الرحلة إلى التوحيد

تَصورّتُه لم يكنْ
وجَنّدتُ كفَّ غروري لصَفْعِ خدودِ
يقيني
وأنكْرتُهُ عامدًا فتمشّى على رئتي وابلٌ
من قلَقْ
وأزَّ من القلبِ صوتٌ يقولُ: أعوذُ
بربِّ الفلَقْ
تَصورتُني دونما خالقٍ
فأصبحتُ في لجّةِ الارتيابْ
أدورُ وأنفُضُ عنّي اختناقي
كما ينفُضُ عنه اللديغُ الثيابْ
بكتْ عينُ قلبي
ورقتْ لحالي
وقَشّرتُ عقلي بظُفْرِ سؤالي
فحصْحَصَ من لُبّهِ صَوْلجانْ
وراحَ يخاطِبُني الساجدانْ
يصيحانِ: وَيْحكَ كيفَ انتَحيْتَ
من الهَدْيِ جنبًا
وأغلظْتَ قلبًا
وكيفَ تَجرّأَ فيكَ الحِجا واللسانْ
على مَنْ له يسجُدُ النيِّرانْ
تَوضّأتُ لا بلْ تَوضّأ شكّي بدمعٍ مُهانْ
وقبلَ الصلاةِ اعتلى مسرحي ماردانْ
ماردٌ من حَمَأْ
لهُ رغبةٌ في الخَطَأْ
وآخَرُ من مارجٍ، في يديهِ الوثيقةُ
من ربّهِ أنْ يكونَ من المُنظَرينْ
أقمْتُ الصلاة فجرْجَرَني من ثيابي
وتَلَّ يديْ للجَّبينْ
فصِحتُ: توضّأْ لتُصبِحَ مِثلْي
وحينَ توضّأَ هادَ وخابتْ بهِ لُعبْةُ
الماكرينْ

وقفتُ على شُرفْةِ الروحِ أستطلِعُ المِهرجانْ:
نجومًا كأنَّ السماءَ لها أعينٌ في المساءْ
هِلالًا تكهّفَ بطنًا ليُصبِحَ بدرًا
وسيمَ الضياءْ
غُيومًا كأنَّ الذي قادها فارسٌ في الهواءْ
هناكَ توسدّتُ روحي،
أشدُّ على وسطي مِئْزري
وأبحثُ عنّي
فقدْ ضِعْتُ منّي
أمامَ الإلهِ الذي هالني
فاستوى فوقَ ظَنّي

ومن مُضغةٍ جئتُ ثم استويتْ
فسبحانَ مَنْ بثْها نَفْخةً
بها صرتُ حيًا وقد كنتُ مَيْتْ
ووزّعَ نفسي على مِفرقينْ:
فعقلٌ ببيتٍ وقلبٌ ببيتْ

تصوّرْ لو اْنَّ الخلودَ نصيبي
بقيتُ هنا أتمنّى لو اْنّي أموتُ
لألقى حبيبي
فسبحانّه صيّرَ الموتَ جسرًا
إلى ملتقاهْ
وهل يبتغي المرءُ من مُنيةٍ
أعزَّ من اللهِ وهو يراهْ

تصورْ لو انَّ الخلودَ نصيبُ البشرْ
لصالَ وجالَ بها مَنْ كفَرْ
وأصبح بوذا
نظيرَ يهوذا
ونيرونُ روما
مَلاكًا على ما بهِ من خَطَرْ