يبدوا أن هناك مخططا صهيونيا يستثمر هذا العلو اليهودي في العالم اليوم وكما يتبدى في كل تصرفات كيان العدو العدوانية وتجاوزها لكل القيم الإنسانية والنظم الدولية دون خشية من عقاب ومحاسبة، لشن حرب إعلامية خطيرة على كل وسيلة إعلامية عربية تتبنى منطق المقاومة للمشروع الصهيوني في منطقتنا العربية، ويستهدف كتم ولجم كل صوت إعلامي يعارضه ضمن خطة أوسع لتفريغ الخطاب الإعلامي العربي من أي صوت مقاوم ورافض ومواجه لمشروع الهيمنة الصهيوني، وفي المقابل يشجع كل صوت مهادن منساق خلف تخدير الرأي العام العربي بشعار السلام الزائف بهدف عزل الأمة عن جوهر قضيتها ولب الصراع مع هذا الكيان الاستيطاني العنصري ومن خلفه المشروع الصهيوني المدعوم أمريكيا وغربيا.
تستغل الصهيونية العالمية سيطرتها وهيمنتها الحالية في دفع الدول الغربية خصوصا لتفعيل قوانينها الخاصة بما يسمى محاربة الإرهاب والتطرف والكراهية ضد كل صوت إعلامي عربي يمثل توجها وطنيا في مواجهة مشروعها الاستيطاني، وقد أثمرت هذه الجهود حتى الآن عن قيام دول غربية ممن تمتلك أقمار بث فضائي كفرنسا مثلا بمنع بث محطات تلفزة عربية معارضة لكيان العدو الصهيوني والتي تدعو لمقاومته، بحجة أنها تروج للكراهية والإرهاب والعنف..!!، وهذه حجة فقط لتنفيذ ذلك المخطط الصهيوني للجم كل صوت عربي معارض والحجر وتضييق الفضاء الإعلامي عليه من أبواب خلفية، وهي وإن نجحت مع وسائل البث الغربية من خلال تغلغلها وهيمنتها، وقفت عاجزة حيال وسائل البث العربية التي لا سلطان لها عليها، فلجأت للكونجرس الأمريكي مثلا ولها فيه نفوذ وقوى ضغط ولوبي مؤثر لإصدار تشريعات وتوصيات للسيطرة على وسائل البث العربية ومحاولة دفعها لإقفال أقمارها الفضائية في وجه كل القنوات التي تتبنى مواقف مقاومة للعدو الصهيوني ولاحتلال العراق التي تصنفها الدعاية الصهيونية والأمريكية بالإرهابية، واستندت في ذلك إلى جملة قوانين أمريكية صدرت بعد هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001م، تسمح باتهام جهات بأنها إرهابية، ومن ثم فرض عقوبات عليها، وفعلا أصدر الكونجرس العام الماضي مشروع قانون يمنح الإدارة الأمريكية حق معاقبة مالكي مؤسسات إعلامية عربية مثل ''نايل سات'' التابع للحكومة المصرية، و''عربسات'' التابع لجامعة الدول العربية بتهمة أنهما يبثان قنوات تشجع على الإرهاب والعداء لأمريكا وكيان العدو الصهيوني، وحدد الكونجرس بالاسم هذه المحطات العربية مثل ''الأقصى'' التابعة لحركة حماس، و''الرافدين والزوراء'' الموجهتين للعراق وتدعمان المقاومة فيه، و''المنار'' التابعة لح** الله اللبناني، والأغلبية الكبرى التي حصل عليها هذا القانون (395 صوتا ضد ثلاثة أصوات فقط) تلزم الرئيس الأمريكي باراك أوباما بتقديم تقرير عن مؤشرات معاداة الولايات المتحدة بالتحريض على العنف ضد الأمريكيين، وهو ما يعني اعتبار كل نقد ورفض للسياسات الأمريكية بما فيها ما ترتكبه قواتها في أفغانستان والعراق من جرائم حرب بقتل المدنيين، أو العدوانية الصهيونية ضد الفلسطينيين، يندرج حسب نص هذا القانون تحت ما يسمى بالتحريض على العنف والكراهية ضد الولايات المتحدة وكيان العدو الصهيوني، والأغرب من ذلك في الحيثيات الغريبة لإصدار مثل هذا القانون هو أن أي معارضة لمشاريع الهيمنة والاحتلال الأمريكي والصهيوني، تصنف بأنها تساعد المنظمات الإرهابية على تجنيد نشطاء جدد سواء بشكل تعاطفي أو فعلي وجمع التبرعات لها والدعاية لأفكار تلك المنظمات الإرهابية..!!
هذا الربط بين الأصوات الإعلامية الرافضة والمقاومة لمشاريع الهيمنة الأمريكية والعدوانية الصهيونية وبين الإرهاب، هو الخلط بعينه ما بين الحق والباطل والحقيقة والزيف، فالإرهاب أصبح ''التكية'' لمحاربة كل من ليس معهم ويدعو لمقاومتهم ورفض الانصياع لمشاريعهم، خصوصا أن مصطلح الإرهاب ترك مبهما دون تحديد تعريف دولي له، وهذه عملية مقصودة من أجل ترك استخدامه مشرعا غير مقيد بإطار محدد لوصم كل معارض ومقاوم لسياسات واشنطن وعدوانية كيان العدو بالإرهاب، ولهذا لم يكن مستغربا أن تعمل الآلة الدبلوماسية والإعلامية الغربية والصهيونية على وصف المقاومة في أفغانستان والعراق وفلسطين المحتلة بالإرهاب، وتسمية الغزو والاحتلال والعدوانية التي مارسوها بالدفاع عن النفس في خلط المفاهيم وقلب الحقائق.
من خلال ذلك يمكن القول إننا أمام مرحلة جديدة من الصراع ميدانه الساحة الإعلامية العربية والتي سوف تشهد صداما مع تشريعات وقوانين أمريكية بدفع صهيوني لمحاصرة الفضاء الإعلامي العربي والسيطرة عليه للحجر على كل رأي معارض ومقاوم وسلاحها سوف يكون العقوبات، والسؤال الآن هل سنصمد في وجه محاولات هذا الغزو لفضائنا الإعلامي العربي ونصد احتلاله كما احتلت أراضينا، أم سوف نتعامل معه بأسلوب سياسة النعامة العربية..؟