تلفزيون فلسطين نجاح وطن ع وتر وإخفاق فوبيا
ثمة فرق بين إعلام الدولة وإعلام الحكومة، فإعلام الدولة بمفهومه الأشمل يعني أن تكون وسائل الإعلام التي تديرها الدولة مساحة حقيقية تعكس كافة أطياف هذه الدولة من حكومة وشعب، وطالما أن كلمة الشعب تعني أطيافا مختلفة، فان إعلام الدولة لابد أن يكون قادرا على احتواء كافة هذه الأطياف، بخاصة أن الفرد يسهم بشكل غير مباشر في تمويل هذه وسائل الإعلام المملوكة للدولة عن طريق الضرائب ورسوم الإذاعة والتلفزيون. أما إعلام الحكومة بمفهومه الضيق فيعني سيطرة الحكومة على وسائل إعلام تعطي مساحة لوجهة نظر الحكومة وما يتماشى معها من رسائل إعلامية، وهذه المساحة لا تتسع لوجهات النظر الأخرى مهما كانت مهمة وتعبر عن فئات كبيرة في الدولة.
عند الحديث عن تلفزيون فلسطين الذي مر بتجارب وتحديات عديدة خاصة المأزق الذي وقعت فيه شاشة فلسطين بان أصبحت ذراعا إعلامية لجهة ما ضد أخرى في مأساة الانقسام الفلسطيني بين الضفة الغربية وغزة. إلا أننا نلمح الآن بوادر لإعادة توجيه بوصلة تلك الشاشة بالشكل الصحيح لاسترجاع ثقة الجمهور الفلسطيني والعربي بها.
أن التغيير الذي يسعى القائمون على تلفزيون فلسطين لإحداثه على الشاشة سيأتي بالتدريج، ولا يمكن أن يحدث بانقلابة واحدة بل على مراحل ليكون التغيير قائما على أساس إعلامي مهني مضاد للتخريب، وبالعادة الإصلاح يحتاج الى أضعاف الزمن الذي مضى على الوضع الخرب.
أما النصف الفارغ من ألكاس في حالة تلفزيون فلسطين فهو الإقدام على التعاقد مع شركة إنتاج تلفزيوني من خارج فلسطين لإنتاج 33 حلقة تلفزيونية من برنامج "فوبيا الفن" ضمن الدورة البرامجية الرمضانية.
ليس مطلوبا من تلفزيون فلسطين ان ينافس على البرامج الفنية التي تختص بها قنوات لها إمكانيات كبيرة في الوطن العربي مثل "mbc" وروتانا، وليس المطلوب ان ينافس إخباريا أمام قنوات ضخمة كالجزيرة والعربية التي يرفدها عشرات المراسلين والمكاتب الصحفية في أنحاء العالم، كما انه ليس مطلوبا من تلفزيون فلسطين ان يقدم للجمهور آخر الأغنيات والأفلام.
ان المطلوب من تلفزيون فلسطين ان يكون إعلام دولة "دولة فلسطين" وينافس بالمادة الإعلامية المحلية التي المستوحاة من مجتمع فلسطين، والتي تعطي تلفزيون فلسطين قيمة وميزة مختلفة عن القنوات الأخرى، فالقوة في تلفزيون فلسطين انه يقدم لنا حال الشعب الفلسطيني ورائحة الأرض المقدسة.
ومطلوب أيضا من تلفزيون فلسطين ان يستمر في طريق وطن على وتر وتاكسي البلد وارزة وزيتونة وتلك البرامج التي تعيد الذاكرة لمدن حيفا ويافا وعكا، وان ينفق المال على تطوير أدواته في الداخل الفلسطيني وإعطاء الأولوية في الإنفاق الى تأهيل العنصر البشري وتأهيل جيل من المحترفين إعلاميا ليعطوا صورة أكثر إشراقا، ومنحهم الفرصة للإبداع، خاصة ان الإعلاميين الفلسطينيين يجوبون أنحاء العالم بخبرات عظيمة حبذا لو يتم استقطابها الى إعلام فلسطيني واعد عنوانه الحرية وخطه المهنية وإطاره الأخلاقيات الإعلامية.






رد مع اقتباس

المفضلات