هناك في عالم كوره القدم لاتوجد مراجع ولا كتب ولا 1+1 = 2 .
بل هناك في ذلك العالم الغريب المتقلب سريعا امثله جيده تحاول ان تسير على خطاها حتى تحقق
النجاحات .
ولهذا فان النجاح في هذه اللعبه لاتكون حسناته لك بل لغيرك , لانك سلكت طريق صحيح سيسعى
البعض للاستفاده منه وتقليده كمثال .
برشلونه ومانشستر يونايتد ليست بفرق ناجحه فقط تستحوذ على الالقاب وتسعد جماهيرها , بل هي
قبل ذلك قدمت لكوره القدم امثله رائعه للوصول الى القمه .
قد يكون النهائي الاكثر مثاليه لـ العقد الجديد , تكريم لفريقين بنسبه كبيره كانا الافضل على امتداد
العقدين الماضيين او العقد الاخير على وجه الخصوص .
البارسا اخذ قوته من عقليه زرعها يوهان كرويف في جذوره , عقليه هولنديه المنشأ لكنها تتطور
باستمرار في ارض الكتلان , فكره السيطره على الكوره والمبادره والاهتمام بالاداء بقدر الاهتمام
بالنتيجه لاسعاد حتى المحايديين .
بينما مانشستر يونايتد الذي كان يعيش تحت ظل ليفربول , وبسبب رجل يدعى اليكس فيرجسون
اصبح الماركه الرسميه للكوره الانجليزيه , فيرجسون انشأ مدرسه كرويه في نادي واحد تعتمد
على قدراته التدريبيه الهائله .
صحيح , ان هنالك الميلان واليوفي في ايطاليا والريال في اسبانيا والبايرن في المانيا , وفرق
اخرى عملاقه حققت الكثير في العقدين الماضيين .
لكن حقيقه ,
البارسا والمان يو ربما هما الافضل , وليس لسبب واحد , بل لعده اسباب مجتمعه
سأذكر بعضها هنا :

الانجازات بلغه الارقام


ان تحقق بلغه الارقام الدوري الانجليزي 12 مره في اخر عقدين تقريبا فهذا يدل على سيطره
شبه مطلقه على دوري من اقوى الدوريات في العالم .
بينما البارسا متسيد الليجا في اخر عقدين , الذي يعتبر ايضا عن الكثيرين من افضل الدوريات
العالميه , 11 مره حقق الليجا في هذه الفتره , وهذا برضه تعتبر سيطره , اكثر من النصف تقريبا .
وطبعا بطوله الدوري بسبب طول فترتها وكثره مبارياتها تعتبر المقياس الحقيقي لقوه الفرق , طبعا
مع قوه الدوري نفسه وصعوبته .
المان يو حقق في اخر عقدين 26 بطوله رسميه محليه وخارجيه و بما فيها دوري الابطال مرتين .
تحت لواء اليكس فيرجسون .
بينما البارسا حقق 31 لقب خلال اخر عقدين , بمعدل يصل الى بطوله ونص في اخر عقدين , وربما
هو انجح فريق خلال هذه الفتره , وهذا دليل تفوق , كون كوره القدم عاشت فترتها الافضل سواء
كان بالمستوى الفني او التنافسي في العقدين هذه .
ومربا يكون الميلان هو الاقرب لهالفريقين خلال العقدين الماضيين بـ 23 لقب .
الاداء الفني


