المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الانتفاخ



e.mhidat
04-06-2009, 10:02 PM
الانتفاخ



للدكتور سيد أحمد عبد البر


مدير الإدارة الطبية بالجامعة الإسلامية
وقبل أن تبدأ في الشكوى من هذا الداء.. فإني أدعوك لقراءة هذا البحث (الانتفاخ.. الانتفاخ..).
إنها الشكوى المألوفة على لسان كثير من المرضى؛ فكثير من المترددين على العيادات الطبية يصرخون من شيء واحد وهو الانتفاخ.
وأسباب الانتفاخ عديد ة:
فهناك هذا الانتفاخ الناتج عن تجمع الغازات في البطن؛ إنها الحالة التي تكون غالبا مصحوبة بخروج ريح كثير.
وكذلك هناك إحساس بالغازات التي تتحرك في البطن (الزغدنة).
والانفتاح يزيد أو ينقص من وقت لآخر.. وقد يزيد أو لا يظهر عند بعض المرضى إلا بعد الأكل.
وكثيرا ما تتهم بعض أنواع المأكولات - مثل البصل والكرنب والقنبيط والبقول مثل الفول والعدس والفاصوليا الجافة، وكذلك بعض الفواكه والخضراوات مثل السبانخ والبامية والباذتجان والجوافة - بأنها السبب في هذه الغازات.. وصحيح أنها أشياء عسيرة الهضم إلى حد ما.. ولذلك فيمكن أن تزيد من الانتفاخ، خاصة عند مرضى الجهاز الهضمي.. أما الشخص السليم فهو حسب المثل.. يهضم الحجر؛ فالإنسان يتميز بأنه يجمع بين خواص أكلة اللحوم وأكلة الأعشاب؛ فهو يهضم اللحوم إلى حد كبير.. ويهضم المواد الغذائية النباتية إلى حد معقول.
أما إذا أفرط الإنسان في تناول الطعام - خاصة المأكولات النباتية، ووصلت كميات منها غير مهضومة إلى الأمعاء الغليظة - هناك تهاجمها البكتيرية التي تعيش بالبلايين وتولد منها الغازات، وهكذا يحدث الانفتاخ.. وتكون هذه الغازات عفنة إذا كانت فضلات الأكل بروتينية.
وهناك من يحمل اللبن مسئولية الانتفاخ.. هذا تجن عليه.
وأنا أنصح و أكرر النصيحة بأن اللبن غذاء مفيد لكل الأعمار، ليس فقط للأطفال.. وأحب أن أبين في هذا المجال بأن اللبن لا يتعارض مع أمراض الكبد والمرارة والجهاز الهضمي عامة.. ويجب أن نذكر فضل شرب اللبن في علاج قرحة المعدة وقرحة الاثني عشر.
ولكني أذكر هنا بالنسبة لشرب اللبن ملاحظة هامة.. فهناك بعض الناس يسبب لهم شرب اللبن نفخة أو كركبة أو زغدنة في البطن وإسهال… ويحدث ذلك بسبب نقص الخميرة التي تتولى هضمه… واختفاء هذه الخميرة قد تكون ظاهرة خلقية - أي يولد الشخص بها - أو يكون نتيجة للامتناع عن تناول اللبن لفترة طويلة..
وهنا نصل إلى هذه النتيجة: اشربوا اللبن حتى تقدروا على الاستمرار في شربه.. وهنا تعم فائدته.
وهناك الانتفاخ الناتج عن بلع الهواء، وكل إنسان يبلع الهواء يأكل؛ يبلعه وهو يأكل.. يبلعه وهو يشرب.. وأيضاً وهو يبلع ريقه.. وعند كل إنسان كمية من الهواء في بطنه.. ومصدر هذه الغازات هو في الهواء المبلوع بجانب كمية قليلة من الغازات تتكون في الأمعاء نفسها أو تستخلص من الدم، والهواء المبلوع بكميات معقولة يخرج من البطن مع التبرز أو في صورة ريح.. وهنا يكون الخروج في سهولة وبسرعة.
أما إذا تم ابتلاع الهواء بكميات كبيرة تعجز الأمعاء عن التخلص منه؛ فالنتيجة حدوث الانتفاخ في المعدة أو في الأمعاء الدقيقة أو الأمعاء الغليظة، ويسبب ذلك بعض الأعراض منها:
- الامتلاء والثقل في المعدة بعد الأكل، مثلما يحدث في حالة أمراض الكبد والمرارة.
