التشويش على الفضائيات "مداخلة" مسمومة
مباريات كأس العالم على المشتركين، ولا الاتهامات المتبادلة بين “الجزيرة” وإدارة القمر “نايل سات”. وتبع عملية التشويش تساؤلات عدة حول إمكانية تكراره مع بقية الفضائيات ووسائل الاتصال المختلفة، ومدى صعوبة الوصول إلى الجاني الحقيقي مع التقدم في التقنيات الحديثة التي يمكن أن يستخدمها.
وتساءل كثيرون: هل سيطال التشويش شركات الاتصالات الكبرى والإنترنت ونصبح في عالم معرض للقرصنة، ونصل لدرجة أن من يقوم بذلك يستطيع التحكم بنا في أي وقت؟ الإجابة نبحث عنها في السطور الآتية:
سليم البلوشي مدير العمليات في “دو” النائب الأول لرئيس الشركة يشير إلى أن ما حدث مع قنوات الجزيرة مؤخراً من الصعب جداً أن يحدث في أي شركة اتصالات للهاتف المتحرك، أو لتقديم خدمات الإنترنت والبث التلفزيوني إذا كانت تعمل بنظام شبكات الألياف البصرية التي من الصعب اختراقها.
ويضيف: نحن كشركة اتصالات نعتبر وسيطاً في عملية النقل التلفزيوني لكثير من القنوات التي تبث عبر شبكتنا، وبذلك فإن محاولة قطع البث أو التشويش عليه صعبة، لأن لدينا محطة تعد من أكبر المحطات الأرضية في الشرق الأوسط لاستقبال البث الفضائي وتحويله للمشتركين لدينا عن طريق شبكة الألياف البصرية.
في المقابل، يعتبر أن ما حدث لقناة “الجزيرة” وارد الحدوث لكثير من القنوات الفضائية التي تعتمد على الأقمار الصناعية في أي مكان، وذلك لأن أي قمر يعتمد على الموجات الهوائية في إرسال واستقبال إشارات البث الفضائي، لذا من الممكن التشويش عليها أو إرسال موجات من أجل تغيير ترددها.
ويستبعد البلوشي أن تصل المنافسة بين شركات الاتصالات في أي مكان بالعالم إلى درجة أن تشوش شركة على أخرى، وحتى إن فكرت شركة في ذلك فمن المستحيل أن يحدث، لأن شبكات الهاتف المتحرك مشفرة بتقنيات عالية جداً ومن الصعب التشويش على ترددها مهما كانت التقنية المستخدمة في ذلك.
إسلام الريس، مسؤول وحدة الملتيميديا في مجموعة “إم بي سي”، يوضح أن محاولات التشويش على أي أجهزة اتصالات أو بث موجودة بالفعل منذ سنوات، لافتاً إلى أنه عام 2006 شوشت “إسرائيل” على قناة “المنار” الفضائية لمدة 15 دقيقة من خلال بث تردد أقوى من تردد القناة.
ويضيف: لا يستطيع أي شخص أن يقوم بهذه الجريمة، فلا بد أن يقف وراءها كيانات ودول كبرى وإمكانات تقنية مرتفعة حتى تستطيع سرقة تردد القمر الصناعي وتردد البث على القمر نفسه وليس على التلفزيون.
ويذكر أن محطات التلفزيون ليست كمحطات الراديو يمكن التشويش عليها بسهولة من خلال ضبط تردد الجهة التي ترغب التشويش على تردد محطة الراديو الأصلية، وبالتالي تتمكن من التحكم في المحطة الإذاعية.
وحول إمكانية اختراق شركات الاتصالات وسرقة تردداتها، يقول الريس: من الصعب أيضاً أن تخترق شركات الاتصالات العاملة في أي دولة ترددات شركة أخرى، لأن ذلك سيعرضها للمساءلة القانونية وربما إلغاء التراخيص. ويؤكد أن مجموعة “إم بي سي” لديها نظام أمني محكم يستطيع صد أية هجمات خارجية، سواء على شبكة الاتصالات الخاصة بالمجموعة أو بتردد قناة تلفزيونية.