كل هذه البطولات هي ترجمه لاداء الفريقين من الناحيه الفنيه .
برشلونه منذ ايام كرويف وهو يعزف اجمل الالحان الكرويه , هو الوريث الشرعي للكوره الشامله
الهولنديه , التي تطورت على يد الكتلان الى ان وصلت الى هذه الصوره التي قيل عنها " افضل
فريق يؤدي في التاريخ " .
السيطره على الكوره بنسبه عاليه , سرعه الحصول عليها بعد فقدانها , حصار المنافس داخل
نصف ملعبه , التمرير القصير السريع , المهارات الفرديه التي تطوع في خدمه المجموعه
كلها تعبر عن فريق ادهش الجميع .
وطبعا الاسلوب هذا لايتغير مهما كان المنافس .
كما ان البارسا من الفرق التي تتطور وتكتشف طرق جديده لاسلوب الفريق .
اتذكر عندما جاء ريكارد قام بتطبيق طريقه تبادل المراكز وهي طريقه جديده مبتكره بالنسبه
للبارسا , والان مع جوارديولا تطور الفريق بشكل جذري اكثر من الناحيه الفنيه ومن نواحي
نفسيه , اي ان الفريق يطور اسلوبه بشكل مستمر .
بينما المان يو :
مع فيرجسون يلعب بشكل واحد , حيث هناك الانسجام الخيالي والتناغم الرهيب والانضياط والتنفيذ
الدقيق لتعليمات المدرب والذكاء .
ويبرز فيرجسون بذكائه التكتيكي الكبير , ومعرفته لامكانيات فريقه جيدا قياسا بالمنافس , ومرونته
التكتيكيه الخياليه , حيث بأمكانه تغير التشكيله دائما دون المساس بالانسجام .
المان يو فريق هجومي , لكن من سنه 2007 بدأ فيرجسون يهتم بالدفاع والاسماء الدفاعيه
وطور واضاف اساليب جديده كـ استغلال اخطاء المنافس واستغلال الكورات الثابته والهجمات
المرتده .
حتى يطور نتائج فريقه في دوري الابطال , وكان له مأراد .
بشكل عام :
اكثر مايميز هالفريقين فنيا " التحرك بدون كوره " , وهذا نتاج للاستقرار دون شك .
الاهتمام بالقاعده

هالفريقين قدموا دروس مفاداها " ان شراء النجوم من الخارج لايكفي لتحقيق النجاحات
والمواصله عليها " وان " صناعه الروح في الفريق يأتي من ابناءه " .
في برشلونه حققوا انجاز تاريخي بالموسم الماضي , 3 لاعبين من اللاماسيا " اكاديميه النادي "
حققوا الافضليه العالميه لجوائز الفيفا والكوره الذهبيه .
في كلاسيكوهات البارسا والريال في احد الاحصائيات مجموعه اسعار لاعبي فريق البارسا
الاساسي اقل من سعر لاعب واحد في الريال وهو طبعا كريستانو .
عندما يكون الفريق مستقر من الناحيه الفنيه ويلعب بأسلوب واحد فهو قادر على الاهتمام بلاعبي
القاعده , وفي اللاماسيا يتم تدريب الصغار على نفس الاسلوب الذي ينتهجه الفريق الاساسي
بحيث اذا وصلوا اليه , يصلون وهم يعرفون ماذا عليهم ان يفعلون .
بينما في مانشستر :
فيرجسون حقق بدايه نجاحاته بسبب اهتمامه بالناشئين كجيجز وسكولز وبيكهام وكين , وواصل
على نفس هذا المنوال الى اليوم .
وفي المواسم الاخيره المان يو دائما ماكان يلعب بـ فريق يضم 3 فنات عمريه , فئه خبره يعطون
الثقه والتعليمات للبقيه وفئه نجوم في منتصف عطائاتهم وفئه صغيره تتعلم .
الزبده , ان الاهتمام بالقاعده عامل اساسي للنجاح لفترات طويله .

الاستمراريه او عقليه الفوز

تقريبا هذه هي الميزه الاشهر لهالفريقين .
يقولون الوصول للقمه صعب لكن الحفاظ عليه اصعب , وهذه المقوله هي التي عمل بمقتضاها
هذين الكبيرين ,
بالنسبه للبارسا فجوارديولا عمل على تطويرها بشكل كبير بعد فقدان الفريق للحافز بموسمي
2007 و2008 .
تشافي وانيستا وميسي بعد تحقيق الدوري للمره الثالثه على التوالي لم يقولوا انهم وصلوا الى
القمه مثلا , بل يتحدثون اكثر عن المستقبل , الرغبه في المواصله بتحقيق النجاحات .
بينما في مانشستر رغم انهم سيطروا على الكوره الانجليزيه لكنهم لازالوا يتحدثون عن المستقبل
فقط , وكأنهم لم يحققوا اي شيء .
جيجز مثلا , وصل سنه لحوال 38 , ولازال يطمح في المزيد ويتحدث عن المستقبل للاعب من
الطبيعي انه يكون اعتزل .
الاحتفاظ بالهويه

