(( الجالسون في المقاعد الخلفية ))
لو أن تشرشل كان تلميذآ في مدارس العرب الإبتدائية لإنتهى به ألأمر في أحس الأحوال إلى سـائق شاحنة .
هذا الطفل البريطاني الذي قاد إمبراطورية كانت تزحف نحو خريفها . دأب في المدرسة ما نسميه الخربشة أي رسم عشوائي لخطوط وأقواس .في إحدى الإمتحانات نسي تشرشل نفسه وبدد ساعة الإمتحان في الخربشة برسم دوائـر تتناسل من مركز واحد بلا هدف . وحين ظبطه المعلم وهو مستغرقآ بهذا العبث ، خطر بباله على الفور أن هناك أمرآ ما يستحق مراجعة المشرف النفسي على التلاميذ ، حيث إذ لا يمكن لطفل في العاشرة من عمره أن يتوغل في هذا التركيز ساعة من الزمن ثم ينسى أن هذه الساعة مكرسة لإمتحان يترتب عليه نجاحه أو فشله ...
كتب المشرف النفسي تقريرآ عن الطفل تشرشل جاء فيه ....
أن لديه قدرة عالية على التركيز ولم يكن ما فعله في الإمتحان عبثآ أو محاولة للتهرب من الإجابة .
لو أن تشرشل لم يحضى بمعلم كالذي إصطحبه إلى المشرف النفسي لرسب في الإمتحان وكل الإمتحانات التي أعقبته .
والسؤال هنا ؟ كم طفلآ عربيآ تصدر عنه ممارسات غريبة وإستثنائية ثم يعاقب عليها . لأنه ليس سن من أسنان المشط كالآخرين . فإن طلبة المقاعد الخلفية بخلاف الشائع أو السائد يملكون إمكانات قيادية ، أما الذي يجلسون في الصفوف الأمامية ويسارعون إلى الإجابة لفتآ لإنتياه المعلمين فهم الأكثر نزوعآ وحيآ للإمتثــال . طلبة المقاعد الخلفية لديهم هواجس وقلق يشاغب على وعيهم وعلى قدرتهم على المحاكاة ، لقد خرج من هؤلاء شبه منبوذين ، قادة وزعماء وخرج أيضآ سائقوا شاحنات وذوو مهن لا يعتد بها .
عشرات الأشخاص وربما المئات ممن أصبحوا فاعلين وذوي شهرة ونفوذ ولم يكونوا نجباء بالمعنى التربوي التقليدي ،
فالقرد يتفوق على الطفل في قدرته على المحاكاة لبعض الوقت
لكن وعيه يتوقف عن النمو بعد ذلك ، ليواصل الطفل الآدمي
نموه وإستكمال قدرته على الإستبصار وربط العلاقات بين الأشياء ، فمن أقلعوا عن الدراسة ومتابعة التعليم لأسباب لا علاقة لها بالكسل أو قصور الذهن كل ما في الأمر
أنهم كانوا بحاجة إلى
مشرف نفسي من ذلك الطراز .
دمتم بالعوافي
نجيب ايوب