حجَ هشام بن عبد الملك، أو الوليد أخوه، فطافَ بالبيتِ وأرادَ استلامَ الْحَجَر فلم يقدر، فنُصِب له مِنبَرٌ فجلس عليه؛ فبينا هو كذلك إذْ أَقْبَلَ عليُ بن الحسين بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، في إزارِ ورِدَاء، وكان أحسنَ الناس وَجْهاً، وأعطرهم رائحة، وأكثرَهم خشوعاً، وبين عينيه سَجادة، كأنها رُكبة عنز، وطاف بالبيت، وأتى ليَسْتَلم الحجرَ، فتنحّى له الناسُ هيبة وإجلالاً، فغاظ ذلك هشاماً؛ فقال رجلٌ من أهل الشام: مَن الَّذي أكرمه الناس هذا الإكرام، وأعظموه هذا الإعظام؟ فقال هشام: لا أعْرفه، لئلا يَعْظُمَ في صدور أهل الشام؛ فقال الفرزدق وكان حاضراً: البسيط:
هذا ابنُ خير عبادِ الله كـلـهِـمُهذا النقيُّ التقيُ الطاهرُ العَـلَـمُ
هذا الذي تَعْرِفُ البَطْحَاءُ وطأتُـهوالبيتُ يعرفُه والحل والـحَـرَمُ
إذا رأتْه قريشٌ قـال قـائلُـهـا:إلى مكارم هذا ينتهي الـكـرَمُ
يكادُ يُمْسِكُهُ عِـرْفـانَ راحـتـهِرُكنُ الحطيم إذا ما جاء يستـلـم
المفضلات