المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفضائيات والتحدي القيمي والأخلاقي



marj
19-05-2016, 11:49 AM
أكد منتدى الفضائيات والتحدي القيمي والأخلاقي الذي يواجه الشباب الخليجي، الذي تم في الدوحة في قطر خلال يومي الأحد والإثنين 4 و5 ذو القعدة الحالي، الذي أطلقه المجلس الأعلى لشؤون الأسرة برعاية الشيخة موزة بنت ناصر المسند رئيس المجلس والمهتمة بالوقوف ضد ما تبثه بعض الفضائيات من مواد إعلامية تتعارض والقيم الأخلاقية والاجتماعية, الأمر الذي يتطلب تضافر جهود جميع شرائح المجتمع ومؤسسات الدولة للتصدي لهذه الظاهرة وتلافي أضرارها. وقد سبق لها أن وجهت رسالة تحمل المضمون نفسه لقادة دول الخليج في اجتماعهم السابق. لهذا كان هذا المنتدى المهم وسيلة تواصل بين جميع المهتمين من التربويين والأكاديميين ومختلف المؤسسات التربوية والبحثية، بحضور الشباب محط الاهتمام. أكد هذا المنتدى احترام حرية التعبير بصفتها حقا كفله ديننا الإسلامي الحنيف, وتضمنته المواثيق والاتفاقيات الدولية، ولكن هذا الحق لا بد أن يكون مقيدا باحترام القيم والمبادئ الأخلاقية فيما تبثه هذه الفضائيات, وعدم المساس بالمعتقد وبالهوية والتقاليد التي يتمسك بها المجتمع المسلم سواء كان خليجيا أو عربيا.

خلال المحاضرات التي شارك فيها المختصون من الأكاديميين والتربويين والقانونيين والاقتصاديين من العرب ومن الغرب أيضا, يمكن القول إن هناك إجماعا أن ما يقدم من بعض القنوات الخاصة الفضائحية سواء من أفلام إباحية ومشاهد عنف يؤثر في السلوك وازدياد الانحراف لدى الأطفال والشباب. بالطبع هناك علاقة بين مواد برامج التلفزيون ومواقف الأطفال والشباب، بمعنى أن تأثير وسائل الإعلام في صياغة الشخصية والهوية أمر ملموس نشاهده يوميا في عبارات وملابس وأزياء المراهقين والأطفال، بل وبعض الشباب الخليجي، والأهم في ازدياد مساحات الجريمة والعنف وتناول المخدرات.

لهذا أوصت عديد من الدراسات والأبحاث سواء ما قدم في المنتدى أو ما هو موجود في معظم الدراسات الأخرى ذات العلاقة، ضرورة الضغط على وسائل الإعلام للتقليل من تلك المواد المثيرة للغرائز والعدوان والتفسخ الأخلاقي، ولا بد أن يتزامن ذلك مع حملات توعية موجهة للمؤسسات التربوية بدءاً بالأسرة والمدارس والجامعات والهيئات التعليمية، لمواجهة الآثار السلبية لعرض البرامج التلفزيونية المثيرة للغاية في خيال الأطفال والشباب، حيث إن استباحة هذه الفضائيات للفضاء التربوي الأخلاقي هم عام لم يختص بنا هنا في الخليج، بل أيضا في المجتمعات الغربية، فقد ناقش الدكتور باتريك ترومان في الجلسة الأولى للمنتدى تجربة مجلس الآباء لمراقبة التلفزيون للوقوف ضد هذه التجاوزات الأخلاقية التي يتم بثها من القنوات الفضائحية أو التي تبث أفلام العنف والجريمة.

إذن هناك دور مهم للأسرة لا يتوقف على منع المشاهدة مثلا داخل المنزل، بل يمتد ليشكل رأيا عاما يرفض هذا التدني الأخلاقي, وهو دور لا ينبغي أن نهمله ونلقي بجميع المسؤولية على الجهات الرسمية كي تتدخل، فهي وحدها تستطيع التدخل فالقرار السياسي حاسم, ولكن أيضا دور أولياء الأمور والمربين، كما شرحه الدكتور ترومان، وكما هو موجود على الموقع الخاص بهذا المجلس في الإنترنت، يوضح أن على الرأي العام دور مهم للوقوف أمام هذا السيل الهادر ضد الفضيلة وترويجا للرذيلة.

كما أكد المنتدى أن التشريعات وحدها لا تكفي لمعالجة مخاطر ظاهرة هذه الفضائيات الفضائحية، فالحماية الحقيقة تكون بتحصين الشباب دينيا، أخلاقيا، ثقافيا، اجتماعيا، واقتصاديا, الأمر الذي يتطلب تضافر جهود الجميع, وأهم ما كان أسلوبا إجرائيا هو أن توصيات المنتدى، منها وضع استراتيجية إعلامية خليجية لتوعية الشباب بمخاطر هذه الفضائيات الهابطة وسبل حمايتهم، ضرورة

وضع قواعد ومعايير استرشادية تعتمد من قبل مجلس التعاون لدول الخليج العربية تحفظ التوازن بين حرية الإعلام وحق البث الفضائي وبين حماية القيم والمبادئ الأخلاقية لمجتمعنا الخليجي, ضرورة وضع تشريعات منظمة للبث الفضائي، وأيضا أهمية وجود آلية للتقاضي تسمح للمتضرر بمقاضاة الفضائيات عند مخالفتها شروط الترخيص وقيم وأخلاقيات المهنة. وسواها من توصيات سأعود لمناقشتها في مقالة أخرى لأهميتها، والأهم أن هذه التوصيات تم رفعها لوزراء الأعلام الخليجي في اجتماعهم الذي كان منعقدا في قطر في آخر يوم للمنتدى، وتمت مناقشتها من قبلهم وقرروا اتخاذ تحركات خاصة بهذا الشأن ستعرض على قمة مسقط المقبلة، إن شاء الله.