المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفوائد الطبية لنبات القنب ( الحشيش )



الصيدلاني راتب
29-09-2012, 10:20 AM
الفوائد الطبية لنبات القنب ( الحشيش )
ناحية تاريخية

القنب كلمة لاتينية معناها ضوضاء، وقد سمي الحشيش بهذا الاسم لأن متعاطيه يحدث ضوضاء بعد وصول المادة المخدرة إلى ذروة مفعولها. ومن المادة الفعالة في نبات القنب هذا يصنع الحشيش، ومعناه في اللغة العربية "العشب" أو النبات البري، ويرى بعض الباحثين أن كلمة حشيش مشتقة من الكلمة العبرية "شيش" التي تعني الفرح، انطلاقاً مما يشعر به المتعاطي من نشوة وفرح عند تعاطيه الحشيش. وفي القرن السابع قبل الميلاد استعمله الآشوريون في حفلاتهم الدينية وسموه نبتة "كونوبو"، واشتق العالم النباتي ليناوس سنة 1753م من هذه التسمية كلمة "كنابيس" Cannabis .


والقنب الهندي هو نوع من النباتات التابعة للعائلة القنبية ( Family cannabinaceae - Cannabis family ، وهذه العائلة تضم ثلاثة أنواع نباتية ، هي : ( Humulus japonica , Humulus lupulus , and cannabis sativa " Hemp " ) ) . والقنب الهندي ( نبات القنّب hemp ) واسمه العلمي " كنابس ساتيفا " " “ cannabis sativa ) ، والماريجوانا يطلق على أي جزء من النبات ، وهذه التسمية جاءت من المكسيك جراء التجهيزات والأسماء المكسيكية المختلفة ، والمريجوانا تحريف اسباني مكسيكي لاسم " ماري جين " ( Mary Jane ) ، ويطلقونه على الحشيش وينطقونه أحيانا بالكلمات التالية ( marihuana , mariguana , marijuana , miajuana ) ، والماريجوانا تستخرج من الأوراق وقمم الازهار وتحضر للتدخين ، والحشيش من مستخلص الراتنج ويؤخذ من اسم النبات ويجهّز بصورة عجينة يمكن صنعها بخلطها بأنواع من الزبدة ، ويستخدم في انتاج صور مرغوبة مع السكر . والنبات عشبي ينمو طبيعيا في مناطق مختلفة من العالم - ينمو ويزدهر دون الحاجة الى زراعة وعناية خاصة - . وربما عدّ من النباتات المتوطنة في أواسط آسيا وشمال الهمالايا ومنطقة تركستان والصين . وتبعا لرأي بعض النباتيين ، لا يوجد الا نوع واحد من القنب ، الا أن الصفات الشكلية لهذا النبات تتبدل بسهولة وبسرعة تحت تأثير تغيرات الأقاليم والارتفاعات مما أوجد تنوعات منه . ففي أوروبا ينمو القنب وترتفع ساقه الى حوالي مترين ويحصد عادة لاستخراج بعض الألياف منه والمستخدمة في صنع أمتن الحبال والنسيج ، وكذلك بقصد الاستفادة من بذوره الزيتية " القنبز " كغذاء للطيور . وفي بعض المناطق كأعالي الهضاب الآسيوية وهندستان وايران واليونان وأفريقيا الشمالية ينمو النبات تحت تأثير الجفاف وطبيعة الأقاليم ، فيبدو قصير القامة وأقل قيمة من الناحية النسيجية والمواد الفعالة .
والنبات هو ثنائي الجنس ، فالأزهار الذكرية تنمو في الطبيعة في نبات والأنثوية في نبات آخر ، وتنفرز حول القمم المزهرة من النبات المؤنث مادة راتنجية صمغية صفراء اللون وهي بمثابة درع واقي لمحتويات النبتة من عناصر البيئة ، أما المواد الفعالة فتتركز في هذة المواد الراتنجية التي تفرزها مجموعة الأزهار الأنثوية ، وتحتوي بذور القنب على ما يقارب 30% من الزيوت ، أما البذور المتبقية فتستعمل غذاء للطيور ، كما تستخدم هذه البذور منشطة لأدرار الحليب لدى المرضعات .
ولقد عرف منذ قديم الزمان أن تناول هذه المادة الراتنجية يؤدي الى نوع من الخدر الخاص ، وقد صنع رهبان الهند منها شرابات سحرية يستعملونها في التأثير على الناس في الاحتفالات الدينية . ومع الزمن انتقل استعمال هذا النبات الى عامة الناس وانتشر من الهند الى الشرق الأوسط ومن ثم الى شمالي أفريقيا فاسبانبا فأوروبا الوسطى والشمالية ثم أخيرا الى أمريكا حيث كانت المكسيك حتى سنة 1977 تزود الولايات المتحدة بأكبر كمية من الماريجواتا، ولكن المسؤولين المكسيكيين في ذلك الوقت شنوا حملة فعالة على زراعتها وتهريبها ، وخلال هذه الحملة رشت مزارع الماريجوانا بمحلول الباراكوايت ( paraquat ) وهو مبيد للأعشاب تبين أنه ذو علاقة بالتلف الرئوي بين مدخني الماريجوانا القادمين من الحقول المرشوشة .

