المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ۩Ξ۩أحذر خَطَرِ اللِّسَانِ ۩Ξ۩



marj
25-03-2016, 08:33 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أخرجنا بالإسلام من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات ، والحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب
ولم يجعل له عوجا ، وشرع الإسلام وجعل له منهجاً ، وأعز أركانه على من غالبه ، فجعله أمناً لمن تمسك به ، وسلماً لمن دخله ، وبرهاناً لمن تكلم به ، وشاهداً لمن
خاصم عنه ، ونوراً لمن استضاء به ، وفهماً لمن عقل ، ولباً لمن تدبر ، وآيةً لمن توسم ، وتبصرةً لمن عزم ، وعبرة لمن اتعظ ، ونجاة لمن صدق ، وثقة لمن توكل ،، .
وراحة لمن فوض وجنة لمن صبراما بعد
*خَطَرِ اللِّسَانِ*

اعْلَمْ أَنَّ خَطَرَ اللِّسَانِ عَظِيمٌ، وَلَا نَجَاةَ مِنْهُ إِلَّا بِالنُّطْقِ بِالْخَيْرِ، فَعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَا يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ الْعَبْدِ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ، وَلَا يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى ،
يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ رَجُلٌ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ».
وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنُؤَاخَذُ بِمَا نَقُولُ؟ فَقَالَ: «يَا ابن جبل، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ».
وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: يَا لِسَانُ: قُلْ خَيْرًا تَغْنَمْ، وَاسْكُتْ عَنْ شَرٍّ تَسْلَمْ، مِنْ قَبْلِ أَنْ تَنْدَمَ.
وَعَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَفَّ لِسَانَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ مَلَكَ غَضَبَهُ وَقَاهُ اللَّهُ عَذَابَهُ، وَمَنِ اعْتَذَرَ إِلَى اللَّهِ قَبِلَ اللَّهُ عُذْرَهُ».
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَسْكُتْ».
وَعَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «اخْزُنْ لِسَانَكَ إِلَّا مِنْ خَيْرٍ، فَإِنَّكَ بِذَلِكَ تَغْلِبُ الشَّيْطَانَ».



جُمَلٌ مِنْ آفَاتِ اللِّسَانِ:

الْآفَةُ الْأُولَى: الْكَلَامُ فِيمَا لَا يَعْنِي:
اعْلَمْ أَنَّ رَأْسَ مَالِ الْعَبْدِ أَوْقَاتُهُ، فَمَهْمَا صَرَفَهَا إِلَى مَا لَا يَعْنِيهِ وَلَمْ يَدَّخِرْ بِهَا ثَوَابًا فِي الْآخِرَةِ فَقَدْ ضَيَّعَ رَأْسَ مَالِهِ؛
وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ».

