المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المجتمع الالماني



محمد طلال هديب
13-04-2009, 02:46 PM
المجتمع الالماني

المجتمع الألماني – حديث، تعددي، منفتح

المجتمع الألماني هو مجتمع حديث ومنفتح: حيث يتمتع معظم الناس، صغارا وكبارا بمستوى تعليمي جيد، كما ينعمون بمستوى معيشي مرتفع نسبيا بالمقارنة مع باقي دول العالم، إضافة إلى أنهم يتمتعون بالحرية في اختيار أسلوب الحياة الذي يرغبون. وفي صلب الحياة الاجتماعية توجد الأسرة، التي تتخذ أشكالا متعددة. إلا أن المجتمع الألماني يواجه تحديات كبيرة ناجمة عن مشكلات هامة يسببها التطور السكاني، منها اتجاه المجتمع إلى الشيخوخة بسبب ارتفاع متوسط الأعمار، والهجرة التي يتزايد من خلالها التنوع العرقي والثقافي. وبالإضافة إلى كل ذلك، يجد الألمان أنفسهم في مواجهة مهمة لابد من إنجازها: وهي معالجة نتائج 45 عاما من التقسيم. صحيح أنه قد تم إنجاز الكثير خلال عقد ونصف مرت على عودة الوحدة السياسية في عام 1990، إلا أن الوحدة الاجتماعية ستبقى في المنظور القريب هدفا مهما يسعى إليه الألمان.

الأسرة
ماتزال الأسرة هي الوحدة الاجتماعية الأساسية للناس، وواحدة من أهم المؤسسات الاجتماعية على الإطلاق. وقد ازدادت أهميتها كمركز للحياة مع مرور الزمن. وتحتل الأسرة المكانة الأولى بين الخيارات الشخصية بالنسبة لحوالي 90% من السكان. وحتى في أوساط جيل الشباب تتمتع الأسرة بقيمة عالية: 70% ممن تتراوح أعمارهم بين 12 و26 عاما يرون أن المرء يحتاج إلى أسرة كي يكون سعيدا.

إلا أن تصور شكل هذه الأسرة وبنيتها قد تغيرا بشكل كبير مع التحولات الاجتماعية. ففي الأسرة التقليدية الاجتماعية يعمل الأب والأم المتزوجان على تربية أولادهما بتقسيم واضح للأدوار والمهمات: الأب يعمل ويكسب المال، بينما تقوم الأم بدور ربة المنزل. أسلوب "المنفق الوحيد على الأسرة" هذا، يتم اتباعه بشكل فعلي، على سبيل المثال لدى الطبقات الاجتماعية الدنيا ولدى المهاجرين، أو لفترة زمنية معينة، عندما يكون الأولاد صغارا في السن. إلا أنه لم يعد الأسلوب السائد في الحياة الاجتماعية كما كان في السابق.
لقد تنوعت أساليب وطرق العيش المشترك بشكل كبير جدا. فحرية الاختيار بين الأشكال المختلفة للأسرة، وحتى إمكانية التخلي عن هذه الأسرة، أصبحت الآن كبيرة جدا. ويعود هذا بشكل أساسي لتغير دور المرأة في المجتمع: حوالي 60% من الأمهات يمارسن اليوم عملا أو مهنة. الأسر أصبحت أصغر مما كانت عليه في السابق. والأسر ذات الولد الواحد غدت أكثر بكثير من الأسر ذات الثلاثة أولاد أو أكثر. والأسرة التقليدية اليوم هي الأسرة التي لديها ولدان فقط. وحتى الحياة بدون أولاد، سواء لزوجين أو شريكين في الحياة، أو لفرد واحد أصبحت اليوم أكثر انتشارا. تقريبا ثلث النساء المولودات في عام 1965 ليس لديهن الآن أولاد.
