تصفية حسابات وراء إغلاق «أوربت»
اختلطت الحسابات السياسية بالحسابات المالية في مدينة الانتاج الاعلامي المملوكة للحكومة المصرية، وأدى هذا الاختلاط الى اغلاق ستوديوات قناة "اوربت" الفضائية السعودية.
الرواية الرسمية قالت ان تراكم الديون على المحطة (حوالى مليون دولار) هو الذي ادى الى اغلاق خمسة ستوديوات للقناة في القاهرة، اضافة الى المقر الاداري، وذلك بعدما تأخرت ادارة القناة في تحويل الاموال المستحقة، وهذه هي المرة الثانية في اقل من عام التي تغلق فيها القناة.
المرَّة الأولى كانت بتاريخ 27 ديسمبر 2009، ويومها تدخَّل الرئيس محمد حسني مبارك لدى إدراة المدينة لتأجيل الإغلاق، وتمكين القناة من جدولة ديونها الَّتي كانت تبلغ 15 مليون جنيه في ذلك الوقت، وخرج بعدها الإعلامي عمرو أديب على مشاهديه في برنامجه، مفاخرًا ومباهيًا بالتدخل الرئاسي، وقال "أنا الرئيس مبارك هو اللي بيحميني. إلا ان هذه المرة لم تأتِ "الحماية" ولم يتدخل الرئيس مبارك لتأجيل تنفيذ القرار.
وقد أبدى مصدر مطلع في القناة – رفض الكشف عن إسمه - اندهاشه من توقيت صدور الإغلاق الذي جاء في يوم الإجازة الرسميَّة لإدارة مدينة الإنتاج، مشيرًا إلى أنَّ هناك قنوات عربيَّة كبرى تتراكم عليها الديون مثل "روتانا" و"أيه أر تي"، ولكن لم يتم اتخاذ إجراء مماثل ضدها، وقال المصدر إنَّ ذلك يطرح العديد من علامات الاستفهام حول موقف إدارة المدينة من القناة، وبرامجها الَّتي دأبت على انتقاد أداء الحكومة.
وأضاف المصدر أنَّ ديون القناة بلغت أكثر من 15 مليون جنيه منذ عام، وتم الإتفاق على جدولتها على ثلاثة أقساط بمعدل خمسة ملايين جنيه مضافًا إليها الفوائد، مشيرًا إلى أنَّ قناة "أوربت" تعتبر من أكبر مستثمري المدينة منذ أكثر من 15 عامًا، حيث تستأجر خمسة استديوات عملاقة ومقراً ادارياً، وتضم ما يزيد على الـ 450 عاملاً ما بين مذيعين ومعدين وفنيين وعمال.
وقد ألقى المصدر باللائمة على إدارة القناة في الرياض في تصاعد الأزمة الأخيرة حتَّى وصلت إلى حد إغلاق الاستديوات، موضحًا أنَّ الإدارة كانت من المفترض أن ترسل مستحقات مدينة الإنتاج قبل عيد الفطر، ولكن نظرًا لأن العشر الآواخر من رمضان تعتبر إجازة هناك، ثم إجازة عيد الفطر، لم يتم ارسال المبالغ المطلوبة.
وحول ما إذا كانت القناة تعاني أزمة ماديَّة، قال المصدر إنَّ الأوضاع الماديَّة مستقرَّة، بدليل أنَّ جميع العاملين يتقاضون رواتبهم بانتظام حتَّى آخر شهر وهو آب (أغسطس) الماضي، متوقعًا أن يتم حل الأزمة خلال أقل من 24 ساعة، وأن تعاود القناة بث برامجها في اليوم التَّالي مباشرةً. إلا ان الازمة تجاوزت مدة الـ24 ساعة الى ما هو ابعد من ذلك. فرغم الخطوة التي اتخذتها ادارة "اوربت" بدفع المبلغ المطلوب إلا ان ادارة المدينة رفضت تسلم الشيكات، مبررة ذلك بأن العقد قد تم فسخه بشكل نهائي، وسيتم النظر في الامر خلال الايام المقبلة، إلا ان الجمعية العمومية للمدينة تجاهلت مناقشة الامر في اجتماعها الاخير متحججة بأن وقت الاجتماع انتهى ولا يوجد الوقت الكافي للمناقشة.
حتى ان احمد موسى المقرب من النظام، والذي يعتبره الوسط الاعلامي المصري "ضابط الايقاع" الرسمي المعتمد في "القاهرة اليوم" للسيطرة على انفعالات عمرو اديب وضبط ادائه تحت سقف الخطوط الحمر، لم تنجح تدخلاته في إقناع مدينة الانتاج الاعلامي، بتأجيل تنفيذ قرار الاغلاق.
ويرى المراقبون في القرار المصري تدبيرا وقائيا مقصوداً عشية الانتخابات التشريعية المقبلة، والاستحقاق الرئاسي الذي يرتب "انضباطا" اعلاميا مشددا في المرحلة المقبلة، الامر الذي لا ينسجم مع اداء عمرو اديب في برنامج "القاهرة اليوم".
المفضلات