تونس – العرب - صدر العدد الثاني لسنة 2010 من المجلة الفصلية التي يصدرها اتحاد اذاعات الدول العربية، متضمنا مجموعة من البحوث والدراسات والمقالات ذات العلاقة بالمشهد الاعلامي والاتصالي العربي والدولي.

وخصّص الملف للوقوف على ظاهرة انتشار الفضائيات الأجنبية الناطقة باللغة العربية، بدءا بالدواعي التي حملت الدول الباعثة لها، في غضون العشرية الأولى من القرن الحادي والعشرين، إلى استهداف الجماهير العربية والاقتراب منها داخل أوطانها وخارجها.

وتم طرح العديد من التساؤلات ضمن مساهمات الخبراء والباحثين والأساتذة المتخصصين بشأن هذا الموضوع.

هل أن حرص الدول المعنية على اطلاق هذا الصنف من القنوات يعكس الأهمية الاستراتيجية التي بات يكتسيها العالم العربي، وعليه تعلّقت رغبتها في مد جسور التواصل معها وتحقيق المزيد من إدراك واقع هذا الكيان الجغرافي المهم، ومحاولة الالمام بمعطياته ومميزات ثقافته وحضارته وفهم سياسات أقطاره ومعرفة عقلية سكانه وأفكارهم وانتظاراتهم؟

وهل أن هذه البلدان ترمي من وراء مبادراتها الاعلامية هذه التي تكلّفها مبالغ مالية طائلة، إلى ترويج الصورة التي تريد عن ملامح ثقافتها واشاعة القيم السياسية والحضارية التي تؤمن بها وتعريف المشاهدين العرب بمواقفها ووجهات نظرها إزاء مختلف القضايا العربية والاقليمية والدولية التي تهمها وتنسجم مع مصالحها بما يتيح وضع موطئ قدم في مجتمعات مغ***ة لها في الكثير من النواحي وتثبيت وجودها على الساحة الاعلامية العربية بشكل أكبر؟

وإلى أي مدى استطاعت هذه الوسائل الاعلامية استقطاب المشاهد العربي إليها؟ وهل توصلت إلى بلوغ أهدافها أو جانب منها؟ على النحو الذي حققته مثلا بعض الفضائيات الاخبارية العربية – وان بدرجات متفاوتة –. ومن عناوين هذا الملف: القنوات الأجنبية الموجهة إلى المنطقة العربية: قراءة مدخلية والخطاب التلفزيوني الامريكي إلى المشاهد العربي: قناة الحرة نموذجا والبي بي سي العربية: خصوصية الاعلام الكلاسيكي وتحدياته في بيئة اعلامية جديدة والبرنامج العربي لتلفزيون دوتشيه فيله: ترف اعلامي أم تسويق لالمانيا اليوم؟ وقناة "العالم" الخطاب ال***اني إلى العرب بلغتهم.

ومما تجدر ملاحظته أن هذه القنوات اخبارية بالأساس، ويبدو أن اشتداد المنافسة التي غدت تميز الفضاء الاتصالي العربي والدولي ولّد أمامها جملة من التحديات، أوجب لرفعها وكسب رهاناتها، العمل باستمرار على دعم حضورها وتمديد مساحات بثها والتخطيط المتواصل لتوفير الزاد البرامجي المطلوب وذلك من خلال تعزيز النشرات الاخبارية والمواد الاعلامية الملحقة ببرامج متنوعة اقتصادية وثقافية واجتماعية وعلمية وصحية ورياضية، فضلا عن تركيزها على البرامج الحوارية وتوسيع قاعدة مراسليها المنتشرين في أرجاء الوطن العربي وفي غيره من العواصم العالمية والمناطق الساخنة.

كما تتجلى إرادة هذه القنوات في استغلال الفرص الكبيرة التي تتيحها تكنولوجيات الاتصال الحديثة وتوظيف الوسائط المتعددة التوظيف الأمثل، عبر إرساء مواقع تفاعلية لها على الانترنات، وتنشيط استخدام الشبكات الاجتماعية لتوثيق الصلات بمستعمليها، والسعي الحثيث إلى اجتذاب أوفر عدد ممكن من المتابعين لبرامجها.

