(9/12)
فتاوى الشيخ عبد الله بن جبرين حفظه الله
فتاوى متنوعة
الحدود
(10/1)
السؤال:-
بعض الشباب عندما تنصحهم عن شرب الدخان يقولون إنه مكروه، فما توجيهكم حول ذلك؟
الجواب:-
لا شك أن الدخان خبيث، وليس من الطيبات، والله تعالى ما أباح إلا الطيبات، بقوله تعالى (كلوا من طيبات ما رزقناكم)(البقرة:172) وبقوله ( كلوا من الطيبات)(المؤمنون:51) وقال (ويحل لهم الطيبات، ويحرم عليهم الخبائث)(الأعراف:157) فالدخان خبيث الرائحة، وخبيث الفعل، وقد قرر الأطباء المعتبرون أنه خبيث، وأنه ضار بالجسم، ضار بالصحة، وسبب في إحداث كثير من الأمراض كالسرطان والسل الرئوي والسعال، وأمراض أخرى، ولو لم يكن فيه إلا أنه خسران مبين، وإتلاف للمال في غير فائدة، فكم صرف فيه من المال الذي يذهب هباء، ويحرق ويضر ببدن صاحبه، والله تعالى قد نهى عن إفساد المال بقوله: (لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل)(النساء:29) فمن أدمن على الدخان فقد أفسد ماله، وسعى في قتل نفسه، وقد ذكر الأطباء أن التدخين انتحار بطيء، بمعنى أنه يؤدي إلى الموت ولو تأخر زمانه، ثم إن تركه سهل يسير، ولكن يحتاج إلى عزم وقوة قلب، فكم من إنسان تعاطاه زمنا طويلاً ثم تركه، ولم يعد إليه وعافاه الله من شره، ونحيل القارئ إلى رسالتنا التي بعنوان ( التدخين مادته وحكمه في الإسلام) وغيرها من الرسائل المؤلفة في هذا الموضوع، والله أعلم.
(10/2)
السؤال:-
قام أحد الأخوان بالإنكار بشدة على شخص في مسألة فيها خلاف بين العلماء، فرد عليه ذلك الشخص بقوله لا يحق لك أن تنكر علي في هذا، فالمسألة فيها سعة، فما هي ضوابط إنكار المنكر؟ وهل صحيح أنه لا ينكر في المسائل الخلافية؟ وما حكم من ينكر على الغير في المسائل الخلافية؟
الجواب:-
المسائل الخلافية هي التي تكون محل اجتهاد، وليس فيها نص صريح، ولا دليل صحيح يرجح أحد القولين، ووقع فيها الخلاف بين الأئمة المشهورين، وهي تتعلق بفروع الشريعة فهذه لا ينكر فيها بشدة على أحد المجتهدين مثل الجهر بالبسملة، والقراءة خلف الإمام، والتورك في الثنائية، وقبض اليدين بعد الرفع من الركوع، وعدد تكبيرات الجنازة، ووجوب الزكاة في العسل وفي الخضروات والفواكه، والفطر بالحجامة، ووجوب الفدية على المحرم إذا نسي وقص شعره أو تطيب ناسياً، ونحو ذلك أما إذا كان الخلاف ضعيفاً ومصادماً لنص صريح فإنه ينكر على من تركه، ويكون الإنكار بالدليل، كرفع اليدين عند الركوع والرفع منه والطمأنينة في الركوع والسجود والرفع منها، والتأمين مع رفع الصوت به في الجهرية، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد، ووجوب السلام للخروج من الصلاة، ونحو ذلك، أما إذا كان الخلاف في العقائد، كصفة العلو والاستواء، وإثبات الصفات الفعلية لله تعالى، وخلق أفعال العباد، والتكفير بالذنوب، والخروج على الأئمة، والطعن في الصحابة، وصفة البداء لله تعالى، والغلو في علي وذريته وزوجته، وإخراج الأعمال من مسمى الإيمان، وإنكار الكرامات، والبناء على القبور، والصلاة عندها، ونحو ذلك فهذا ينكر على من خالف فيها بشدة، حيث أن الأئمة متفقون فيها على قول السلف، وإنما جاء الخلاف من المبتدعة أو من بعد الأئمة، والله أعلم.