ليست فقط أساليب الحياة هي التي تخضع للتغيرات، ولكن أيضا المعايير والقيم الأخلاقية تعيش عصر تغيرات جذرية. فالشراكة بين الرجل والمرأة ما تزال قيمة مهمة من قيم المجتمع، إلا أن الأسلوب القائم على حياة مشتركة دائمة قد تراجع إلى حد كبير. وبالمقابل فقد ارتفعت نوعية المعايير التي تقوم عليها هذه الشراكة. وهذا هو أحد الأسباب التي أدت إلى أن تنتهي 40% من حالات الزواج التي عقدت في السنوات الأخيرة إلى الطلاق. زواج آخر أو علاقة جديدة هما القاعدة في أغلب الأحوال. وقد ازدادت بشكل ملحوظ علاقات المشاركة والعيش المشترك التي لا تقوم على الزواج.
وبشكل خاص عند جيل الشباب وعند المطلقين تزداد شعبية "الزواج بدون عقد رسمي". وهكذا ترتفع أيضا نسبة المواليد من غير زواج الأبوين: ففي غرب ألمانيا تصل نسبة المواليد الذين يولدون لأبوين غير متزوجين إلى خمس إجمالي المواليد الجدد، وتتجاوز هذه النسبة 50% في شرق ألمانيا. ومن نتائج هذا التطور زيادة نسبة الأولاد بالتبني (ابن الشريك) ونسبة المربين الوحيدين (الأم أو الأب بشكل منفرد). خمس الأسر التي لديها أولاد، يكون هؤلاء الأولاد فيها أولاد أحد الشريكين، وغالبا أولاد الزوجة (الأم).
ولم تخل العلاقات داخل الأسرة أيضا من التطور خلال العقود الأخيرة. العلاقات بين الآباء والأولاد هي علاقات جيدة عادة، وهي لم تعد تقوم غالبا على الطاعة والتبعية ولكن على أساس المساعدة والدعم والتربية على تعلم الاستقلالية.
صحيح أن الأسر المكونة من ثلاثة أجيال تعيش الآن فيما ندر تحت سقف واحد، ولكن رغم ذلك فإن العلاقة بين الأولاد البالغين والآباء كما بين الأجداد والأحفاد مازالت متينة تقوم على أسس عاطفية قوية
جيل الشباب
المرجع الرئيسي لجيل الشباب حاليا هو الأسرة، إلى جانب مجموعات الأصدقاء من ذات العمر التي تزداد أهميتها باستمرار. من بين أبناء 18 حتى 21 عاما يعيش حاليا 81% من الشبان و71% من الفتيات في منزل الأسرة. لم يسبق أن بقي هذا العدد الكبير من الشباب حتى هذه السن "المتأخرة" في بيت الوالدين. كما يؤكد كل أبناء 12 حتى 29 سنة تقريبا أنهم على علاقة جيدة بالوالدين.
أحد أسباب البقاء في بيت الأسرة يتمثل في أن المزيد من الشباب يمضون المزيد من الوقت في الدراسة والتعليم. وقد ارتفعت بالفعل مستويات تأهيلهم المختلفة. واليوم يلتحق حوالي 37% من مواليد العام الواحد بالجامعة، ولا يتجاوز عدد الذين يهجرون عالم الدراسة والتأهيل من دون الحصول على شهادة تخرج نسبة 10%. ومجموعات الشباب التي تواجه صعوبات في جوانب النظام التعليمي المختلفة من دراسة وتأهيل تتحدر في معظمها من طبقات المجتمع الدنيا ومن أسر المهاجرين الأجانب.