- ألم تحت الثدي الأيسر وهذا يسمى بالذبحة الكاذبة.
- ضيق في الصدر وشعور باختناق ثم خفقان.. كل هذا يبعث بالشبهة حوله القلب والرئتين.
- عقد نفسية عند المريض، وذلك بسبب كثرة إخراج الريح مما يدفع البعض إلى الاعتزال والابتعاد عن المجتمع.
والآن فإننا أمام سؤال هام: لماذا يتم ابتلاع الهواء بكميات كبيرة ؟
إننا أمام مجموعة من الأسباب هي:
1- التكريع الصناعي، وفيه يُدخل المريض هواء إلى المعدة ليخرجه في عملية التكريع، ولكن الواقع أن كمية كبيرة من الهواء في البطن إذا استمرت عملية التكريع لفترة... والتكريع الصناعي غالباً ما يكون ناتجاً من مرض نفسي.. ولكنه قد يكون محاولة لإزاحة ثقل على المعدة عند مريض به علة في الجهاز الهضمي، أو الذبحة الصدرية.
والتكريع الصناعي عادة سيئة عند بعض الناس؛ فهي عادة ضارة بالصحة.. وكذلك فهي تؤذي من يجاورون هذا الشخص خاصة إذا كان التكرع له رائحة كريهة.. وقد ورد في الحديث عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أكل البصل أو الثوم أو الكرات فلا يقربن مسجدنا؛ فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو الإنسان".
وغالباً يكون أساس هذه العادة السيئة هو هذا الاعتقاد السائد والخاطئ بأن التكريع بعد الأكل علامة من علامات الصحة الجيدة.
2- وهناك أيضاً حالة بلع الهواء المرضي… وهي حالة تحدث نتيجة للإفراط في شرب السوائل… خاصة السوائل الغازية مثل البيبسي كولا وغيرها، أو مضغ اللبان أو مص الحلاوة.
3- بجانب ذلك هناك بلع الهواء الناتج من كرة بلع الريق؛ فتكرار بلع الريق قد يكون حالة نفسية.. وقد يكون نتيجة لكثرة اللعاب في حالة أمراض الفم والأسنان، وقد يحدث أيضا إذا جف الحلق؛ فيحاول! المريض تلطيفه ببلع الريق.
4- ومن الأسباب الشائعة هو الإفراط في الأكل الذي يؤدي إلى انتفاخ البطن، والتضخم هنا يحدث في البطن نتيجة لعدة عوامل:
أ- كثرة الهواء المبلوع أثناء التهام الطعام وعب الماء، وقد يتكرع مثل هذا الشخص صناعياً؛ لينفس عن المعدة المرهقة.
ب- يحدث أيضا التضخم نتيجة لتشحم جدار البطن وترهله.
ج- ثم هناك الكثير من الفضلات غير المهضومة من الأكل التي تصل إلى الأمعاء الغليظة؛ فيحدث لها بفعل للبكتيريا تخمر أو تعفن مصحوباً بتكون الغارات.
وتسبب أدوية المغص وبعض المهدئات الانتفاخ؛ فهذه الأدوية ترخي الأمعاء وتشل قدرتها على طرد الأرياح، وهي بجانب ذلك تسبب جفاف الحلق وبالتالي تكرار بلع الريق.
وقد يحدث الانتفاخ بصورة حادة كما رأيت في بعض حالات المغص الكلوي؛ حيث يفرط المريض في استعمال الأدوية المسكنة لعلاج المغص الكلوي… والنتيجة شلل في الأمعاء يؤدي إلى هذا الانتفاخ الخانق.
كما يصبح الانتفاخ حالة مزمنة في حالة الإدمان على الأدوية المهدئة، كما يحدث عند مرضى الجهاز الهضمي؛ حيث يتعاطى المريض أدوية المغص بصفة مستمرة؛ فتكون الأدوية سببا في الانتفاخ وليس المرض الأصلي هو الذي يسببه.
وهناك المصران المتهيج.. وفي هذه الحالة يسبب القلق النفسي اضطراباً في وظيفة الأمعاء الغليظة، وينتهي الأمر بحدوث هذا الانتفاخ.
وفي النساء؛ فهناك الحمل الكاذب ومن مظاهره انتفاخ وتضخم البطن والهواء المختبئ داخل الأمعاء، في هذه الحالة يكون أكثر من المعتاد.
