[size=5][/size][font=arial][center][font=tahoma][right][size=5][font=arabic transparent]للتوبة دور أساسي في تنمية قدرات المرء ومهاراته، واكتشاف ملكاته الفكرية وطاقاته الكامنة. ولعل البعض يتساءل: كيف؟!! فأقول وبالله التوفيق:[/font]
[font=arabic transparent]إن لكل إنسان طبيعي طموحات وآمالا وغايات، وقدرات ومهارات، وغالبا ما يحول بينه وبين تحقيقها -ما لم تكن هناك عوائق خارج إرادته- الهمة الضعيفة، والغفلة، وامتهان الذات. وكلها أعراض تنشأ من اقتراف الذنوب والآثام، واجتراح السيئات، وما يلي ذلك من شعور بالذنب أحيانا، أو اليأس والإحباط أحيانا أخرى.[/font]
[font=arabic transparent]وإذا نظرنا إلى ما يطمح إليه كثير من الناس في هذه الأيام، من جمع الأموال، وتوسيع التجارات، وشراء أحدث السلع والأثاثات، لوجدنا كلمة [color=red]"رزق"[/color] هي الوعاء المناسب لها ولغيرها من الطموحات والمبتغيات البشرية، فهي كلمة جامعة لكل خير يتمناه الإنسان ويمن الله به عليه من مال، أو ولد، أو علم، أو صحة، أو عمل... إلخ.[/font]
[font=arabic transparent]وإذا تأملنا قول النبي صلى الله عليه وسلم: [color=blue]"إن العبد يحرم الرزق بالذنب يصيبه" (رواه أحمد)[/color] لأدركنا تماما ما للذنوب والآثام من أثر بالغ في حرمان [color=blue]المسلم[/color] من كل خير يسعى لتحصيله، ولأدركنا حاجتنا [color=red]الملحة للتوبة[/color] والاستغفار.[/font]
[font=arabic transparent][color=blue]لذا علينا جميعا أن نتفكر في معنى التوبة[/color] [color=blue]بمفهومها الشامل والصحيح،[/color] وذلك بعد إخلاص النية لله وحده أولا، ولنعلم أن التوبة سبيل للفلاح والنجاح، والتقدم على كل الأصعدة.[/font]
[font=arabic transparent]والتوبة كذلك عبادة لله، لا يغفل عنها المؤمنون الصالحون، فهي [color=red]ليست للمذنبين[/color] والعصاة فقط، بل هي أيضا للمؤمنين والصالحين لعلهم يبلغوا سبل الفلاح، وهذا مصداقا لقوله عز وجل في سورة النور: "وتوبوا إلى الله جميعا أيها [color=blue]المؤمنون[/color] لعلكم تفلحون".[/font][/size][/right]
[center][font=arabic transparent][size=5][color=#ff0000][b]فتش عن ملكاتك ومواهبك تحت ركام الغفلة والذنوب[/b][/color][/size][/font][/center]
[right][size=5][font=arabic transparent]هناك العديد من المواهب والمهارات، والملكات والخبرات التي نقوم بدفنها -بأيدينا- تحت ذلك الركام من الغفلة والذنوب، ولا نلقي لها بالا. فللذنوب آثار سلبية على نفسية الفرد، تجعله في حالة من الإحباط واليأس، ويعزى ظهور هذه الحالة إلى الشعور بالذنب الذي يتولد عند الفرد بعد اقتراف الذنب، مما يجعله في حالة شعورية لا يستطيع معها إنجاز مهامه وأعماله على نحو من النشاط والحيوية والإتقان.[/font]
[font=arabic transparent][color=blue]إذا فالتوبة قد تكون بداية لتفجير هذه الطاقات الكامنة في النفس، وبداية انطلاق نحو آفاق أرحب للتقدم والتنمية والازدهار، ولكن كم يغفل عنها المسلمون؟!![/color][/font][/size][/right]
[center][font=arabic transparent][size=5][color=#ff0000][b]التوبة مفتاح النجاح في كل المجالات والعلاقات[/b][/color][/size][/font][/center]