وبالمقارنة مع أجيال الشباب السابقة، فقد أصبح الشباب أكثر واقعية وعملية وميلا للتجريب، ولم تتحسن علاقتهم مع جيل الآباء وحسب، وإنما أيضا علاقتهم مع الديمقراطية: النظرة التشاؤمية ومشاعر الاحتجاج ومواقف "لا مزاج لأي شيء" التي سادت في الثمانينيات، تحولت اليوم إلى نظرة تفاؤلية عملية تجريبية غير أيديولوجية. جيل شباب اليوم يسعى إلى النجاح والعمل الجاد والاجتهاد. وشعارهم في الحياة يشبه قاعدة "الصعود والترقي بدلا من التراجع"
في الحوار بين اليمين واليسار يميل جيل الشباب إلى اليسار، كما هو مألوف عنهم. إلا أنهم نادرا ما يتشبثون بمواقف سياسية متشددة. وبالمقابل فإن جيل الشباب على استعداد كبير للالتزام والمشاركة في الحياة الاجتماعية. حيث يساهم حوالي ثلاثة أرباع الشباب في نشاطات واهتمامات تتعلق بالبيئة والمجتمع: من كبار السن الذين يحتاجون للرعاية، إلى حماية الطبيعة والحيوانات، ومن مساعدة الفقراء إلى الاهتمام بالمهاجرين الأجانب وبالمعوقين. وبالمقابل يخف اهتمامهم بالسياسة والأحزاب المختلفة والنقابات. ولا تتجاوز نسبة المهتمين بالسياسة من أبناء 12 حتى 25 سنة 30%، بينما ترتفع بين صفوف البالغين الشباب لتصل إلى 44%، كما تصل بين صفوف الطلبة إلى 64%.

لكل شعب خصائصه وعاداته وتقاليده، والا لما أمكن إطلاق وصف "شعب" على مجتمع بشري ما. ويُعرف عن الألمان بالذات تميزهم عن الأوروبيين في بعض التصرفات وطرق التفكير. رافقنا في السطور التالية لنخبرك عن بعض ما نعرف!

ألمانيا بلد السفر والسياحة
تعد ألمانيا الواقعة جغرافيا في قلب أوروبا من الوجهات المفضلة للرحلات والسفر ومن الدول السياحية التي تجذب سنويا ملايين الزوار ويعزى هذا كله إلى التنوع الكبير في المناظر الطبيعية والعرض الشاسع في تنظيم أوقات الفراغ والتشكيلة العريضة في الأحداث الرياضية والثقافية.
رغم الكثافة البشرية الكبيرة تزخر ألمانيا بمناظر طبيعية ساحرة ومتعددة، فالأمر ليس غريبا، كونها تطل على بحري الشمال والشرق وتتوفر على كمية هائلة من الأنهار والبحيرات فضلا عن السلاسل الجبلية المتوسطة والعالية الإرتفاع والمنتزهات الطبيعية والمحيطات الحيوية الاحتياطية. وقد طبعت الطبيعة الخلابة كذلك كافة الثقافات الإقليمية المحتفظة عادة بعاداتها وتقاليدها العريقة المتأصلة في العصور الوسطى مثل الثلال والهضاب الينعة الخصبة التي تمتد بجانب نهري الراين وموسل ومناطق التجول ببحر الشمال والأراضي الممتدة بمنطقة الألب بجبالها وبحيراتها.
عروض غنية ووافرة لقضاء وقت الفراغ
هناك أعداد كبيرة ومتنوعة من إمكانيات قضاء وقت الفراغ ومزاولة الألعاب الرياضية. لتخطيط وتنظيم أوقات الفراغ تمتلك ألمانيا شوارع تجول جيدة وممرات طويلة للدراجات بالإضافة إلى مناطق التنزه والتزحلق على الجليد فوق مرتفعات الجبال وتشكيلة عريضة من إمكانيات التمتع بالرياضة المائية. وتَعِد مؤسسات الاعتناء بالجسد كل السائحين الذين يشكون من إرهاق العمل بتوفير كل ما يساهم في الراحة والاستجمام. هذا ويجد المعجبون بالرياضة كافة المواد الترفيهية المثيرة وفرصة لمتابعة جميع مسابقات الألعاب الرياضية المنظمة مباشرة في مختلف الأماكن، طبعا تتصدر كرة القدم جميع الأنواع الرياضية في ألمانيا وذلك كون عشرة ملايين متفرج في المتوسط يحضرون كل موسم لمتابعة مباريات الدوري الألماني.