بجانب ذلك هناك حالات الانتفاخ المزمن عند مرضى الاكتئاب خاصة عند السيدات بعد سن اليأس، واعتقادي أنها حالة نفسية وليست بسبب كسل الغدد.
ونستنتج أن الانتفاخ قد يؤكد و جود حالة اكتئاب.. وأن الانتفاخ قد يكون العارض الذي تحتمي به المريضة لتهرب من المجتمع تحت حجة أن بطنها كبيرة ومنتفخة بدرجه لا تمكنها من ارتداء ملابسها مثلا، والحقيقة أنها حالة الاكتئاب هي التي تعزلها.
وعلى العموم؛ فهناك بحث يؤكد أن كمية الغازات في بطن الإنسان العصبي ثلاثة أضعاف الكمية الموجودة عند الإنسان الطبيعي.
وهناك أيضاً حالة ارتخاء البطن والأمعاء؛ فالسمنة مع عدم القيام بمجهود رياضي، وكثرة إنجاب الأطفال بالنسبة للنساء، أو الأمراض؛ كل هذه الحالات قد ترخى البطن وتهدله.
وأمراض الجهاز الهضمي التي تؤدي إلى الانتفاخ يمكن حصرها في الحالات الآتية:
أمراض المرارة: ومن علاماتها التقليدية هذا الانتفاخ الذي يحدث بعد الأكل، ومع الانتفاخ يكون الغثيان والرغبة في القيء والتجشؤ.
أمراض الكبد: ومهما اختلف سببه فهو يسبب الانتفاخ المتزايد بعد الأكل، ويصل الانتفاخ مداه في الحالات المتقدمة، وكأنه يعلن عن قرب قدوم الاستسقاء.
أمراض الأمعاء: والأمعاء التي أنهكها المرض.. تتراخى وتعجز عن طرد ما بداخلها من غازات؛ فتنتفخ، والأمعاء التي يصبح مجراها أضيق بسبب المرض.. إنها تحبس وراء هذا الجزء الضيق أو هذا السد غازات تمتلئ بها البطن.
البنكرياس: عندما يلتهب البنكرياس أو يصيبه التليف؛ فإنه يفشل في المساهمة بعصارته في عملية الهضم؛ فيحدث الانتفاخ لأكثر من سبب.
المعدة: والمعدة التي لا تفرز عصارة بسبب ضمور غشائها المخاطي، أو إصابتها بأمراض أخرى تعجز عن المساهمة في الهضم، وتطرد الطعام منها بسرعة وتلقي به الأمعاء؛ فيرتبك فيها الطعام ويكون الانتفاخ.
العلاج:
قبل أن نقبل على أقراص الفحم لعلاج الانتفاخ يجب أوّلا أن نحدد سببه؛ فأقراص الفحم - على ما أعتقد - غير قادرة على امتصاص هذه الكمية الضخمة من الغازات.
وعلى العموم؛ فإنني أنصح مريض الانتفاخ بما يلي:
أ- الاعتدال في الأكل؛ لأن الإسراف في الأكل يسبب النفخة، ويزيد من حالات الانتفاخ الناتجة من أمراض عضوية؛ لأنه يلقى جهداً مضاعفاً من الجهاز المرهق.
2- أما عن نوع الأكل… فإني أنصح مريض الانتفاخ بتحاشي المأكولات التي تربك الهضم، مثل البقول والخضراوات النيئة، مع التقليل من البروتينيات خاصة البيض في الحالات المصحوبة بغازات عفنة.
3- عدم الإفراط في شرب السوائل، وخاصة المياه الغازية، وأحب أن أقول بأن كل زجاجة من المياه الغازية تحتوي على ثلاثة ملاعق من السكر.. وبالتالي فهي قد تكون مصدراً للسمنة، وارتخاء عضلات البطن إذا أفرط فيها.
4- عدم مضغ اللبان وبلع الريق اللاشعوري.
5- الرياضة للجسم عامة ولعضلات البطن! بصفة خاصة.
6- تجنب استعمال الملينات؛ لأنها تسبب مع طول استعمالها ارتخاء في عضلات الأمعاء.
7- مرة أخرى أكرر هذه النصيحة قبل أن أختم مقالي: وأرجو عدم التعود على استعمال الأقراص المسكنة أو المهدئة؛ لأنها توهن عضلات الجسم بما فيها عضلات الأمعاء التي تتأثر من هذه الأقراص! بصفة خاصة.