(10/3)
السؤال:-
أقوم في بعض الأحيان بالتحقيق في أخطاء تقع من بعض الموظفين ونعد بعضهم بوعود في حال اعترافهم وإقرارهم، وبعد ذلك لا نلتزم بما وعدناهم به ونطبق عليهم العقوبات والجزاءات الخاصة بتلك الأخطاء فما حكم هذا العمل؟
الجواب:-
كان الواجب على الموظف النصح والإخلاص في عمله، والبعد عن الغش والخيانة، والغدر والكذب، ومتى وقع منه خطأ فلا يؤاخذ عليه، لقول الله تعالى (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا)(البقرة:286) وقول النبي صلى الله عليه وسلم (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان) أما إذا تعمدوا المخالفة، وبدر منهم ما يخل بالعمل، أو يخالف التعليمات، فإن عليهم الاعتراف بالمخالفة، والإقرار بما صدر منهم، وعليهم طلب العفو والصفح، والالتزام بعدم العودة إلى مثل ذلك، ومتى تعهدوا بذلك فالصفح عنهم أولى، إذا لم يكونوا أهل تساهل، وكثرة مخالفة، ولكم تطبيق العقوبات والجزاءات على من تكررت منه المخالفات التي تخل بالعمل، فأما أن تعدوهم وعدا بالعفو مقابل الاعتراف، ثم تخلفون الوعد، فإن هذا لا يجوز، لأنه كذب وخلف للوعد، والكذب وخلف الوعد من صفات المنافقين، والله أعلم.
(10/4)
السؤال:-
ما حكم من يكتشف شخصاً ما على معصية، ويستر عليه، ويكتفي بنصحه، رجاء صلاحه وهدايته؟ وهل يأثم لأنه لم يدل عليه الجهات المختصة؟
الجواب:-
يجوز الستر عليه إذا لم يكن من أهل التهاون بالمعاصي، ولم يعرف منه كثرة اقتراف الذنوب، وارتكاب المحرمات، ففي هذه الحالة ينصحه ويخوفه، ويحذره من العودة إليها، أما إن كان صاحب عادة وفسوق، فلا تبرأ ذمته حتى يرفع بأمره إلى من يعاقبه بما ينزجر به، أما إن كانت المعصية فيها حق لآدمي، كما لو رآه يسرق من بيت أو دكان، أو رآه يزني بامرأه فلان، فلا يجوز الستر عليه لما فيه من إهدار حق الآدمي، وإفساد فراشه، وخيانة المسلم، وكذا لو علم أنه القاتل أو الجارح لمسلم، فلا يستره ويضيع حق مسلم، بل يشهد عليه عند الجهات المختصة بأخذ الحقوق، والله أعلم.
(10/5)
السؤال:-
قبل فترة شََكيْتُ في نفسي أن أكون مريضاً بمرض، وذهبت إلى دكتور، وعملت الفحوصات اللازمة، وقبل أن تظهر نتيجة الفحوصات نذرت بيني وبين نفسي أني إذا كنت سليماً من هذا المرض عليّ لله تعالى أن أقلع عن التدخين، وفعلاً ظهرت نتيجة الفحوصات أني والحمد لله سليم من هذا المرض، وأقلعت عن هذا التدخين فترة أكثر من شهر ثم رجعت أدخن إلى حد الآن، ولم أستطع أن أقلع عنه أبداً، ماذا علي أن أفعل؟ هل أوفي بنذرى ورغم أنني لم أستطع أن أوفي بهذا النذر، ماذا علي أن افعل؟
الجواب:-
لقد أخطأ أولاً بشرب الدخان، فهو محرم، ويضر بالجسم ضرراً بيناً، وينصح عنه الأطباء وأهل العلم، حتى من ينتجه أو يشربه. وأما تركه فليس فيه صعوبة، وكم من إنسان ابتلي به عددا من السنين، ثم شفاه الله منه، وأصبح تاركاً له بدون كلفة، وبدون نذر، ثم إنا ننصحك أن تقلع عنه دفعة واحدة، وتفطم نفسك منه كفطام الصغير من ثدي والدته، وبذلك تسلو عنه وتسلم من ضرره. فأما نذرك فإن لم تقدر على الوفاء به فلابد من كفارة، وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعم أهلك، والله أعلم.