الجمع والحصاد .
يزهر نبات القنب في فصل الصيف ، حيث تجمع النوارات المؤنثة قبل تفتحها ، وكذلك تجمع القمم بما تحويه من أوراق قريبة من النوارات حيث يستخلص منها المواد الفعالة الراتنجية باستخدام الكحول الساخن ثم تقطّر بعد ذلك لفصل الكحول عن المادة الراتنجية . وأن نسبة المواد الراتنجية في العقار تتوقف على المناخ والري والتسميد وميعاد الجمع ، وغيرها .

التركيب الكيميائي والخواص الفيزيولوجية والدوائية


هناك غموض فيما يخص استخدام القنب من الناحية السريرية بسبب قلة في الأوراق العلمية الدقيقة التي تشير الى هذا الأمر ، واحتواء النبتة على العديد من المركبات الكيميائية ذات الفعل الدوائي المختلف والتي قدرت بما يزيد عن 400 مركب كيميائي مختلفة، الا ان أهم المكونات التي لها أثر نفسي والتي تم الكشف عنها هي مادة رابع هيدروكانابينول ( tetrahydrocannabinol ) ويرمز له بالرمز ، ومع ذلك فانه لا يمكن الحكم على أن التأثيرات الدوائية النفسية مردها هذه المادة بعينها ، فقد تم التعرف على مواد أخرى ، مثل كانابيدايئول ( cannabidiol , CBD ) التي تقلل من التوتر والقلق الذي يسببه رابع هيدروكانابينول ، وهناك مادة أخرى تم التعرف عليها هي كانابيجيرول ( cannabigerol , CBG ) . ومادة ( cannabinol CBN ) ،ومادة رابع هيدروكانابيفيرين ( tetrahydrocannabivarin THCV ) ، وغيرها مما قد يعطي تأثيرات مختلفة عما تعطيه مادة -THC9 ∆ لوحدها، ولذلك فانه لمعرفة الفعل السريري ، لا بد من عملية استخلاص معيارية للنبتة واجراء التجارب العلمية اللازمة .
لا تزال آلية الفعل الدوائي لنبات القنب غير معروفة تماما ، وأن الأثر السلوكي والأثر الدوائي على الجهاز العصبي للقنب لمادة (-THC 9 ∆ ) قد تم بحثها خلال الأعوام ما بين 1970 الى أواخر عام 1990 م ، وخلال هذه الفترة وجد ما يسمى بمركبات القنب الاصيلة في الجسم ( endocannabinoids ) ، وتم التعرف على وجود مستقبلات لهذه المركبات في الجهاز العصبي المركزي عرفت باسم ( CB1 ) ، وفي عام 1992م تم التعرف أكثر على مكان ارتباط المادة وتم تحديد أول مادة أصيلة في الجسم وأطلق عليها اسم أناندامايد ( anandamide ) ، وهي مشتقة من حمض اراكادون ( arachadonic acid ) والذي يصنع ويفرز عن طريق الاعصاب والخلايا المناعية، ومجموعة كبيرة أخرى من هذه الزمر الطبيعية الموجودة في الجسم والتي تشكل نقاط ارتباط بالمواد الفعالة لنبات القنب تم معرفتها .