[right][size=5][font=arabic transparent]دعونا نتفق بداية أن التوبة [color=blue]مفتاح النجاح[/color] في كل شيء، بدءا من القدرة على التخطيط السليم، ومرورا باتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، وانتهاء بتحقيق الخطط والأهداف بعد توفيق الله سبحانه. فالتائب غالبا ما يشعر بنوع من الراحة والرضا، ويكون في حالة من التوافق النفسي والروحي يجد معها طمأنينة في النفس وقوة في البدن، ويكون مرد ذلك غالبا إلى الصحة النفسية الناشئة، وحينئذ يسهل عليه التفكير بصفاء نفس، وجلاء فهم، ونور بصيرة.[/font]
[font=arabic transparent]فمع بداية التوبة يبدأ الإنسان صفحة جديدة مع نفسه ومع الآخرين، فتتجدد العهود وتعلو الهمم في كل الأمور والأعمال، وحينئذ يجد التائب نفسه وثابة طموحة، مشرقة متفائلة، تبذل كل ما لديها من جهد، وتخرج كل ما لديها من طاقات، وتتفجر ينابيع الخير بداخلها، وتفيض بالخير على من حولها؛ الزوج والأولاد، والأهل والأصحاب.[/font]
[font=arabic transparent]وقد أدرك ابن عباس -رضي الله عنه- جملة من الفوائد في هذا الصدد حينما قال:[color=blue] "إن للحسنة نورا في القلب، وزينة في الوجه، وقوة في[/color] [color=blue]البدن، ورحبة في الرزق، ومحبة في قلوب[/color] [color=blue]الخلق، وإن للسيئة ظلمة في القلب، وشَيْنا في الوجه، ووهَنا في البدن، ونقصا في الرزق، وبَغْضة في قلوب الخلق".[/color][/font]
[font=arabic transparent]فالمرء يفقد حيويته ونشاطه، وقوته وإقدامه حال كونه عاصيا، أو بعد المعصية، أو عند مجرد شعوره بأنه مذنب. وهذا الشعور بالذنب يقعده عن إنجاز المهام والتكاليف على النحو المطلوب، ويتيح للشيطان فرصة كبيرة للنيل من همته وعزيمته؛ فيتمادى المرء في غفلته فتهدر طاقاته وتضيع أوقاته فيما لا يفيد.[/font]
[font=arabic transparent]وعلى الجانب الآخر فإن [color=blue]إخلاص التوبة[/color] لله تعالى يفتح الله بها على عباده أبواب الخيرات، وييسر لهم كل عسير، ويقضي لهم كل حاجة، وذلك مصداقا لقوله تعالى:[color=blue] "واتقوا الله ويعلمكم الله"،[/color] وكذلك قوله سبحانه: [color=blue]"ومن يتق الله يجعل له من[/color] [color=blue]أمره يسرا"[/color]، وقوله تعالى: [color=blue]"ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب".[/color][/font]
[font=arabic transparent]وأما على المستوى العام، مستوى الأمة والمجتمع، فالتوبة لها دور أساسي في بناء المجتمعات والبلدان، فهي سبيل الرقي والتقدم، وهي طريق الأمة كلها نحو الريادة.[/font]
[font=arabic transparent]فكما أنها سبب يمنع الله بها -برحمته وفضله- عن الناس عقابه وعذابه، ولنا في قصة يونس عليه السلام العبرة والعظة، فقد قال الله فيهم: [color=blue]"فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين"[/color] (سورة يونس)، فهي أيضا -مع الإيمان والتقوى- سبب في فتح الله على عباده كل أبواب الخير والبركة والعطاء، كما في قوله تعالى:[color=blue] "فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا، يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا، ما لكم لا ترجون لله وقارا وقد خلقكم[/color] [color=blue]أطوارا"[/color]، وكذلك قوله تعالى:[color=blue] "ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء[/color] والأرض..." الآية.[/font]
[font=arabic transparent]ويمكننا كذلك فهم هذه الآيات الكريمات في إطار أوسع، إذا ما تأملنا قوله تعالى: [color=blue]"(وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ).[/color][/font]