"إضاءات" العدد تحدث فيها الأستاذ صلاح الدين معاوي المدير العام لاتحاد إذاعات الدول العربية عن مكانة التبادل الإذاعي والتلفزيوني ضمن اهتمامات الاتحاد، مؤكدا أنه يمثل توجها ثابتا في صدارة أولوياته، باعتبار دوره الحيوي في تمتين وشائج التقارب بين الشعوب العربية ومدّ جسور التواصل بين مستمعيها ومشاهديها، وهو أيضا دعامة أساسية في إثراء المخزون البرامجي لدى الهيئات وإغناء شبكاتها المحلية بالانتاجات العربية المختلفة، لذلك كان سعي الاتحاد إلى التأسيس لبنية اتصالية متطورة تمثلت في النظام الجديد للتبادل متعدد الوسائط والخدمات عبر الساتل "مينوس"، إذ فتح منذ دخوله حيّز النشاط بداية من عام 2009 أمام الاذاعات والتلفزيونات العربية آفاقا أرحب على صعيد توفير خدمات التبادل البرامجي والاخباري والرياضي والمعلوماتي بالسرعة المطلوبة وبطريقة ميسّرة وكلفة اقتصادية زهيدة، وكان للاستخدام هذه التقنية العالية وإنجاز مواثيق للتبادلات البرامجية والاخبارية تأثير ايجابي ملموس على حركيّتها في مختلف مجالات عمل الاتحاد.

وأبرز الأستاذ صلاح الدين معاوي أنه رغم الأشواط التي قطعت في اتجاه تفعيل منظومة التبادل فإن الأمر يقتضي مع ذلك أن تتلوها خطوات نوعية أخرى تتميز بأعلى قدر من العزم والإرادة، على نحو يضمن للمواد المتبادلة الحضور الواسع على شاشات القنوات التلفزيونية وأثير الاذاعات العربية.

كما أن الشأن يدعو إلى مزيد تطوير البرامج التي تعرض للتبادل شكلا ومضمونا، والعمل باستمرار على مزيد تحسينها بما يشجع الهيئات المستقبلة على استغلالها، كما هو مؤمل، وينمي طاقة استيعابها في شبكاتها.

وفي هذا السياق جاء قرار مجلس وزراء الاعلام العرب في اجتماعه يوم 23 جوان 2010 بأن تقوم الهيئات الإذاعية والتلفزيونية العربية الأعضاء في الاتحاد بتخصيص مساحة ثابتة ضمن شبكاتها البرامجية لبث المواد المتبادلة خلال اوقات مشاهدة مناسبة، وذلك على غرار ما هو معمول به في دليل التوجيه الأوروبي الذي يلزم الهيئات العمومية الاوروبية بتخصيص نسبة مائوية لبث الانتاجات الأوروبية عبر قنواتها".

وأضاف المدير العام للاتحاد أن هذا القرار يحمّل كافة الأطراف المعنية مسؤولية الارتقاء بمنظومة التبادل الاذاعي والتلفزيوني إلى ما هو أفضل، لتحقق ما به تتوطّد أواصر التعاون والتكامل بين الهيئات الأعضاء، ووفق هذا التوجه، يتجسّد السعي المشترك إلى نحت شخصية المواطن العربي المعتز بالانتساب إلى هويته الحضارية والمتفتح على الحداثة.

ودعا في الختام إلى ضرورة المراهنة على الانتاجات الجيدة والإبداعات المتنوعة، سبيلا إلى إثراء الشبكات التلفزيونية والاذاعية وقصد فتح النوافذ الكفيلة بتغذية عقول المشاهدين والمستمعين العرب والسمو بذائقتهم العامة.

الشباب العربي: ركن جديد أدرجته المجلة ضمن أركانها القارة بمناسبة الاحتفاء بالسنة الدولية للشباب 2010، واعتبارا للمنزلة المرموقة التي تتنزّلها هذه الشريحة الاجتماعية المهمة في الوطن العربي. وعنوان موضوع هذا العدد: إشكالية الإعلام العربي المعاصر وسلوكات الشباب.