الْآفَةُ الثَّانِيَةُ: فُضُولُ الْكَلَامِ:
وَهُوَ أَيْضًا مَذْمُومٌ، وَهَذَا يَتَنَاوَلُ الْخَوْضَ فِيمَا لَا يَعْنِي، وَالزِّيَادَةَ فِيمَا يَعْنِي عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ، فَإِنَّ مَنْ يَعْنِيهِ أَمْرٌ يُمْكِنُهُ أَنْ يَذْكُرَهُ بِكَلَامٍ مُخْتَصَرٍ، وَيُمْكِنَهُ أَنْ يُجَسِّمَهُ وَيُكَرِّرَهُ، وَمَهْمَا
تَأَدَّى مَقْصُودُهُ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فَذَكَرَ كَلِمَتَيْنِ، فَالثَّانِيَةُ فُضُولٌ- أَيْ فَضْلٌ عَنِ الْحَاجَةِ- وَهُوَ أَيْضًا مَذْمُومٌ؛ لِمَا سَبَقَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إِثْمٌ وَلَا ضَرَرٌ.
الْآفَةُ الثَّالِثَةُ: الْخَوْضُ فِي الْبَاطِلِ:
وَهُوَ الْكَلَامُ فِي الْمَعَاصِي، كَحِكَايَةِ أَحْوَالِ النِّسَاءِ، وَمَجَالِسِ الْخَمْرِ، وَمَقَامَاتِ الْفُسَّاقِ، وَتَكَبُّرِ الْجَبَابِرَةِ، وَمَرَاسِمِهِمُ الْمَذْمُومَةِ، وَأَحْوَالِهِمُ الْمَكْرُوهَةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَحِلُّ الْخَوْضُ فِيهِ.
وَأَكْثَرُ النَّاسِ يَتَجَالَسُونَ لِلتَّفَرُّجِ بِالْحَدِيثِ، وَلَا يَعْدُو كَلَامُهُمُ التَّفَكُّهَ بِأَعْرَاضِ النَّاسِ أَوِ الْخَوْضَ فِي الْبَاطِلِ. وَأَنْوَاعُ الْبَاطِلِ لَا يُمْكِنُ حَصْرُهَا؛ لِكَثْرَتِهَا وَتَفَنُّنِهَا، فَلِذَلِكَ
لَا مَخْلَصَ مِنْهَا إِلَّا بِالِاقْتِصَارِ عَلَى مَا يَعْنِي مِنْ مُهِمَّاتِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا.
الْآفَةُ الرَّابِعَةُ: الْمِرَاءُ وَالْجِدَالُ:
وَذَلِكَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُمَارِ أَخَاكَ، وَلَا تُمَازِحْهُ، وَلَا تَعِدْهُ مَوْعِدًا فَتُخْلِفَهُ».
وَعَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ أَنْ هَدَاهُمُ اللَّهُ إِلَّا أُوتُوا الْجَدَلَ».
الْآفَةُ الْخَامِسَةُ: الْخُصُومَةُ:
وَهِيَ أَيْضًا مَذْمُومَةٌ، وَهِيَ وَرَاءَ الْجِدَالِ وَالْمِرَاءِ، وَحَقِيقَتُهَا لَجَاجٌ فِي الْكَلَامِ لِيُسْتَوْفَى بِهِ مَالٌ أَوْ حَقٌّ مَقْصُودٌ، وَفِي الْحَدِيثِ:«إِنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الْأَلَدُّ الْخَصِمُ». وَلَا تَكُونُ
الْخُصُومَةُ مَذْمُومَةً إِلَّا إِنْ كَانَتْ بِالْبَاطِلِ أَوْ بِغَيْرِ عِلْمٍ، كَالَّذِي يُدَافِعُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ الْحَقَّ فِي أَيِّ جَانِبٍ، أَوْ يَمْزُجُ بِخُصُومَتِهِ كَلِمَاتٍ مُؤْذِيَةً لَا حَاجَةَ لَهَا فِي نُصْرَةِ الْحُجَّةِ
وَإِظْهَارِ الْحَقِّ،أَوْ يَحْمِلُهُعَلَى الْخُصُومَةِ مَحْضُ الْعِنَادِ؛ لِقَهْرِ الْخَصْمِ وَكَسْرِهِ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَسْتَحْقِرُ ذَلِكَ الْقَدْرَ مِنَ الْمَالِ.

