المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أبو ذؤيب الهذلي



حازم حتاملة
02-12-2008, 06:43 PM
أبو ذؤيب الهذلي (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%87%D8%B0%D9%8A%D9%84)


أبو ذؤيب الهذلي (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%87%D8%B0%D9%8A%D9%84) شاعر (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B4%D8%A7%D8%B9%D8%B1)، مخضرم جاهلي إسلامي، أسلم على عهد النبي محمد (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF) صلى الله عليه وسلم إلا أنه لم يره.
ذكر محمد بن إسحاق بن يسار قال‏:‏ حدثني أبو الآكام الهذلي عن الهرماس بن صعصعة الهذلي عن أبيه أن أبا ذؤيب الشاعر حدثه قال‏:‏ «بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عليل فاستشعرت حزناً وبت بأطول ليلة لا ينجاب ديجورها ولا يطلع نورها فظللت أقاسي طولها حتى إذا كان قرب السحر أغفيت فهتف بي هاتف وهو يقول‏:‏ خطب أجل أناخ بالإسلام بين النخيل ومعقد الآطام قال أبو ذؤيب‏:‏ فوثبت من نومي فزعاً فنظرت إلى السماء فلم أر إلا سعد الذابح فتفاءلت به ذبحاً يقع في العرب، وعلمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قبض وهو ميت من علته فركبت ناقتي وسرت، فلما أصبحت طلبت شيئاً أزجر به فعن شيهم يعني القنفذ وقد قبض على صل يعني الحية فهي تلتوي عليه والشيهم يقضمها حتى أكلها فزجرت ذلك فقلت الشيهم شيء مهم والتواء الصل التواء الناس عن الحق على القائم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أولت أكل الشيهم إياها غلبه القائم بعده على الأمر فحثثت ناقتي حتى إذا كنت بالغاية فزجرت الطائر فأخبرني بوفاته ونعب غراب سانح فنطق بمثل ذلك فتعوذت بالله من شر ما عن لي في طريقي وقدمت المدينة ولها ضجيج بالبكاء كضجيج الحاج إذا أهلوا بالإحرام»‏.‏
فقلت‏:«‏ مه‏. قالوا‏:‏ قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئت إلى المسجد فوجدته خاليا فأتيت بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصبت بابه مرتجا وقيل هو مسجى وقد خلا به أهله فقلت‏:‏ أين الناس فقيل‏:‏ في سقيفة بني ساعدة (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B3%D9%82%D9%8A%D9%81%D8%A9 _%D8%A8%D9%86%D9%8A_%D8%B3%D8% A7%D8%B9%D8%AF%D8%A9) صاروا إلى الأنصار‏ (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%86%D8%B5 %D8%A7%D8%B1)».‏
وأكمل قائلا: «فجئت إلى السقيفة فأصبت أبا بكر (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A3%D8%A8%D9%88_%D8%A8%D9%8 3%D8%B1) وعمر (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D9%85%D8%B1_%D8%A8%D9%8 6_%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B7%D8% A7%D8%A8) وأبا عبيدة بن الجراح (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%A3%D8%A8%D 9%88_%D8%B9%D8%A8%D9%8A%D8%AF% D8%A9&action=edit) وسالما جماعة من قريش ورأيت الأنصار فيهم سعد بن عبادة (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B3%D8%B9%D8%AF_%D8%A8%D9%8 6_%D8%B9%D8%A8%D8%A7%D8%AF%D8% A9) بن دليم وفيهم شعراء وهم‏:‏ حسان بن ثابت (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AD%D8%B3%D8%A7%D9%86_%D8%A 8%D9%86_%D8%AB%D8%A7%D8%A8%D8% AA) وكعب بن مالك (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%83%D8%B9%D8%A8_%D8%A8%D9%8 6_%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%83) وملأ منهم فآويت إلى قريش وتكلمت الأنصار فأطالوا الخطاب وأكثروا الصواب وتكلم أبو بكر فلله دره من رجل لا يطيل الكلام ويعلم مواضع فصل الخصام والله لقد تكلم بكلام لا يسمعه سامع إلا انقاد له ومال إليه‏، ثم تكلم عمر بعده بدون كلامه ومد يده فبايعه وبايعوه ورجع أبو بكر ورجعت معه».‏


