((( التغميس خارج الصحون )))
في بعض الأحيان يختزل مثل شعبي الحكاية كلها ، رغم ما يبدو عليه من سهولة ولكنه سهل ممتنع لم يصدر عن فرد وإنما من خبرات متراكمة لشعوب عميقة على إمتداد التاريخ . ومن يغمسون خارج الصحون سلالتان ألأولى سلالة العميان سواء تعلق بالعمي بالبصر أو طال البصيرة . والثانية سلالة من وقعوا الدوام في فخ التشخيص الخاطىء فضنوا السراب ماء وإنتظروا القابلة رغم إن الحمل كاذب .
وإذا كان الإنسان لا يعيش بالخبز وحده فهو أيظآ لا يعيش بالورد وحده ، ولا بد من توازن ما بين الضرورة والحرية . لقد مر زمن على القضية الفلسطينية ، وعلقت القبعات والطرابيش والعمائم مثلما علقت الذرائع . المثقف الذي يعكف على عمله بإخلاص مقاوم بإمتياز حتى لو كرس أصابعه للقلم والريشة ولو لم يقترب من الزناد . لا بد من توسيع مفهوم المقاومة ليشمل إرادات بشرية تكدح في مجالات روحية وذهنية كما يكدح العلماء في مختبراتهم . المعالجات التقليدية فقدت صلاحياتها كالتغميس خارج الصحون وخارج المحبرة أيضآ أذا تعلق الأمر بالكتابة ، فقد يبذل الإنسان جهدآ كبيرآ وينفق الكثير من الوقت وهو يبحث عن نظارته رغم أنها تقبع فوق أنفه ، ومن هنا فإن الجهد ليس مقدسآ إذا كان بلا هدف وإذا كانت البوصلة تحدد له جهة المسار معطوبة . الإفراط في التوصيف وسهولة العاطفة على حساب التحليل بحيث نجد أنفسنا بعد أن مشينا ألف ميل ندور حول أنفسنا ، ان الأنسان الذي يرقص يدور في حلقة مفرغة ويمشي أيضآ لكن بلا هدف محدد ، ولهذا فهو يراوح مكانه ، ولكن الإنسان الذي يسعى يقيس خطواته في ضوء الهدف الذي حدده . إن التغميس خارج الصحون يؤدي إلى بقاء الإنسان جائعآ رغم أن لعابه لا ينقطع وهو يشم رائحة الطعام وهو في المجال السياسي يبقى الناشط أو المثقف أو حتى المقاوم الميداني
محرومآ من بلوغ الهدف
لأن الجهد يضيع بلا طائل .
في الثقافة والسياسة والإقتصاد ،
الألاف والملايين من الأصابع الضالة
التي تغمس خارج الصحون.
دمتم بالعافية
نجيب ايوب