بدء العد التنازلي للتنافس العربي على منصب رئيس الفيفا

تشهد الانتخابات الرئاسية للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) التي تجرى في 26 شباط/فبراير المقبل حدثا فريدا من نوعه حيث يتنافس رجلان عربيان على المقعد الحاكم للرياضة الشعبية الأولى في العالم.

ومن الصعب بكل تأكيد التكهن بنتيجة المواجهة التي تجمع البحريني الشيخ سلمان بن ابراهيم الخليفة رئيس الاتحاد الاسيوي والأمير علي بن حسين رئيس الاتحاد الاردني وغرب اسيا لكرة القدم.

ووضعت هذه المواجهة المسؤولين العرب بقوة على الخريطة العالمية لكرة القدم، لكنها أيضا قد تأتي بنتائج عكسية في حال فشل الشيخ سلمان والأمير علي في الفوز برئاسة الفيفا وذهاب المنصب إلى أي من الفرنسي جيروم شامبين والسويسري جياني انفانتينو والجنوب افريقي توكيو سيكسويل.

ورغم أن الشيخ سلمان كان أخر من تقدم بأوراق الترشح لانتخابات رئاسة الفيفا وذلك في اليوم الأخير من المهلة القانونية التي حددها الاتحاد الدولي والتي انتهت في 26 تشرين اول/اكتوبر الماضي، لكنه استبق الجميع في الكشف عن برنامجه الانتخابي ورؤيته الإدارية والفنية بشأن ما ينبغي عمله كقائد محتمل للفيفا.

ويتضمن البرنامج الانتخابي للشيخ سلمان تقسيم الاتحاد الدولي لكرة القدم إلى قسمين، القسم الأول يتعلق بكرة القدم والقسم الثاني يختص بإدارة الأعمال ، حيث يؤكد أن هذه هي الطريقة الوحيدة لضمان إعادة إحياء الفيفا من جديد لكي تكون المؤسسة خاضعة للمساءلة وتحظى بالاحترام.

وتعهد الشيخ سلمان باتباع أساليب جديدة في الهيكل المالي للفيفا وصولا إلى الصيغة العادلة بين الايرادات والمصروفات.

وقال الشيخ سلمان: "يجب إعادة هيكلة الاتحاد بدءا من القمة الى القاع، وذلك من خلال عملية إصلاح تنظيمي شامل، وإرساء آليات ضبط صارمة تتيح لنا إعادة إطلاق الفيفا من منظور شامل، إذ أنه وتحت قيادتي سنعمل على حشــد جميع السبل المهنية للارتقاء بالمنظمة والنهوض بها، لضمان إعادة ولادة ناجحة ودائمة".

وسبق وأن خسر الشيخ سلمان في انتخابات اللجنة التنفيذية للفيفا في مواجهة القطري محمد بن همام رئيس الاتحاد الاسيوي السابق في أيار/مايو 2009 لكنه توارى بصمت ليتخذ خطواته في هدوء حتى ظهر في تشرين أول/أكتوبر، 2011 معلنا أنه سيخوض انتخابات رئاسة الاتحاد الاسيوي لكرة القدم لتنطلق قصة الشيخ البحريني الطموح بسرعة البرق حيث نجح في غضون عامين فقط في تحويل خسارته إلى فوز مستحق وينجح بالفعل في الوصول إلى مقعد رئاسة الاتحاد الاسيوي.

ولكن هل تستمر نجاحات الشيخ سلمان ويصل إلى مقعد رئاسة الفيفا؟ الإجابة لن تعرف قبل 26 شباط/فبراير المقبل.

ومن جانبه مازال الامير علي بن الحسين يركز على الشفافية والنزاهة فهو يؤمن بأن النزاهة هي اللقاح الأكثر فعالية لإنقاذ الفيفا والعالم الكروي، مؤكدا أنه دخل سباق الانتخابات الرئاسية لتحقيق هذا الهدف.

وقال الأمير علي ردا على سؤال يتعلق بدوافعه الشخصية للترشح: "ليس من المهم هوية الشخص، قارته أو دينه، ينبغي اختيار الشخص المناسب، شخص نشعر أنه سيتم قبوله من الجميع، وأن الناس تثق به، شخص لديه الخبرة والكاريزما لتقول إنه يستحق أن يكون قائداً، أريد أن أكون هذا الشخص فحسب".

يرى الأمير علي أنه الوحيد الذي وقف في مواجهة العجوز السويسري جوزيف بلاتر رئيس الفيفا خلال الانتخابات التي جرت في أيار/مايو الماضي رغم خسارته في نهاية المطاف.

وأوضح الامير علي: "فوزي هو انتصار للنزاهة والشفافية وسأواصل المشوار حتى النهاية وأرفض الحديث عن تأجيل الانتخابات فالوقت يمر بدون وجود قائد".

