المثل في الذل عند الحاجة. ويروى :" الحمى أضرعتني للنوم".
قال المفضل : أول من قال ذلك رجل من كلب يقال له مرير وكان له أخوان أكبر منه يقال لأحدهما مرارة والآخر مرة، وكان مرير لصا مغيرا يقال له الذئب ثم إنه ذات مرة خرج مرارة يتصيد في جبل لهم فاختطفته الجن وبلغ خبره أهله فانطلق مرة في أثره حتى إذا كان بذلك المكان اختطف وكان مرير غائبا فلما قدم بلغه الخبر، فأقسم لا يشرب خمرا ولا يمس رأسه غسل حتى يطلب بأخويه فتنكب قوسه وأخذ أسهما ثم انطلق إلى ذلك الجبل الذي هلك فيه أخواه فمكث فيه سبعة أيام لا يرى شيئا حتى إذا كان اليوم الثامن إذا هو بظليم فرماه فأصابه حتى وقع الظليم في أسفل الجبل فلما وجبت الشمس بصر بشخص قائم على صخرة ينادي:
يا أيها الرامي الظليم السود ***** تبت مراميك التي لم ترشد
فأجابه مرير:
يا أيها الهاتف فوق الصخرة ***** كم عبرة هيجتها وعبرة
بقتلكم مرارة ومرة ***** فرقت جمعا وتركت حسرة
فتوارى الجني عنه فترة من الليل وأصابت مريرا حمى فغلبته عيناه فأتاه الجني فاحتمله وقال له: مأنامك وقد كنت حذرا؟ فقال مرير: " الحمى أضرعتني للنوم"، فذهبت مثلا، وقال جرير:
من مبلغ فتيان قومي ***** بما لاقيت بعدهم جميعا
غزوت الجن أطلبه بثأري ***** لأسقيهم به سما نقيعا
فيعرض لي ظليم بعد سبع ***** فأرميه فأتركه صريعا
"المنتقى من أمثال العرب". سليمان بن صالح الخراشي
المفضلات