الْآفَةُ السَّادِسَةُ: التَّقَعُّرُ فِي الْكَلَامِ:
وَهُوَ التَّشَدُّقُ، وَتَكَلُّفُ السَّجْعِ، وَالْفَصَاحَةِ، وَالتَّصَنُّعُ فِيهِ، فَإِنَّهُ مِنَ التَّكَلُّفِ الْمَمْقُوتِ، إِذْ يَنْبَغِي أَنْ يَقْتَصِرَ فِي كُلِّ شَيْءٍ عَلَى مَقْصُودِهِ، وَمَقْصُودُ الْكَلَامِ التَّفْهِيمُ لِلْغَرَضِ،
وَمَا وَرَاءَذَلِكَ تَصَنُّعٌ مَذْمُومٌ، وَلَا يَدْخُلُ فِي هَذَا تَحْسِينُ أَلْفَاظِ التَّذْكِيرِ وَالْخَطَابَةِ مِنْ غَيْرِ إِفْرَاطٍ وَلَا إِغْرَابٍ، فَلِرَشَاقَةِ اللَّفْظِ تَأْثِيرٌ فِي ذَلِكَ.
الْآفَةُ السَّابِعَةُ: الْفُحْشُ وَالسَّبُّ وَبَذَاءَةُ اللِّسَانِ:
وَهُوَ مَذْمُومٌ وَمَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَمَصْدَرُهُ الْخُبْثُ وَاللُّؤْمُ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِيَّاكُمْ وَالْفُحْشَ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ وَلَا التَّفَحُّشَ».
وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ أَنْ تُسَبَّ قَتْلَى بَدْرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ: «لَا تَسُبُّوا هَؤُلَاءِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُصُ إِلَيْهِمْ شَيْءٌ مِمَّا تَقُولُونَ وَتُؤْذُونَ الْأَحْيَاءَ، أَلَا إِنَّ الْبَذَاءَ لُؤْمٌ».
الْآفَةُ الثَّامِنَةُ: اللَّعْنُ:
اللَّعْنُ إِمَّا لِحَيَوَانٍ أَوْ جَمَادٍ أَوْ إِنْسَانٍ، وَكُلُّ ذَلِكَ مَذْمُومٌ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُؤْمِنُ لَيْسَ بِلَعَّانٍ».
وَاللَّعْنُ عِبَارَةٌ عَنِ الطَّرْدِ وَالْإِبْعَادِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ إِلَّا عَلَى مَنِ اتَّصَفَ بِصِفَةٍ تُبْعِدُهُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ الْكُفْرُ وَالظُّلْمُ، وَفِي لَعْنِ فَاسِقٍ مُعَيَّنٍ خَطَرٌ، فَلْيُجْتَنَبْ وَلَوْ
بَعْدَ مَوْتِهِ،بَلْ قَدْ يَكُونُ أَشَدَّ إِنْ كَانَ فِيهِ أَذًى لِلْحَيِّ، وَفِي الْحَدِيثِ: «لَا تَسُبُّوا الْأَمْوَاتَ فَتُؤْذُوا بِهِ الْأَحْيَاءَ» وَيَقْرُبُ مِنَ اللَّعْنِ الدُّعَاءُ عَلَى الْإِنْسَانِ بِالشَّرِّ، حَتَّى الدُّعَاءُ عَلَى الظَّالِمِ
فَإِنَّهُ مَذْمُومٌ، وَفِي الْخَبَرِ: «إِنَّ الْمَظْلُومَ لَيَدْعُو عَلَى الظَّالِمِ حَتَّى يُكَافِئَهُ».
الْآفَةُ التَّاسِعَةُ: الْغِنَاءُ وَالشِّعْرُ:
وَالْمَذْمُومُ مِنْهُمَا مَا اشْتَمَلَ عَلَى مُحَرَّمٍ أَوْ دُعَاءٍ إِلَيْهِ، كَتَشْبِيبٍ بِمُعَيَّنٍ، وَهِجَاءٍ، وَتَشَبُّهٍ بِالنِّسَاءِ، وَتَهْيِيجٍ لِفَاحِشَةٍ، وَلُحُوقٍ بِأَهْلِ الْخَلَاعَةِ وَالْمُجُونِ، وَصَرْفِ الْوَقْتِ إِلَيْهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ،
وَمَا خَلَا عَنْ ذَلِكَ فَهُوَ مُبَاحٌ.
الْآفَةُ الْعَاشِرَةُ: الْمِزَاحُ:*
وَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ الْمَذْمُومُ مِنْهُ هُوَ الْمُدَاوَمَةُ عَلَيْهِ وَالْإِفْرَاطُ فِيهِ، فَأَمَّا الْمُدَاوَمَةُ فَلِأَنَّهُ اشْتِغَالٌ بِاللَّعِبِ وَالْهَزْلِ، وَأَمَّا الْإِفْرَاطُ فِيهِ فَإِنَّهُ يُورِثُ كَثْرَةَ الضَّحِكِ، وَالضَّغِينَةَ ،
فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِوَيُسْقِطُ الْمَهَابَةَ وَالْوَقَارَ، وَأَمَّا مَا يَخْلُو عَنْ هَذِهِ الْأُمُورِ، فَلَا يُذَمُّ، كَمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنِّي لَأَمْزَحُ وَلَا أَقُولُ إِلَّا حَقًّا»
أَلَا إِنَّ مِثْلَهُ يَقْدِرُعَلَى أَنْ يَمْزَحَوَلَا يَقُولَ إِلَّا حَقًّا،
وَأَمَّا غَيْرُهُ إِذَا فَتَحَ بَابَ الْمِزَاحِ كَانَ غَرَضُهُ أَنْ يُضْحِكَ النَّاسَ كَيْفَمَا كَانَ.
السلام عليكم


المصدر كتاب افات السان
في امان الله