[font=arabic transparent]يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية: [color=red]أَيْ مَهْمَا أَصَابَكُمْ أَيّهَا النَّاس مِنْ الْمَصَائِب فَإِنَّمَا هِيَ عَنْ سَيِّئَات تَقَدَّمَتْ لَكُمْ "وَيَعْفُو عَنْ كَثِير" أَيْ مِنْ السَّيِّئَات فلا يُجَازِيكُمْ عَلَيْهَا بَلْ يَعْفُو عَنْهَا. انتهى[/color] كلامه رحمه الله.[/font]
[font=arabic transparent]فكم من خير نستطيع أن نصل إليه -بفضل الله ورحمته- جزاء هذا الاستغفار وهذه التوبة.[/font][/size][/right]
[center][font=arabic transparent][size=5][color=#ff0000][b]إذا أردت التغيير فحقق شروطه[/b][/color][/size][/font][/center]
[right][size=5][font=arabic transparent]وقبل البدء في سرد الخطوات العملية للتوبة، تجدر الإشارة هنا إلى "[color=blue]شروط التغيير[/color]"، وهي كما ذكرها الدكتور صلاح الراشد في إحدى محاضراته على النحو التالي:[/font]
[font=arabic transparent][color=blue]1- الرغبة 2- المعرفة 3- التطبيق[/color][/font]
[font=arabic transparent][b][u]أولا- الرغبة:[/u][/b][/font]
[font=arabic transparent]هي الرغبة الحقيقة في التغيير، فهناك كثيرون يقولون إنهم يريدون أن يتغيروا ولكن في قرارة أو أعماق أنفسهم هم [color=blue]لا يريدون[/color] ذلك، وهذا المعنى عميق.[/font]
[font=arabic transparent][b][u]ثانيا- معرفة كيفية التغيير:[/u][/b][/font]
[font=arabic transparent]التطبيق ينبغي أن يكون مبنيا على معلومات صحيحة.[/font]
[font=arabic transparent][b][u]ثالثا- التطبيق:[/u][/b][/font]
[font=arabic transparent]هناك أناس يريدون أن يتغيروا وهم يعرفون كيف يتغيرون، لكنهم [color=blue]لا يطبقون، فهم لا[/color] [color=blue]يتغيرون[/color]. فالتطبيق فقط هو الذي يأتي بالنتائج، فهناك أناس يحسنون الكلام لكنهم لا يحسنون التطبيق، والتطبيق بإصرار وعزيمة بعد معرفة الطريق الصحيح هو الذي يأتي بالنتائج المرجوة. انتهى كلامه حفظه الله.[/font][/size][/right]
[center][font=arabic transparent][size=5][color=#ff0000][b]مثال عملي للانطلاق[/b][/color][/size][/font][/center]
[right][size=5][font=arabic transparent]إن التوبة الصادقة تفتح أمام المرء أبوابا كثيرة للخير، وتفتح عينيه على أبواب للخير لم يكن يراها من قبل، ولهذا فعليك أن تعيد النظر في علاقاتك بما حولك من محيطات، ولتنظر كيف تفيد من هذه المحيطات، وكيف توظفها لخيرك ولخير الناس من حولك؟[/font]
[font=arabic transparent]انظر مثلا إلى [color=blue]الجمعيات الخيرية[/color] في محيطك، هل فكرت يوما في العمل التطوعي ومساعدة الآخرين من خلالها؟ هل فكرت في السعي لقضاء [color=blue]حوائج الناس في مجتمعك؟ ابحث عن هذه المؤسسات وعن هؤلاء الناس، وبادر بالعمل معهم؛ فستجد من خلالهم أبوابا للخير كثيرة بإذن[/color] [color=blue]الله.[/color][/font]
[font=arabic transparent]فهذا مريض قد تساعد في توفير العلاج المجاني له، [color=blue]وهذا طالب قد تشرح[/color] له بعض المواد الدراسية التي تجيدها، وهذا[color=blue] يتيم[/color] يحتاج إلى من يكفله، أو حتى مجرد من يسأل عنه أو يصاحبه، أو يصحبه في نزهة كما يفعل معظم الآباء مع أبنائهم، أو يعلمه سورة من القرآن، أو يساعده في شراء بعض مستلزماته الدراسية أو المعيشية، وغير ذلك الكثير من أبواب العطاء المعنوي والمادي. فلن تعدم العطاء وطالبوه كثر في مجتمعاتنا.[/font]