وهناك وجهة نظر ترى أن دخول الشيخ سلمان والأمير علي في منافسة على مقعد رئاسة الفيفا قد يصب في صالح مرشح أخر، بينما يرى أخرون أنه في ظل العقوبة المفروضة على ميشيل بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) وغيابه عن الانتخابات الرئاسية للاتحاد الدولي فإن مشاركة الفرنسي جيروم شامبين والسويسري جياني انفانتينو في الانتخابات ستكون شرفية كما أن الجنوب افريقي ساكسويل لا يمتلك الشعبية اللازمة للفوز بالمنصب مما يعني أن المنافسة ستكون منحصرة بين المسؤولين العربيين.

و لم يتبرأ الشيخ سلمان من حليفه الفرنسي ميشيل بلاتيني، حيث قال: "أيدت ميشيل بلاتيني في الماضي، ولم يكن لدي أي نية للترشح لهذا المنصب، ولكن بعد كل الأحداث التي وقعت، وجدت كل من حولي يطالبني بضرورة الترشح".

ومنذ عام 2009 لم يخسر الشيخ سلمان أي معركة انتخابية وكانت أخر نجاحاته، الفوز بالتزكية في ولايته الثانية في رئاسة الاتحاد الاسيوي في نهاية نيسان/ابريل 2015، اما الأمير علي بن الحسين فقد انتصر مرة واحدة منذ دخوله للمشهد الاسيوي وذلك في كانون ثان/يناير 2011 عندما فاز في العاصمة القطرية الدوحة بمنصب نائب رئيس الفيفا عن الاتحاد الاسيوي متفوقا على الكوري تشونج مونج.

لكنه فقد هذا المنصب بعد أن قررت الجمعية العمومية بالاتحاد الاسيوي منح المنصب مباشرة لرئيس الاتحاد في الاجتماع الذي جرى بمدينة ساوباولو البرازيلية في حزيران/يونيو 2014 كما أنه خسر انتخابات رئاسة الفيفا الأخيرة امام السويسري جوزيف بلاتر بعد انسحابه قبل الجولة الثانية من الانتخابات إذ حصل على 73 صوتا مقابل 133 صوتا لبلاتر.

ويبدو أن المواجهة قد بدأت مبكرا بين الشيخ سلمان والأمير علي، حيث طلب الأمير الاردني من الفيفا التحقيق في الاتفاق الذي وقع بين الاتحادين الاسيوي والافريقي لكرة القدم.

ووقع الاتحاد الافريقي لكرة القدم (كاف) مذكرة تفاهم مع نظيره الاسيوي لتعزيز وتشديد التعاون وتعزيز المصالح المشتركة المختلفة بين افريقيا واسيا خلال السنوات الاربع المقبلة.

وقال الأمير علي أن توقيت الاتفاق قبل انطلاق الانتخابات الرئاسية للفيفا الشهر المقبل: "تبدو محاولة صارخة لتشكيل كتلة تصويتية".

وأشار الأمير علي إلى أنه ارسل خطابا إلى لجنة الانتخاب بالفيفا للمطالبة ببحث الاتفاق بين الكاف ونظيره الاسيوي.

وقال: "أشعر بالقلق بسبب وجود محاولة لانتهاك لوائح الانتخاب خلال الانتخابات الرئاسية للفيفا".

وأضاف: "ينبغي توجيه الاسئلة، هل تم الموافقة على مذكرة التفاهم من قبل اعضاء اللجنة التنفيذية في الاتحادين الاسيوي والافريقي، وهل أن وقت الاعلان قبل الانتخابات الرئاسية، مقبول؟".

وأوضح: "الآن وأكثر من أي وقت مضي فإن هذا الاستغلال الواضح لموارد الاتحاد يظهر للعالم أن تصرفات الأفراد يجب أن تتوقف عن النيل من سمعة الفيفا".

وفي نهاية المطاف فإن المعايير الانتخابية تتبدل والمفاجات تتوالى فمن كان يصدق ان بلاتر كان سيسقط الى قاع المجهول وتحيطه الفضائح من كل اتجاه، ويضطر لاتخاذ قرار التنحي بعد أربعة أيام فقط من فوزه بولاية خامسة في رئاسة الفيفا.

والصراع العربي على مقعد رئيس الفيفا ليس وليد اليوم فقد بدأ قبل خمسة أعوام عندما حاول القطري محمد بن همام منافسة بلاتر في انتخابات الرئاسة عام 2011 لكن الصراع انتهى بسقوط بن همام من المشهد الكروي للأبد، لكن هل يتغير الوضع هذه المرة ام تصبح هذه التجربة الوليدة مجرد ذكرى