فريد فريدوني الرئيس التنفيذي لشركة “دو” يشير إلى أن مجال التردد في الهاتف المتحرك يمنح لأية شركة بترخيص من الدولة التي تعمل بها، ويكون معروفاً لدى جميع الشركات العاملة في هذه الدولة، وتكون الشبكة الخاصة بكل شركة محمية وبالتالي يصعب التشويش عليها.
ويوضح أنه في حالة حدوث التشويش المتعمد يؤدي ذلك إلى عواقب وخيمة على من يقوم بهذا العمل، لافتاً إلى أن ما حدث لقناة “الجزيرة” مختلف، لأن النظام الذي تعمل به الأقمار الصناعية غير الذي تعمل به شركات الاتصالات.
منصور الشدايدة خبير في مجال التقنية الفضائية يوضح أنه من الجانب العملي يمكن لأي جهة لديها القدرة التكنولوجية القيام بأي عملية تشويش على أي قمر صناعي، لكن لا يمكن للجهة صاحبة القمر أن تقوم بهذا التصرف، لأنها ستتعرض للمساءلة وستجعل صاحب القناة يتجه لأقمار أخرى.
ويضيف: عند الحديث من الجانب الفني، يمكن القول إنه عند تحليل ما حدث وقت انقطاع بث قنوات الجزيرة الرياضية والتشويش عليها، انقطعت الإشارة المستلمة في جهاز الاستقبال ولم يشوش عليه كما ذكر بعض المسؤولين، وفي هذه الحالة تبث إشارة أخرى على التردد نفسه.
ويؤكد أنه من هنا يمكن للمتحكم في القمر الصناعي قطع البث لأن إشارة البث تصعد إلى القمر الصناعي، وللتشويش احتمالات عدة منها دخول شخص إلى لوحة التحكم عن بعد بالقمر الصناعي، ووقف إعادة بث الإشارة من القمر للأرض، لكن نادراً ما يحدث ذلك إلا بأوامر من الشركة صاحبة القمر نفسها.
ويتابع: في المدن الإعلامية الكبرى تجمع الترددات في تردد واحد وبعدها تصعد للقمر ثم توزع مرة أخرى عند إعادة البث البث، وهي طريقة تكاد تكون الأكثر أمناً للحماية من التشويش أو انقطاع البث.
ويستبعد الشدايدة أن يصبح من السهل التشويش على الأقمار الصناعية والقنوات الفضائية، لأن هناك قوانين عالمية تحكم البث الفضائي وتوزيع ترددات البث.
د. عصام نصر رئيس قسم الاتصال الجماهيري بجامعة الشارقة يشير إلى أن المرحلة المقبلة في التطور التكنولوجي ستسهل تكرار ما حدث لقناة الجزيرة الرياضية مع غيرها من القنوات الفضائية وعلى مستوى أوسع.
وطالب بتفعيل قانون دولي للحد من قيام أي جهة بتخريب قناة ومساءلتها إذا فعلت ذلك.
ويرى نصر أن ما حدث يصعب تكراره مع شركة اتصالات أياً كانت منافستها مع شركة أخرى، لأن المنافسة في المقام الأول تجارية وليست سياسية. ويعتبر أن ما حدث ل “الجزيرة” محاولة لتشويه صورتها وصورة القمر الصناعي “نايل سات”، وهو ما حدث بالفعل، موضحاً أن هذا العمل لا يقدر عليه أفراد، بل جهات كبيرة ولديها إمكانات.
ويضيف: جمهور قناة ك “الجزيرة” كبير، لكن جمهور قنواتها الرياضية أكبر، وفي وقت إذاعة مباريات كأس العالم سيكون عدد المشاهدين مضاعفاً، وبالتالي فالأمر مقصود لتشويه صورة القناة.
--------------------------------------------------------------------------------
المفضلات