[font=arabic transparent][color=blue]فابدأ من الآن ولا تتردد،[/color] ودع عنك سوف وأخواتها، [color=blue]فالتسويف فيروس قاتل[/color] لكل خير، مانع لكل بر، محبط لكل عزيمة، ولا وقاية منه -بعد فضل الله- إلا بالعزم والمضاء، ولله در من قال:[/font][/size][/right]
[center][font=arabic transparent][size=5]إذا هبت رياحُكَ فاغتنمها *** فإن لكلِّ خافقةٍ سكون[/size][/font][/center]
[right][font=arabic transparent][size=5]ومن قال:[/size][/font][/right]
[center][font=arabic transparent][size=5]إذا كنت ذا رَأي [color=blue]فكن ذا عزيمةٍ[/color] *** فإن فساد الرأي أن [color=blue]تتردد[/color][/size][/font]
[font=arabic transparent][size=5][color=#ff0000][b]الخطوات العملية المقترحة[/b][/color][/size][/font][/center]
[right][size=5][font=arabic transparent][u]ونبدأ الآن بعرض أهم الخطوات العملية التي يمكن الاستفادة منها:[/u][/font]
[font=arabic transparent]1- إعلان التوبة من كل ذنب كبير أو صغير، وعقد النية على عدم العودة إلى المعاصي أبدا، وإرجاع الحقوق إلى أهلها ما استطعت إلى ذلك سبيلا.[/font]
[font=arabic transparent]2 - إن غلبتك نفسك الأمارة بالسوء يوما فأذنبت [color=blue]فتب من فورك،[/color] وأعلمها أنك ما زلت على العهد، [color=blue]ولا تمل من التوبة[/color] مهما تكن الذنوب، ولا تنس أن "كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون"، و"إن الله لا يمل حتى تملوا".[/font]
[font=arabic transparent]3- تذكر دائما وصية الحبيب صلى الله عليه وسلم: [color=blue]"احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز".[/color][/font]
[font=arabic transparent]4- [color=blue]حدد[/color] المجالات التي تستطيع أن تكتشف نفسك فيها، [color=blue]سل نفسك[/color] كم مهارة تجيدها، وتريد العمل على تنميتها، ثم لتضع ترتيبا لهذه المجالات أو المهارات حسب أولوية كل منها عندك.[/font]
[font=arabic transparent]5- ضع الأهداف والوسائل اللازمة لتحقيقها، وكذلك الجدول الزمني المناسب لها.[/font]
[font=arabic transparent]6- التخطيط السليم مع تنظيم الوقت وتوزيع الأعمال على مدار اليوم منذ بدايته،[color=blue] وذلك[/color] لكي لا [color=blue]تدع[/color] أمامك مجالا للغفلة والذنوب، فكما يقول العلماء: [color=blue]"إن النفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل".[/color][/font][/size][/right]
[center][font=arabic transparent][size=5][color=#ff0000][b]وأخيرا..[/b][/color][/size][/font][/center]
[right][size=5][font=arabic transparent]إذا أردت لنفسك الهمة العالية [/font]
[font=arabic transparent]ولبدنك القوة والنشاط [/font]
[font=arabic transparent]ولمجتمعك التطور والنماء [/font]
[font=arabic transparent]ولإسلامك الحضارة والارتقاء [/font]
[font=arabic transparent]ولأمتك الريادة والصدارة؛ [/font]
[font=arabic transparent]فعليك بالتوبة الصادقة الآن[/font][/size][/right]
[/font][/center]
[/font]
</b></i>