توفي أبو ذؤيب في خلافة عثمان بن عفان (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D8%AB%D9%85%D8%A7%D9%86 _%D8%A8%D9%86_%D8%B9%D9%81%D8% A7%D9%86) بطريق مكة (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%83%D8%A9) قريبا منها ودفنه ابن ال**ير‏ (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%A7%D8%A8%D 9%86_%D8%A7%D9%84%D8%B2%D8%A8% D9%8A%D8%B1&action=edit).‏ وغزا أبو ذؤيب مع عبد الله بن ال**ير إفريقية (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A5%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82 %D9%8A%D8%A9) ومدحه‏.‏ وقيل‏:‏ إنه مات في غزوة إفريقية بمصر منصرفاً بالفتح مع ابن ال**ير فدفنه ابن ال**ير ونفذ بالفتح وحده‏.‏ وقيل‏:‏ إن أبا ذؤيب مات غازيا بأرض الروم ودفن هناك وإنه لا يعلم لأحد من المسلمين قبر وراء قبره‏. وكان عمر ندبه إلى الجهاد فلم يزل مجاهداً حتى مات بأرض الروم. ودفنه هناك ابنه أبو عبيد وعند موته قال له‏:‏ «أبا عبيد رفع الكتاب واقترب الموعد والحساب في أبيات‏».‏
قال محمد بن سلام‏:‏ قال أبو عمرو‏:‏ «وسئل حسان بن ثابت من أشعر الناس فقال حيا أم رجلا قالوا: حيا. قال‏:‏ هذيل أشعر الناس حيا‏»‏ وأضاف ابن سلام وأقول: «إن أشعر هذيل أبو ذؤيب».‏
وقال عمر بن شبة‏ (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%B9%D9%85%D 8%B1_%D8%A8%D9%86_%D8%B4%D8%A8 %D8%A9&action=edit):‏ «تقدم أبو ذؤيب على جميع شعراء هذيل بقصيدته العينية التي يرثي فيها بنيه‏».‏
وقال الأصمعي‏ (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B5%D9%85 %D8%B9%D9%8A):‏ أبرع بيت قالته العرب بيت أبو ذؤيب‏:‏ «والنفس راغبة إذا رغبتها»










































































أبو ذؤيب الهذلي يرثي أولاده
المتوفى سنة 27 هـ

المناسبة.
خرج الشاعر إلى الجهاد في سبيل الله، مع أولاده الخمسة، متَهيّئين لفتح إفريقية، في جيش عبد الله بن أبي السرح ثم عاد الجيش منتصراً، وفي الطريق انتشر وباءٌ جارف، أخذ الأولاد الخمسة في عنفوان الشباب، ورجع الوالد حزيناً متحسرّاً في حزن، ثم استسلم للشّعر يبثه أشجانه فكان مما قال:

النص:
أمِن المَنُــونِ وريبـــها تتوجّعُ؟


والدهرُ ليـسَ بُمعْتِبٍ مَن يَجْزَعُ
قَالَتْ أميــمةُ: مَا لجسمِكَ شاحباً


منذ ابتذِلْـتَ؟ ومثلُ مَالِك يَنْفعُ
أمْ مَا لِجــنْبِكَ لا يلائـمُ مَضْجعاً


إلاّ أقضَّ عليه ذاكَ المضْــجعُ
فأجبْــتها: أمّا لِجِسْـــميَ أنّه


أَودَى بَنيَّ مــن البلادِ فوَدَّعُوا
أوْدى بَنيَّ فأعْقَبوني حَسْــــرةَ


بـعـد الرُّقادِ، وعَـبرةً مَا تُقْلِعُ
فَغبَرتُ بَعَدهُمُ بعيْـشٍ نَاصــِبِ


وإِخالُ أَنّي لاَحِقٌ مُسْـــتَتْبَعُ
وَلقدْ حَرَصْــتُ بأن أُدافعَ عنهُمُ


وإذا المنيةُ أقْبَلَتْ لا تُـــدفَعُ
وإذا المنيّةُ أَنشــَــبَتْ أَظْفَارَهَا


ألفْيْتَ كلَّ تميـــمةٍ لا تَنْفَعُ
وتَجَلُّدي للــشّــامِتينَ أرِيهمُ


أَنّي لِريب الدَّهْرِ لا أتضـعْضَعُ
حتّى كَأنّي للْحَـوادِثِ مَــرْوَةٌ.