من يرغب في اكتشاف الفن والثقافة فإنه قد يحسن الاختيار إذا زار ألمانيا. فأكثر شيء يسحر الأعين هي القلاع العتيقة والقصور الجميلة والكنائس والأديرة علاوة على المدن التاريخية التي تحظى بالعناية والرعاية الخاصة للحفاظ عليها. كما تساهم "المدن السحرية" التي تشمل مدن فرانكفورت ودريسدن وهامبورغ وكولون وميونخ في جلب الأفواج الهائلة من السائحين. وإلى جانب المآثر التاريخية الوافرة والمؤسسات الثقافية الهامة تعرض هذه العواصم فضاء واسعا من الأحداث والمناسبات الحالية والرائعة.
إن أكبر شيء يشد أنظار الزائر سواء من داخل أو خارج البلد هي برلين التي تجسد تلك المدينة النادرة التي ترمز إلى الوحدة الألمانية بما في الكلمة من معنى بعد انقسام طال حتى سنة 1989. رغم هذا تتميز العاصمة اليوم بحيوية ونشاط لم تشهده من قبل وذلك لجمعها بين الهندسة المعمارية القديمة والحديثة وثقافات العهود الماضية والفنون المرتكزة على الأساليب الحديثة ومشاهد فنية ومسرحية حية فضلا عن المعارض والأحداث الموسيقية العالمية. بالمناسبة تقدم برلين جميع المتطلبات وحتى تلك التي لا تخطر على البال.
حتى المدن الصغيرة تتميز بغناها وتفوقها الثقافي الكبير، وهذا الوضع يعزى إلى عمق جذور تاريخ الدولة التي تشكلت وانبثقت من مجموعة من الدويلات الصغيرة. إلى جانب المعالم التاريخية الألمانية الثلاثون المسجلة ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو نشير ليس فقط إلى جزيرة المتاحف ببرلين وكاتدرائية كولون بل كذلك إلى المدن القديمة المتواجدة بمدينة شترالسوند وبامبيرغ وفايمار الكلاسيكية.
لألمانيا العديد من المفاتن والمحاسن التي تسحر الأعين ونذكر على سبيل المثال لا الحصر الاحتفالات الشعبية والمهرجانات التي تسجل سنويا أرقاما قياسية من حيث عدد الزوار كمهرجان أكتوبر المنظم بميونخ و"سوق الطفل يسوع" بنورنبيغ أو كارنفال منطقة الراين.
هناك أيضا الاحتفالات المنظمة كل سنة بشوارع مدينة روتفايله قبل العيد المسيحي "أول أيام الصوم الكبير" التي تستقطب عشرات الألوف من الزوار والمهتمين إلى منطقة الغابة السوداء نظرا إلى جذورها التي تمتد إلى القرن الخامس عشر. ويجذب المهرجان البحري المنظم كل ثاني عطلة أسبوع بشهر أغسطس والذي تلتقي فيه أكثر من 200 باخرة شراعية، مليون زائر إلى مركز الاصطياف بمدينة روستوك الممتدة على بحر الشمال الألماني. بهذا يكون المهرجان البحري أهم وأكبر حدث بحري تشهده سواحل ولاية مكلنبورغ - بومرانيا الغربية.
تعد ألمانيا من بين الدول الغنية من حيث الكثافة السكانية في أوروبا وذلك كون عدد سكانها يبلغ 82 مليون نسمة يعيشون على مساحة تقدر ب 350.000 كيلومتر مربع، ويقابل هذه الكثافة السكانية كثافة شبكة المواصلات، سواء من الشمال إلى الجنوب أو من الشرق إلى الغرب فيمكن للمسافرة الوصول إلى كافة المدن بصفة يسيرة وسريعة إما بالسيارة أو الحافلة أو القطار أو الطائرة. إن شبكة القطار السريع "إنتر سيتي" المتطورة باستمرار ونظام الطرق السريعة المتفرعة وشبكة المواصلات الجوية العصرية توفر إمكانيات التنقل الجيدة وتضمن أمن وسلامة ال**ائن وفق معايير أمنية حديثة.
