كشفت دراسة أميركية جديدة وجود دوافع بيولوجية وراء القرارات النمطية السيئة والسلوكيات المحفوفة بالمخاطر المرتبطة بمرحلة المراهقة، حسب خدمة يوريك أليرت المقدمة من الاتحاد الأميركي لتقدم العلوم.
وأجرى الدراسة رسل بولدراك الأستاذ بقسم علم النفس والبيولوجيا العصبية بجامعة تكساس بمدينة أوستن، وزميلاه جسيكا كوهِن وروبرت أسَرْناو الباحثان بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس. ونشرت حصيلة الدراسة بدورية نيتشر نيوروسَيَنْس.
وكانت دراسات سابقة قد وجدت أن المراهقين يميلون لأن يكونوا أكثر حساسية (استجابة) تجاه السعي نحو المكافأة من الأطفال والراشدين معا.
وفي هذه الدراسة، قام البروفسور بولدراك وزميلاه بأول خطوة رئيسية في التعرف على منظومات الدماغ التي تسبب هذه الدوافع نحو المخاطرة لدى المراهقين، والآثار الناجمة عن هذه الفروق البيولوجية بالنسبة لسلوك المراهقة المتهور.
ويقول بولدراك إن نتائج الدراسة تثير فرضية أن السلوكيات الخطرة، مثل تجريب المخدرات أو المغامرات الجنسية، هي نتيجة نشاط مفرط في منظومة الدوبامين (الحافية الوسطية) بالدماغ، وهي المنظومة التي يبدو أنها المسار النهائي لجميع حالات الإدمان بأدمغة المراهقين.
ومن المعلوم أن الدوبامين ناقل عصبي ينتمي لمجموعة الأمينات الأحادية، ويعمل في الدماغ بمواقع متعددة، ويزيد التحفيز والاستثارة.
ويوجد الدوبامين بالمراكز الحركية في عقد الدماغ القاعدية ويؤدي نقصه هناك لمرض الشلل الرعاش المسمى بـ"باركنسون" ويوجد أيضا بدائرة اللذة والمكافأة, وهذا الجزيء وثيق الصلة بالإدمان والعلاج منه.
وقام المشاركون بهذه الدراسة الذين تتراوح أعمارهم بين ثمانية أعوام وثلاثين عاما بأداء مهمة تعلم، حيث عرضت عليهم صور مجردة قاموا بتصنيفها إلى إحدى فئتين، ثم عرضت عليهم الإجابات الصحيحة, وللتأكد من الدوافع، مُنِح المشاركون مكافآت لكل إجابة صحيحة.
وانصب اهتمام الباحثين على كيفية استجابة دماغ كل مشارك لـ"قيمة خطأ التنبؤ" أي الفرق بين الناتج المتوقع لفعل ما والناتج الفعلي له، بينما كانوا يتعلمون تصنيف هذه الصور.
وقام الباحثون بقياس ما يسمى إشارات خطأ التنبؤ الإيجابية في أدمغة المشاركين، بينما كانوا يكتشفون بدورهم نتائج إجاباتهم ومقدار مكافآتهم المالية.
وأظهرت أدمغة المشاركين المراهقين أعلى مستويات إشارات خطأ التنبؤ هذه، وهو ما يعني على الأرجح أن لديهم أكبر استجابات دوبامين.
ونظرا لأهمية الدوبامين في تحفيز السعي للمكافأة، فإن ازدياد إشارات خطأ التنبؤ في أدمغة المراهقين ينتج عنه زيادة الحافز نحو الحصول على مزيد من النتائج الإيجابية، وبالتالي مزيد من المخاطرة.
ويبدي بولدراك ثقته في أن الأبحاث القادمة سوف تستكشف مزيدا من الأسباب البيولوجية لسلوك المراهقين النمطي, لكنه أحال مسألة إعفاء المراهقين من المسؤولية عن سلوكياتهم إلى الفلاسفة وعلماء الأخلاق.
** الجزيرة **
المفضلات