بصفا المشـقَّرِ كلَّ يـومٍ تُقْرَعُ
لا بدَّ مِن تَلــفٍ مُقيـمٍ فانتظرْ


أَبأرْضِ قَومِك أمْ بأُخرى المَصْرعُ
وَلَقَدْ أَرَى أنّ البُــكَاءَ سَـفَاهَةٌ


وَلَسَوْفَ يُولَعُ بالبُكَا مَـنْ يُفْجعْ
وليَأتـــينّ عَلَيْــكَ يـومٌ مَرّةً


يُبكَى عَلَيْكَ، مُقنّعاً لاَ تَسْـمَعُ
والنَّفـــسُ رَاغِـبةٌ إذا رغبّتَـهَا


وإذا تُــــردُّ إلى قليلٍ تَقْنَعُ
كمْ مِن جميعي الشّمْلِ مُلْتئمي الهَؤى


كَانُوا بَعَيْــشٍ نَاعِمٍ فَتَصَدَّعُوا
فَلئِنْ بهم فَجَعَ الزّمَـــان وَريْبُه




إني بأهْـــلِ مَوَدّتِي لمُفجَّع

التعريف بالشاعـر:
هو أبو ذؤيبٍ خويلد بن خالد الهذلي، وكُنّي بأيي ذؤيْب، نسبةٌ لولده الأكبر ذؤيب، وهو شاعر أدرك زمناً في الجاهلية وزمناً في الإسلام ممن عُرفوا بالمخضرمين، وقد أسلم وجاهد مع الغزاة في سبيل الله، وتوفي في خلافة عثمان رضي الله عنه، ولقصيدته هذه شهرة ذائعة قي الأدب العربي.
























اللغويـات:


الكلمة

معناها

الكلمة

معناها
المنون
: الموت
مروة
: صخرة
ريبها
: فواجعها
الصفا
: الحجر
المعتب
: من يقبل العتاب
المشقّر
: حصن بالبحرين
أُميمة
: زوج الشاعر
أخرى
: مكان بعيد
ابتذلت
: اشتغَلت وجهدت
المصرع
: المهلك
لا يلائم
: يريد لا يستقر في مضجع
يولع
: يشغف
أقضّ
: خشن وصعب
مقنّعاً
: مستتراً بأكفانك
أوْدَى
: هلك
راغبة
: طالبة
أعقبوني
: تركوا لي
تقنع
: تكف عن الطمع
الرقاد
: النوم
حميعي الشمل
: مجتمعين
تقلع
: ترحل
ملتئمي الهوى
: غير متفرقي الأهواء
غبرت
: بقيت
الهوى
: الميل
ناصب
: متعب
تصدعوا
: تفرقوا
مستتبع
: لاحق
مودتي
: محبتي
تميمة
: ما يُعلّق لدفع الشر
مفجّع
: مصاب بالفواجع
تجلدي
: تَصبُّري
أتضعضع
: أخضع




التعليـق:
هذه القصيدة لها شهرةٌ مستفيضة في الأدب العربي، وبها أبيات يتداولها الناس في المناسبات فتقع في موقعها الحكيم مثل قول:
وإذا تُرد إلى قليلٍ تقنعُ

والنفسُ راغبةٌ إذا رغبّتها
فإنّه يصوّر حقيقة نفسية هي أن الإنسان يظل راغباً طامعاً إذا ازدادَ **ْباً طلب الزيادة، دون وقوف عند حدّ، ولكنّه حين يطر إلى الاكتفاء بالقليل يقنع به لعدم وجود سواه.
ومثل قوله:
ألفيتَ كلَّ تميمةٍ لا تنفعُ