إلى جانب طرق المواصلات الكثيرة تتصل حوالي مئة طريق سياحية "كالطريق الرومانسي" و"الممر الألماني لزراعة الكروم" بالمعالم الثقافية القديمة لتخلق اقترابا منسجما مع المآثر التاريخية الطبيعية والمدن والبلدات العتيقة الساحرة.
يجد الزائر كل إمكانيات الإقامة والسكن بأصناف مختلفة تشمل الغرف الخاصة والبانسيونات وشقق الإجازات والفنادق الفخمة، وحتى إمكانيات السكن العادية المنخفضة السعر تخضع للمراقبة وتلتزم بمعايير توفير الراحة اللائقة.
كما لا يخفى على أحد أن الطبخ الألماني أصبح لا يقتصر على أكلة الكرنب والسجق بل يعرض كل ما لذ وطاب من المشتهيات. رغم أن الطبخ المصنف حسب الأقاليم الألمانية نال شعبية كبيرة فإن حتى المطاعم الموجودة بالبادية تعرض أطباقا مشكلة من المطابخ العالمية. بالمناسبة لا يتجه أصحاب الذوق الرفيع والأطباق المتميزة خصيصا إلى المدن الكبيرة لتناول ما يشتهون، فالمطاعم الممتازة توجد اليوم في كل مكان.
كثالث قوة بارزة في مجال الاقتصاد القومي تحتل ألمانيا بإجمال قوتها الاقتصادية مكانة الصدارة في العالم بأسره كما تعد من أهم وأكبر الأسواق في أوروبا نظرا لتوفرها على أعلى ناتج قومي إجمالي وضمها لأكبر عدد من السكان داخل الاتحاد الأوروبي. أما فيما يخص التجارة العالمية لاسيما قطاعي البضائع والخدمات فتحتل الجمهورية الألمانية المرتبة الثانية خلف الولايات الاتحادية الأمريكية.
تتميز ألمانيا بكونها منطقة الاستثمار الاقتصادي خاصة وتعزى هذه الخاصية إلى الشركات والمؤسسات المجددة والفاعلة عالميا وإلى اليد العاملة المؤهلة والمدربة وإلى نظام تدريبي معترف به على الصعيد العالمي وإلى بنية تحتية متطورة وشاسعة فضلا عن القدرات المتفوقة في ميداني البحث العلمي والتطوير. بحكم موقعها الجغرافي المركزي تعد ألمانيا أيضا حلقة وصل تربط الأسواق الجديدة في شرق وجنوب أوروبا وحتى ما وراء حدود المجموعة الأوروبية.

تسعى ألمانيا بمناسبة تنظيم كأس العالم 2006 لكرة القدم أن تقدم صورة جيدة عن نفسها كمنطقة استثمارية قوية عصرية ومتجددة، وتستعد الحكومة الاتحادية والمؤسسات الممثلة للاقتصاد الألماني تحت راية الرابطة الاتحادية للصناعة الألمانية بمشاركة أكثر من 20 بورصة والعديد من الشركات المختلفة لاستغلال هذه الفرصة الثمينة والنادرة للقيام بحملة دعائية ترفع من قيمة وقوة الاقتصاد الألماني.
تهدف الحملة المنظمة داخل وخارج البلد تحت شعار "ألمانيا بلد الأفكار" للتعريف بألمانيا كبلد يستضيف مباريات كأس العالم وترغب بالدرجة الأولى في تقوية التواجد الألماني وتقديم صورة إيجابية عنه داخل وخارج القطر. تتميز هذه الحملة بأنها بعيدة عن كل التوجهات السياسية والح**ية ويقوم بمرافقتها عدد من الشخصيات المرموقة من مختلف الميادين الاقتصادية.
