بطارية ضئيلة الحجم لأجهزة الدقيقة
بزغت الثورة العلمية التي أمكنها تجاوز وقع الراديو الترانزيستور والسيارات بسرعة الضوء منذ بدايتها منذ اكثر من عقد مضى، مع وجود مؤسسات حول العالم تتنافس لتجد لنفسها مكانة في عالم يلهث وراء الحجم الأصغر للأجهزة الالكترونية.
فمثلا، احدث العلماء انفجارا تكنولوجيا في شركة (انترناشيونال بزنيس ماشينس) IIBM في عام 1990 عندما قاموا باستخدام ميكر وسكوب يعمل بالطاقة الذرية لوضع الذرات في مكانها الصحيح لكي يتم كتابة هذه الأحرف المشهورة IBM، واعتبر ذلك انجازا عظيما لانه تم تركيب شيء ما، بالرغم من انه كان فقط للدلالة، فهي ذرة واحدة كل مرة.
ومنذ عقود مضت، كانت هناك حاجة لاستغراق عدة سنوات لكي يتحقق هذا النوع من الإنجاز على أرض الواقع، ولكننا الآن في عصر الإلكترونيات، والتقدم في التكنولوجيا المجهرية في مجال تطوير الادوات العلمية البالغة الدقة، التي تعتبر بنفس الكبر اليوم مقارنة بصغر حجم مكوناتها.
وطبقا للمؤسسة العلمية الوطنية، تقوم 17 وكالة وطنية بالتعاون في مجال التكنولوجيا المجهرية، ويقومون بدعم تطويرها بحوالي بليون دولار سنويا، وسبب اهتمامهم بهذه التكنولوجيا يرجع إلى ان الأجهزة الحديثة البالغة الدقة بحيث يمكن رؤيتها فقط من خلال الميكروسكوب القوي يمكن ان تنقل في يوم من الأيام الأدوية من خلال الشرايين إلى المكان المحدد المطلوب في الجسم، ويمكنها الكشف عن المواد الخطرة غير المرئية للعين المجردة، أو تزويد الطاقة للهاتف النقال لمدة أشهر طويلة.
طاقة ضئيلة للأجهزة الضئيلة
يبدو أن قائمة التطبيقات ليس لها نهاية ويعتقد بعض الخبراء أن الاجهزة الالكترونية الاستهلاكية التي تحتوي على مكونات بحجم واحد على بليون من المتر أي واحد نانومتر سوف تكون في الاسواق خلال خمس سنوات، وفي مجال مازال صغيرا ويتحرك بهذه السرعة، من الصعب رؤية الاحداث الهامة، ولكنه تقدم من مرحلة البحث النظري إلى التقنيات الحائزة على براءة الاختراع والتي سوف تشكل الاساس لنموها وتطورها.
وتم إصدار إحدى براءات الاختراع المذكورة إلى جامعة «تولسا» لاختراعها بطاريات بالغة الصغر بحيث انه اذا تم وضع 40 منها بجانب بعضها سوف تكون بعرض شعرة واحدة من شعر الانسان.
فقد قام بروفيسور الكيمياء دال تيترس واثنين من طلبة الكيمياء الهندسية لديه السابقين، نينا كورزوفا ولاين فيشر، بإنشاء آلاف البطاريات الضئيلة التي يمكن لكل واحدة منها ان تزود طاقة تصل إلى 5 ،3 فولت.
ويقول تيترس (هذه البطاريات لن تشغل مصابيح الجيب الكهربائية لانها صغيرة جدا وسوف يتم استنفاذ طاقتها بسرعة، وهناك كمية ضئيلة من الطاقة ولكن اذاكان لديك جهاز ضئيل للغاية عندئذ سيعمل هذا الجهاز للمدة التي يحتاجها).
ويمكن استخدام هذه البطارية الضئيلة لتشغيل غواصة بحجم الميكروب داخل الاوعية الدموية للمريض مثل تلك التي تم عرضها في فيلم من أفلام الخيال العلمي في عام 1996، ويقول تيترس انه كان يعتبر هذا الفيلم خيالا علميا محضا، الا ان شركة في المانيا قامت فعلا بتطوير هذه الغواصة.
الروبوت الآلي يبني عوالم قزمية
كما يتم كشف الستار ايضا عن ابتكارات اخرى يوميا تقريبا، حيث أعلن العلماء بجامعة كاليفورنيا سان دياجو في الاسبوع الماضي انهم يقومون بتطوير شيءيطلقون عليه «التراب الذكي» وهو عبارة عن روبوت او اجهزة تحكم آلي أصغر من ذرة الرمال يمكنها ان تتحرك داخل الوريد او في الهواء او في الماء الملوث لكي تحمل الدواء او لكشف المواد الخطرة.
ومن ناحية اخرى يعمل علماء آخرون في مجال تطوير الروبوت الذي يمكن استنساخ نفسه ذاتيا، او يمكن أن يقوم بتجميع نفسه ذاتيا، والتي يمكنها ان تنشأ العالم الخاص بها، إما على كوكبنا او على كوكب آخر.
ويعتقد تيترس وطلابه ان لهم الريادة من خلال براءة الاختراع التي حصلوا عليه الآن «البطارية او على الاقل نوع من تزويد الطاقة يعتبر هاما لكافة تلك الاشياء، ولهذا السبب فإن المسؤولين في اثنتين من الشركات الالكترونية الرئيسية، سانيو وباناسونيك، قاموا بالتحدث معه في مؤتمر دولي عقد في باريس في شهر مايو الماضي. ويقول تيترس انه لم يتم ابرام عقود حتى الآن حيث أن الوقت مازال مبكر، لأنه في الوقت الحالي ليس هناك سوقا بهذا القدر للبطاريات الضئيلة بسبب عدم وجود اجهزة ضئيلة كثيرة لتقوم بتشغيلها، ولكن ليس هناك شك بان هذا السوق سوف ينمو.
حرب الروبوت؟
وليس هناك شك ايضا ان تلك الاجهزة الضئيلة سوف تعمل على تغيير حياتنا جميعا، ومن الطبيعي أن يسبب هذا الموضوع القلق للكثير من الاشخاص، فالنشطاء في جميع انحاء العالم يطالبون الادارات الحكومية بدراسة عن قرب لتأثير التكنولوجية القزمية على المجتمع، ماذا سيحدث اذا اطلقنا ملايين الملايين من الروبوتات لتجوب العالم بحثا عن اشياء لا نعرفها؟ هل سوف نفقد السيطرة؟ وقد يعتبر هذا القلق مبالغ فيه، الا انه حقيقي، ومن المنتظر ان تتزاحم الحقائق والخزعبلات من كلا الجانبين في الجانب الفلسفي لسنوات عديدة، فقد قامت المؤسسة العلمية الوطنية في أمريكا بدفع مليوني دولار للقيام بأبحاث على التأثيرالمجتمعي للتكنولوجية القزمية، فيما تقوم إدارات أخرى ضمن نطاق واسع خارج الدولة بنفس الشيء.
ويؤمل من خلال مهاجمة هذا الموضوع في مرحلة مبكرة ان يتم تقييم الجوانب الجيدة والسيئة لهذه التكنولوجية بشكل منطقي.
المفضلات