وإذا المنيةُ أنشبت أظفارَها
لأنه يصور حكمة لا يُمارى فيها أحد، وهي أن الموت لا يرد، ولا ينفع فيه وقاء، فهو كالأسد ينشب الأظفار ليقتل ويميت.
ومثل قوله:

وتجلدي للشامتين أريهُم
أني لريبِ الدهر لا أتضعضعُ

لأنه يعبّر عن حالة نفسية تلحق المصاب المفجوع، حين يُظهر التصبر والتجلد كي لا يشمت به أعداؤه فيفرحوا لمصابه.
ومثل قوله

لا بدّ من تلفٍ مقيم فانتظرْ
أبِأَرضِ قومِك أم بأُخرْى المصرعُ




إذْ أنّه قول حق، فالموت يهجم في كل مكان قريباً كان أو بعيداً، أولا بدّ منه (وما تدري نفسه بأيِّ أرْض تَمُوت(1) وقد بدأ الشاعر يُعاتب نفسه فيسائلها ما لها تتوجع هكذا من الموت؟ مع أن الدهر لا يسترضي المتوجعين العاجزين، ثم يردّ على زوجه، حين ترى شحوبه وهزاله فتسأله عن مصابه؟ وتقول إنه ابتذل نفسه في العمل الشاق، مع أنّ ماله يغنيه عن ذلك، وأن جسمه قلق في مضجعه لا يكاد يستقرّ في مكان حتى ينبو به وينفر منه، فردّ عليها الشاعر ليعلنَ أن موت أولاده كان السببَ في تغير حاله، إذ أعقبوه الحسرة والدمع حتى ليخيل إليه أنه لا يستطيع البقاء بعدهم، وكم حرص على حمايتهم والدفاع عنهم، ولكن الموت لا يُدفع، لأن المنية حين تنشب أظفارها لا ترد بالتمائم والتعاويذ! وهَا هو ذا مَعَ حسرته الشديدة يتجلّد ويتصبّر أمامَ الشّامتين، كيلا يفرحوا فيه، مع أنه يتعرّض للمصائب المتتالية كصخرة لا تزال تُقرع صباح مساء! وهو يعلمُ أن الموت قادم لا محالة، وأن الإنسانَ متعرضّ له في حِلّه، وترحاله إذ لا بد من الحمام؟ وإذا كان الأمر كذلك، فالبكاء على الراحلين سفاهة وحمق، مع أن المحزونين لا يتركونه بل يُولعون به! وإذا كانوا يبكون اليوم فسيُبكى عليهم في الغد"
إن النفس لتطمع ثم تطمع حتى إذا جوبهت بالواقع قنعت بالقليل، ولكّلٍ مصائبه وهمومه فكم من مجتمعين تفرقوا بعد العيش الناعم والأنس الشامل.

الخصائص الفنيـة:
القصيدة صرخة إنسانية في موقفٍ لا يملكُ فيه الأب المفجوع بأولاده الخمسة غير البكاء والرثاء، وهي صادقة الانفعال قوية التأثير وما نرويه من أبياتها واضح مفهوم. ولكن بقية الأبيات التي تركناها من القصيدة ذات غرابة وفحولة.
أما المعاني ففطرية لم ترتب ترتيباً منطقياً إذ أن الشاعر ينقل عن خواطره دون تكلف، والحكم كثيرة، وقد أشرنا إليها في مقدمة التعليق، وأصدق الشعر ما عبر عن العواطف العفوية، والخواطر الطبيعية، فيجيء القول بلسماً للجراح وعزاء للمكروبين، وهكذا كان أبو ذؤيب، وتصوير قلبه بصورة الصخرة التي تقرع يومياً مما يدل على تعاقب الأحداث على نفسه أما الحوار بينه وبين أميمة فقد كشف عن مشاعره الدقيقة في وضوح وجلاء.