ألمانيا بلد التنوع الثقافي
سواء تعلق الأمر بجوته أو باخ أو بيتهوفن فإن للحياة الثقافية الألمانية جذور عميقة متأصلة وحتى اليوم فتمثل أسماء الشخصيات المتميزة مثل الرسام جيرارلد ريشتر والمخرج فاتح أكين أو الأسلوب الموسيقي الألماني هيب هوب الحياة الثقافية المستمرة والحية ذات الأوجه المتنوعة. تنشأ وتتوسع هذه المقومات الثقافية من خلال التعايش السلمي والتسامح الكبير والتعاون المشترك بين جميع أفراد المجتمع الذين يعيشون اليوم بالجمهورية الألمانية.
للفن والثقافة حضور كبير في جميع أنحاء ألمانيا، تجدون إلى جانب المسرح الموسيقي بهامبورغ مدارس الباليه بفوبورتال وفن الرسم المعاصر ببرلين أو العروض المسرحية بمدينة فايمار. إن الاهتمام بالثقافة أمر واضح والدليل هو أن حوالي 35 مليون زائر يترددون سنويا على أكثر من 100.000 عرض من العروض المسرحية وأكثر من 7.000 حفلة موسيقية. ومن لا يرغب في مشاهدة مسرحية "فاوست" لجوته والاستماع إلى سمفونيات الموسيقار العالمي بتهوفن يمكنه اكتشاف ما قدمه الفن منذ العهد القديم إلى يومنا هذا داخل أكثر من 6.000 متحف.
يوجد في كل أرجاء الجمهورية معالم تذكارية تشهد على عظم وغنى الإرث الثقافي الألماني. لا يضم هذا الإرث أعمال الأدباء والشعراء والمفكرين الكباربالإضافة إلى القلاع والقصور الموزعة في جميع أنحاء البلد فقط بل هناك كذلك التصميمات العصرية والحدائق التاريخية الهائلة والبنايات التي يرجع تاريخ تأسيسها إلى العشرينات من هذا القرن.
تتوفر في ألمانيا العديد من المراكز الثقافية الصغيرة والكبيرة وهذا راجع إلى التنظيم الفدرالي الذي تتميز به الدولة الذي يُحمل الولايات الاتحادية مسؤولية كبيرة في إطار دعم الثقافة، لهذا السبب ينمو ويتوسع في ألمانيا التعدد والتنوع في الحياة الثقافية التي تمتد لتعم القرى والمدن الصغيرة.

قامت منظمة اليونسكو بإضافة أسماء ثلاثين معلمة ثقافية ألمانية إلى قائمة الإرث الثقافي العالمي، وينضوي تحت هذا الرقم كاتدرائية مدينة آخن وإقامة مدينة فورتسبورغ وفايمار الكلاسيكية التي تعد مدينة وموطن جوته وشيلر. لكل هذه المآثر مكانة ساطعة فريدة من نوعها وقيمة تاريخية عظيمة وبهذا فهي تعرض إمكانية نادرة لاكتشاف المزيد عن الحياة والثقافة الألمانية التي عرفتها العقود الأخيرة .
مشاهد موسيقية ومسرحية حية
أولت ألمانيا على مر العصور اهتماما خاصا للموسيقى، واليوم نرى أن أكثر من 130 فرقة اوركسترا تتنافس وتتسابق لنيل حظوة الأعداد الكبيرة من عشاق الموسيقى والمولعين بها. كما أن حتى قاعات الأوبرا نفسها في المدن الصغيرة تعرض ل**نائها باستمرار برامج مسرحية شاملة وكاملة، أما البرامج التي تجذب حتى الزوار الأجانب فتتمثل في المهرجانات المتنوعة مثل تلك التي تنظم بمدينة ب***وت أو مهرجان باخ للموسيقى الذي تحتضنه مدينة لايبتسيغ، هذا ولا ننسى الدور الفعال الذي تقوم به الموسيقى العصرية من خلال أساليبها المختلفة كالمسرح الموسيقي وحفلات الروك والبوب وسهرات الجاز التي تزيد الفن جمالا.