ومن المعطيات التي أوردها صاحب المقال أن تكنولوجيات الاتصال أهدت، وبالأخص شريحة الشباب، أدوات ديمقراطية مكّنتهم من الإفلات من قبضة الرقيب.

كذلك، يمكن اختيار القنوات المعروفة بخدمتها للثقافة السليمة والفكر الأصيل وتعرض ما يتناسب والذوق ويلبي طموحات الشباب من التقدم العلمي والانسجام الأسري، وليس العكس كما تروّج له الكثير من القنوات المؤدلجة.

1 - يقضي عدد لا بأس به من الشباب العربي ساعات طويلة في استخدام الانترنات، ورغم كون هذه الوسيلة جديدة نسبيّا على المجتمع العربي فإن استثمارها في خدمة القضايا المجتمعية من النواحي التربوية والتنموية لا يرقى إلى المستوى المطلوب.

2 - يكتسب الاعلام قدرته الفائقة على التأثير في تشكيل ثقافة الشباب من خلال تركيزه على صناعة الترفيه والتسلية التي تقدم للناشئة على أنها مواد وبرامج محايدة تهدف إلى الهروب من أعباء الواقع بإحداث حالة من الاسترخاء والانتشاء المؤقت.

3 - تعمل آلة الاعلام التجاري على تنميط الاستهلاك الشبابي في مستوى كوني عبر عبقرية الاشهار المرئي الذي ينجح في تحقيق أهدافه.

4 - كثيرا ما نسمع عن محطة فضائية جديدة موجهة لمعالجة قضايا الشباب والمجتمع وتسعى إلى تحقيق رغبات الشباب العربي وطرح أفكاره ومشاكله، لكنها في الواقع ليست إلا منبرا لشركات الانتاج الفني التي تبتغي الربح ولا تقدم في معظم الأحيان مادة فنية جيدة.

ويحتوي العدد الجديد من مجلة الاذاعات العربية مواضيع أخرى كالتلفزيون عالي الدقة الذي أصبح اليوم في متناول الملايين من المشاهدين في أوروبا وامريكا وكندا واليابان وكوريا واستراليا، وهو نظام تلفزيوني يعطي جودة أرفع للصورة ونقاء في الصوت في شاشات التلفزيون العريضة.. ويتوقع المهندسون أن هذا الجهاز الحديث ينتشر عالميا بنسق متزايد وسيصبح معتمدا مع مرور الوقت كبديل للأنظمة التلفزيونية القياسية الحالية.

الدراسة المقترحة تعرض بأسلوب مبسّط الخصائص الفنية للتلفزيون عالي الدقة والجهود التي تبذل الآن في مستوى اتحاد إذاعات الدول العربية لتعميم هذا النظام في الوطن العربي.

وتطالعنا ضمن هذا العدد عناوين أخرى على غرار: برامج الأطفال التلفزيونية والنأي عن فكرة التجانس ومسلسل "باب الحارة".. باب غزة الذي يعدّ من الأعمال الابداعية السورية التي لفتت الانتباه من خلال أجزائه الخمسة وتشعّب أحداثهن ورؤية نقدية حول تقرير "نظرة على الاعلام العربي".

وفي الباب المخصص لأنشطة الاتحاد، يتعرّف القارئ على ما دار في المنتديات التي انتظمت حول "واقع الشباب العربي وآفاقه" بمناسبة اجتماعات المجلس التنفيذي واللجنة العليا للتنسيق بين القنوات الفضائية العربية واللجنة العليا لشؤون الانتاج الإعلامي العربي.

كما قامت المجلة بتغطية اعلامية لفعاليات الدورة الخامسة عشرة لمهرجان الأغنية العربية التي فازت فيها جمهورية مصر العربية بالميكرفون الذهبي.

ويتوّج العدد بنافذة على الهيئات الاذاعية العربية، ومن خلالها نقرأ المواضيع التالية: تلفزيون فلسطين.. تلفزيون كل الفلسطينيين. الاذاعات الجهوية في الجزائر: وكسب رهان الجوارية.
بوابة الاذاعة التونسية: مواكبة للحداثة ومحافظة على التراث.