تطغى مشاركة الجنس اللطيف على بعثة لبنان في أولمبياد لندن 2012 الذي ينطلق في 27 تموز/يوليو الجاري حتى 12 من آب/أغسطس المقبل إذ شملت اللائحة التي أعلنتها اللجنة الأولمبية المحلية سبع لاعبات وثلاثة لاعبين.
"يتفرغ الرجال في لبنان لعملهم الشخصي ولا يحصلون على وقت كاف مقارنة مع النساء لاحتراف الرياضة"، هكذا تبرّر لوكالة "فرانس برس" لاعبة كرة الطاولة تيفين مومجوغليان التي تأهلت إلى الأولمبياد من بوابة لقب بطولة غرب آسيا، طغيان اللون النسائي على بعثة بلاد آلارز.
أندريا باولي بطلة التايكواندو تعتبر أن "الفتيات مصمّمات في لبنان أكثر من الرجال في عالم الرياضة"، وهي أيضاً حجزت بطاقتها إلى العاصمة الإنكليزية بعدما حلّت وصيفة في التصفيات الأولمبية التي أُقيمت في تايلاند.
تاريخياً، اقتصرت الميداليات اللبنانية في الأولمبياد على الرجال، فحصد زكريا شهاب فضية المصارعة اليونانية-الرومانية لوزن الديك، وخليل طه برونزية المصارعة اليونانية-الرومانية لوزن الوسط في هلسنكي 1952، ثم شهد أولمبياد ميونيخ 1972 تحقيق محمد الطرابلسي فضية رفع الأثقال للوزن المتوسط، فيما تعود آخر ميدالية لبنانية أولمبية إلى دورة موسكو 1980 عندما أحرز حسن بشارة برونزية المصارعة اليونانية-الرومانية لوزن فوق الثقيل.
بعثة الأولمبياد الحالي شهدت تطوراً نوعياً إضافياً تمثل بالمشاركة عبر التأهل للمنافسة في 3 ألعاب هي كرة الطاولة والتايكواندو والمبارزة (الأخوان زين ومنى شعيتو)، بالإضافة إلى مشاركة وفق نظام بطاقة الدعوة "وايلد كارد" التي شملت مسابقتي الرماية (راي باسيل) والجودو (كارن شماس) وبطاقة الدعوة "العالمية للألعاب" التي شملت السباحة كاتيا بشروش (800 م حرة) والسباح وائل قبرصلي (100 م صدراً) وألعاب القوى من خلال غريتا تسلاكيان (200 م) وأحمد حازر (110 م حواجز).
وارتفعت الأسهم النسائية فيما اقتصرت المشاركة في أولمبياد أتلانتا 1996 على لاريسا شعيب (كرة طاولة) وسيدني 2000 على رولا الحارس (سباحة) وأثينا 2004 على لينا بجاني وتسلاكيان (قوى)، وغزال جبيلي (سباحة) وبكين 2008 علي تسلاكيان (قوى) ونيبال يموت (سباحة).
مبادرات فردية
تحت الشمس الحارقة على مضمار مدينة كميل شمعون الرياضية في بيروت، تتمرن بطلة ألعاب القوى غريتا تسلاكيان تحت إشراف المدرب-الطبيب فاهيه إبراهيميان.
تسلاكيان (27 عاماً) هي أكثر المشاركات خبرة في الحدث العالمي، إذ خاضت نسختي 2004 و2008، وستركض هذه المرة في سباق 200 م حيث يبلغ رقمها الشخصي 23.56 ثانية سجلته في الألعاب العربية 2007.
وتقول العداءة المميزة صاحبة السجل الزاخر في الألعاب العربية والآسيوية في سباقي 100 و200 م والتي انطلقت استعداداتها في شباط/فبراير الماضي :"من الصعب أن أحطّم رقمي الشخصي، لأني بدأت موسمي متأخرة، لكن سأتنافس مع نفسي وقد أحقق مفاجأة. من الخطأ الاهتمام بالرياضيين قبل شهر، فالأولمبياد يتطلب سنوات من التحضير لكن ثقافة التعامل مع الرياضيين في لبنان مفقودة". لكن تسلاكيان أسرع عداءة عربية في سباق 200 م والتي خاضت أولمبياد بيكين 2008 "نصف مصابة" تبرّر ظاهرة بروز السيدات في لبنان، خصوصاً بعد نجاحهن في دورة الألعاب العربية الأخيرة في الدوحة حيث تألقت السباحة بشروش محرزة أربع ذهبيات وفضية واحدة مع رياضيات أخريات :"في العالم العربي يتم الانفاق كثيراً على الرجال في الرياضة، لذا يحظى اللبنانيون بفرص ضئيلة للمنافسة، ما يفتح الباب للفتيات اللبنانيات باعتلاء منصات التتويج".
البحث عن الميدالية الضائعة
صحيح أن آمال اللبنانيين منصبة على تحسين أرقامهم، إلا أن باولي (20 عاماً) التي نشأت في عائلة رياضية (والدها روبير لاعب كرة سلة سابق)، شقت طريقها في السنوات الأخيرة عندما نالت برونزية وزن 57 كلغ في ألعاب غوانغجو الآسيوية 2010 :"أنا مصنفة بين الثماني الأوليات عالمياً، والمرشحة التايوانية لنيل الذهبية واجهتها مرتين وكانت النتيجة قريبة".
باولي التي تتدرب 10 مرات أسبوعياً وتدرس خصومها على الفيديو تابعت :"الفتيات في لبنان مصمّمات أكثر من الرجال، كما أن مستوى الرجال في الخارج في غاية القوة"، وتختم بقولها :"إذا نلت ميدالية سأحقق حلمي، وسأرفع علم لبنان عالياً في الأولمبياد".
الرامية راي باسيل (24 عاماً) العائدة من جائزة كبرى في إيطاليا واستعدادات في قطر تشارك في فردي التراب، وهي كانت قريبة جداً من التأهل في بطولة آسيا في قطر (حلت رابعة).
باسيل "المصنفة 19 في العالم والعربية الوحيدة المشاركة في الأولمبياد في الرماية" تعتبر أن "كل الفتيات تستحق المشاركة" لكنها تلقي باللوم على الادارة الرياضية في لبنان التي "لم تنفق دولاراً واحداً علينا".
نصف احتراف
وتبقى الرياضة في لبنان بعيدة عن الاحتراف في غالبية جوانبها، ومومجوغليان الحائزة على شهادة في الاقتصاد من الجامعة الأميركية في بيروت، تعمل مع والدها في متجر رياضي، وعلى رغم كونها غير مرشحة من بين 70 منافسة في كرة الطاولة التي تهيمن عليها الصينيات، إلا أنها ستخوض العرس العالمي برأس مرفوعة: "أشعر بفخر كبير لتمثيل بلدي في الألعاب الأولمبية".
المفضلات