ومن الملاحض أيضا أن للفن الأدبي حضورا جليا في كل المدن الألمانية، لم يكن معرض الكتاب بمدينة فرانكفورت هو وحده الذي تطور وازدهر ليصبح بمثابة قاعدة واسعة ونقطة تجاوب بين المؤلفين والكتاب الشباب بل هناك وفرة من المكتبات والمهرجانات الأدبية فضلا عن المنصات المسرحية الكبيرة والصغيرة. وإلى جانب أعمال كبار الأدباء والمؤلفين المعاصرين يتم الإعتناء بالدرجة الأولى كذلك بالأدب الكلاسيكي الذي يبرهن على مدى تشبث المواطن بالفن الأصيل حيث أن أكبر عرض مسرحي لا زال على قمة البرامج المسرحية حتى اليوم هي مسرحية "فاوست" لجوته.
أكثر شيء يجلب النظر هي بنايات المتاحف الجديدة
لا بد من الإشارة أن شبكة المتاحف ورواقات الفنون تشهد نموا محلوضا مع مرور الزمن، فقد ظهرت إلى جانب المخزون التاريخي العظيم المحتفظ به في ميونخ وكولون ودريسدن وبرلين مجموعة من المتاحف وبالأخص البنايات الجديدة في مدن لايبتسيغ وشتوتجارت وحتى على جزيرة هومبرويش التي باتت تجلب الأعداد الكبيرة من الزوار. لا تقتصر هذه المتاحف بعرض التصميمات الهندسية الجديدة فحسب بل تتعداها لتظهر الإبداعات الفنية المنجزة في كل العقود في توب منفرد وبعض الاحيان في سياق غير معتاد.
من يرغب في اكتشاف المزيد عن التوجهات الحالية بصوص الفن المعاصر يمكنه زيارة أحد الأروقة المتوفرة في مدن دوسلدورف وكولون أو برلين وقد نشأت مجموعة شابة من الأروقة وتركزت في هذه الناحية التي نالت كذلك إعجاب المهتمين من الأجانب.
تجمع العاصمة برلين بين الفن التقليدي والأساليب الإبداعية الجديدة
تلعب برلين دورا هاما في الحياة الثقافية الألمانية، بما أنها كانت العاصمة الوحيدة للشعب البروسي سابقا فتتميز بماضي أصيل وعريق وتعمل المؤسسة الوقفية للثرات الثقافي البروسي كواحدة من بين أكبر المؤسسات الثقافية على الصعيد العالمي على الحفاظ والعناية بهذه الكنوز الفريدة من نوعها. كما أن جزيرة المتاحف التي توجد في طور الترميم والتوسيع المكلف إلى حدود 2009 تعتبر من بين البرامج الإجبارية لكل من يزور برلين.
ومما يميز العاصمة الألمانية كذلك هو الحضور القوي للأعمال العصرية الكلاسيكية الهامة، إن العروض المسرحية للشخصية العملاقة بيرتولت بريشت تجد هنا ترحابا واسعا كما هو الشأن بالنسبة لأفلام مارلين ديتريش وللوحات التعبيرية لمجموعة الفنانين المعروفة باسم "القنطرة".
أما فيما يتعلق بالفنون الحالية فتتوفر العاصمة برلين على ما يشفي الغليل ويشرح الصدور حيث تعرض المشاهد المسرحية العالية والأحداث الموسيقية والفنية المتميزة، وأما السينما فللمدينة تشكيلة عريضة من المواهب والبرامج التي لا تقتصر على مهرجان الفيلم "برليناله" بل تسحر الأعين بإنتاجها العالمي الجديد.