من الامور البارزه في كبيري نهائي ويمبلي 2011 هي الصوره المميزه الثابته التي يظهرهان
بها دائما على مر العقدين الاخيرين .
في برشلونه هناك كلمه دائما تقال قبل كل مباراه وهي " سنكون اوفياء لاسلوبنا " مهما كان
المنافس ومهما كانت الظروف .
بعد رحيل ريكارد كان اغلب جماهير البلوجرانا يرغبون في وجود مورينهو كبديل للهولندي .
لكن اداره البارسا رفضت رغم التأكيدات بوجود البطولات مع المدرب البرتغالي , وفضلت الحصول
على مدرب شاب بدون خبره , لكنه يلعب بأسلوب الفريق المعروف .
كرويف يقول " على كل فريق ان يحافظ على اسلوبه " لانه اشبه بتراث وتاريخ للنادي , ولاتوجد
وصفه معينه للنجاح , انما العب باسلوبك وطور منه .
فيرجسون طبعا خلال العقدين الماضييت اوجد لفريقه اسلوب ثابت وشكل معروف باستطاعه
اي شخص ان يتعرف عليه حتى دون مشاهده الاسماء والوان الفانيلات .
الاستقرار والاهتمام بغرفه الملابس
من اهم الامور التي جعلت بطلي الليجا والبريمرليج يصلون الى هذه المكانه في السنوات الاخيره .
هو الاستقرار .
في مانشستر يونايتد الوضع واضح جدا , فيرجسون من سنه 1986 يشرف على الفريق , حوالي
25 سنه , شيء خيالي ومذهل .
والميزه التي جعلت من فيرجسون يواصل كل هذه السنوات , هي قدرته على تجديد الفريق فنيا
سواء بلاعبين او بخطط بشكل مستمر , وطبعا ايجاد عقليه الاستمراريه في نفس اللاعبين .
في البارسا هناك استقرار فني باختيار مدربين بنفس الفلسفه , مدربين يعملون بنفس الاسلوب
" الكرويفي " ان صح التعبير , وطبعا المدرب يأخذ فتره كافيه تماما لوضع بصماته .
الاستقرار هذا يفيد في كل شيء , في الانسجام وفي تطوير الشباب وفي حتى شراء اللاعبين
المناسبين , وفي العديد من الامور الايجابيه .
حتى الاجواء داخل غرفه لملابس :
هالفريقين ربما مع الميلان اكثر من يهتم بصنع اجواء مناسبه بين اللاعبين حتى لاتكون هناك
مشاكل شخصيه او تسرب للاعلام .
في برشلونه عندما حقق ميسي الكوره الذهبيه توقع الكثير حدوث مشاكل بينه وبين الثنائي
انيستا وتشافي , ولكن لم يحدث شيء بسبب العلاقات القويه بين اللاعبين داخل غرفه
الملابس .
في مانشستر الكل يساند زميله والكل يثني على الاخر , عندما فقد ناني جائزه افضل لاعب في
الموسم المحلي , الكل تقريبا سانده وواساه .
الثقه والروح


عندما حقق مانشستر يونايتد الدوري هالموسم , قال فيرجسون ان السبب يرجع الى ثقه
اللاعبين وروحهم التي عوضت الفوارق الفنيه مع بعض الفرق .
عندما ترى اسماء لاعبي تشلسي او حتى المان ستي وتقارنها بالاسماء الموجوده في المان يو
ترى فارق واضح لصالح فرق المدربين الايطاليين , ولكن المان يو استطاع تعويض تلك
من الفوارق من خلال الروح والثقه .
في برشلونه كذلك , الروح تم صنعها من خلال الانتماء الى اقليم كاتلونيا , واستغل الفريق هذا
الموضوع بـ الاعتماد اكثر على ابناء النادي لزرع تلك الروح .
بينما الثقه موجوده بوضوح في المارد الكتلوني , لاعب شاب مثل تياجو الكانترا
يلعب مواسمه الاولى في الليجا ويمتلك تلك الشجاعه التي تظن من خلالها انك ترى لاعب
تجاوز الثلاثين .
اعتقد ان هذا من اسرار اكاديميه اللاماسيا .