((( حُلم بحجم مهد )))
أحلام طفولــة
من نبت الأرض ومن وجه الأرض ومن سحيق الأرض ومن تراب الأرضثيابه مصبوغة بالدمــاء ويداه إلى صدره خوفآ من أن تفلت منه الحيــاة ضاقت وضيقوا عليه الحرية فصغرت به الدنيــا وضاقت المساحات وتقـّلص الحلم حتى صار بحجم مهد صغير ووســادة صغيرة وقوت ليوم واحـد
ورغيف مغمس بالدم و بالدمــوع .
إبن بنت الأرض غـزة الطفولي الذي أضاع كلمات الطفولة وإستبدلها بقامـوس من مفردات البقاء والنضال والكرامة والشهادة والدمار والحطام والخوف والوجع والألم ، لا يحلم بالتعـّطــر والشوق واللعب في الملاهي أو حتى في الشارع ولا يحلم بالذهـاب إلى المدرسـة يوميآ وهو يحمل القلم والدفتر والكتاب ،كل هذه الأشياء التي مارسها بشكل عفوي وتلقائـي أعتبرها من بديهيــات الحيــاة المفروضة على كل طفل من أطفال العالم.إكتشف فجأة أنها كماليات ورفاهيات لا حاجة لها في حياة من يبحث عن وسيلة تبقيه على قيد الحياة وتخلصه من شبح الموت الذي يطارده في كل لحظة ويهدد أفراد أسرته.
محروم من كل الحقوق الإنسانية يلخص حلمه بأبسط ما يشغل أي طفل في العالم .يحلم طفل غزة أن يصحو على رائحة الطبيعة والتراب المبلول بندى الصبــاح
ويحلم بغسل وجهه بمــاء صافي
ويحلم بشرب كوب حليب دافىء
ويستر جسده بثياب لا يهم إن كانت جديدة أو قديمـة
الأهم خالية من رائحة المــوت
وخالية من دماء الأبرياء ممن تمزقت اجسادهم وتناثرت في كل مكانيحلم بالعيش بلا إرهاب مع أي فرد من أفراد أســرته طالما إن وجدوا كاملين العدد . بات محظورآ على أهل غزة في ظل الهيمنة المسعورة التي تسعى إلى تشتيته في الأرض
أو بين الدنيا والأخرة.
دمتم بالعوافي
نجيب ايوب