(10/6)
السؤال:-
رجل مبتلى بشرب الدخان، ولكنه متمسك بأمور دينه الأخرى، إن شاء الله، من صلاة، وزكاة، وصوم، وحج وتلاوة، ونوافل، ويخشى الله في كل شيء، ويرى في بعض الأماكن والمجالس وغير ذلك من الأحوال تصرفات سيئة، ومزحات فاحشة، وغيبة ونميمة، وترك صلاة، وغير ذلك من المنكرات فينهرهم دائماً وينصحهم ويرشدهم إلى الخير، ويخبرهم أن هذه أعمال منكرة وباطلة، لكنهم ينهرونه، ولا يلتفتون إليه، ويتغامزون، إلا العقلاء منهم، ويقولون: هذا شارب دخان وينصحنا، فلينصح نفسه، فينحرج الرجل الطيب هذا، ويتصبب عرقاً. فهل على هذا الرجل أن يتوقف عن الإنكار والإرشاد، أو يستمر ولا يبالي بهم ويجاهد في سبيل الله مهما حصل، فله شوق كبير إلى دوام النصيحة والإرشاد، ودعوة الناس إلى الخير. فما قول فضيلتكم جزاكم الله خيراً.
الجواب:-
عليه أن يستمر في نصحه وإرشاده، وأمره بالمعروف، ونهيه عن المنكر، ودعوته إلى سبيل ربه بالحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادلة، بالتي هي أحسن، وأن يقنع من ينصحهم، ويقيم عليهم الحجة، ويأمرهم بقبول الحق ممن جاء به ولو كان عاصياً أو عدوا، وأن يأخذوا بقوله ولا ينظروا إلى عمله، فإن على الحق نوراً، وأن يحرص على التوبة من هذا الداء الدخيل وهو الدخان، ويقلع عنه بتاتاً، ويعزم على تركه ولو أحس بضرر أو دوخة، أو ألم في أول الأمر، فمع الجزم والحزم يعينه الله، وعليه أن يهجر أهل التدخين، ويبتعد عنهم، حتى يوفقه الله للاقلاع عن الدخان، وحصول السلامة منه، فهناك يقبل ما يقول، ويقتدى بالقول منه.
(10/7)
السؤال:-
أرجو من فضيلتكم إفتائي في موضوع امرأة مطلّقة من زوجها، بسبب ارتكابها الفاحشة، وتم تعزيرها بالسجن عشرة أشهر، والجلد مائة وخمسين جلدة بموجب صك شرعي، ولديها من زوجها ثلاث بنات، واحدة عشر سنوات، واثنتان دون سبع. وهي تطالب بحضانة أو رؤية بناتها، وهي بعيدة عنهم، ما يزيد عن عام. هل من حق الأم رؤية بناتها أو حضانتهم؟ وهي تطالب القاضي بذلك.
الجواب:-
أرى أن حدها هو الرجم بالحجارة حتى تموت، ولا يكفي تعزيرها بالسجن، ولا بالجلد، ولا بالطلاق، فيراجع القاضي في هذا التعزير، ولابد من ذكر الدليل في الاقتصار على الجلد، مع وجوب الرجم، فإن كان له دليل، وقد سقط عنها الرجم، فلها الحق في رؤية بناتها أسبوعياً، أو شهرياً، أو سنوياً، بقدر الحاجة، وليس للأب منعها، والتفريق بينها وبينهم، (فمن فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته).

المفضلات