الاستخدامات الطبية لنبات القنب .
نبات القنب وما يحتويه من مواد وخصوصا مادة (-THC9 ∆) وبعض المركبات الشبيهة صناعيا، لها مكانتها في المعالجة الطبية ، الا ان ذلك يلزم اشرافا طبيا للحد من ظهور بوادر الادمان ، اضافة الى أن الدراسات لا تزال مستمرة للتحقق من معظم الاستخدامات المختلفة لنبات القنب ، ويمكن أن نجمل هذه الاستخدامات بما يلي :
1 - مضادة للغثيان والاقياء عند المرضى الذين تتم معالجتهم بالأدوية المقاومة للسرطان ، في حالة عدم استجابتهم للأدوية الأخرى المضادة للاقياء . ومن هذه المشتقات هو مركب نابيلون ( nabilone ) ، ومركب درونابينول ( dronabinol ).
2 - تصلب الأنسجة والشد العضلي ( multiple sclerosis and muscle spasticity ) .
أشارت بعض التقارير الطبية بأن لنبات القنب أهمية في معالجة الاضطرابات ذات المنشأ العصبي ، مثل تصلب الأنسجة والأضرار التي تصيب الحبل الشوكي . وأن مثل هؤلاء المرضى تكون لديهم أعراض كرب موجعة ومحزنة ، ولقد لوحظ تحسنا في الحد من هذه الأعراض باستخدام مكونات نبات القنب عند المرضى الذين لم يستجيبوا للأدوية الأخرى .
3 - معالجة الاضطرابات الحركية ومرض باركنسون ( movement disorders and parkinson's disease )
هناك دراسات محدودة تشير الى مقدرة نبات القنب على التحكم في الاضطرابات الحركية الناتجة عن مرض باركنسون وداء ميجز ( Meigs' syndrome ) ، وهذا الأخير عبارة عن ورم حميد يصيب منطقة المبيضين أو أي جزء في منطقة الحوض ، وجاء تسمية هذا الداء نسبة الى الجرّاح الأمريكي جو ميجز ( Joe V. Meigs , 1892 - 1963 )
4 - تخفيف الألم ( pain relief ) .
تعتبر بعض مكونات القنب مسكنات مفيدة ، في حالة عزل أو ضبط الآثار النفسية للنبات بحيث لا يسبب مشاكل مستقبلية للمريض . وخلصت بعض الدراسات التي أجريت على الحيوانات بأن كلا من مادتي ( THC ) و ( CBD ) تمتلكان خصائص مسكنة ، مع أن آلية التسكين مختلفة . وأن العديد من الدراسات السريرية المحدودة أفادت بأن جرعة تقدر بحوالي ( 15 - 20 ) ملغم من مادة ( THC ) توازي تأثير جرعة من الكودائين تقدر بحوالي ( 60 - 120 ) ملغم .
5 - اصابات الرأس ( head injury ) .
هناك مركب مشتق من مكونات نبات القنب يدعى دكسابينول ( Dexabinol ) أجريت عليه بعض التجارب السريرية لتقييمه في معالجة رضوض الدماغ ( brain trauma ) وحالات نقص وصول الأكسجين اليه ( cerebral ischaemia ) ، والنقطة المهمة هو أنه لا يملك تأثيرات نفسية .
تمتلك مادتي ( CBD ) و ( THC ) تأثيرا مضادا للأكسدة يفوق تأثير حمض الأسكوربيك ( فيتامين سي ) ومادة توكوفيرول ( alpha - tocopherol - vitamin E ) ، وقد بينت بعض الدراسات التي أجريت على الأرانب والتجارب خارج أجسام الكائنات الحية ، مقدرة هذه المواد في التخفيف من التأثير المدمر لعمليات الأكسدة لبعض المركبات الكيميائية على خلايا الدماغ .
6 - داء تورتّي ( Tourette's syndrome ) .
مكتشف هذا الداء اختصاصي الأعصاب الفرنسي تورتي ( Gilles de la Tourette , 1857 - 1904 ) ، وهو نادر الحدوث يتميز بنوبات قاسية من التشنجات العضلية في مناطق الوجه والكتفين والأطراف ، وهو حالة عصبية مزمنة تبدأ منذ الطفولة بين عمر سنتين الى أربعة عشرة سنة . تعالج هذه الحالة عادة بدواء هالوبيريدول ( haloperidol ) ، ويعتقد بأن سبب هذه الحالة هو خلل في نظام الدوبامين في الدماغ ، ذلك أن الأدوية التي تعمل عمل الدوبامين تحد من هذه الحالة المرضية .
لقد لوحظ أن تنشيط مستقبلات الكانابينويد ( CB1 ) تزيد من فعالية مادة الدوبامين في الدماغ ، ويبدو من هذه الملاحظة مع ملاحظات أخرى بأن مسارات الكانابينينويد الفسيولوجية في الجسم لها علاقة بالأسباب الفسيولوجية المرضية لداء تورتي . هناك حالات قليلة جدا أظهرت زوال التقلصات اللاارادية عند تدخين القنب وأن استمرار زوال هذه التشنجات لوحظ مع استمرار التدخين لفترة طويلة .
7 - علاج الذهان والعصاب ( neuroses and psychosis ) .
هناك تضارب بين الدراسات ، فبعضها أشار الى أن القنب يزيد من الاصابة بالذهان والعصاب ، ويكون سببا لظهور حالات القلق ، وبعض الحالات أظهرت فعلا مباشرا للقنب ضد الاكتئاب . ولذلك فان الحاجة ماسة لاجراء المزيد من الابحاث في هذا المجال .
8 - معالجة ضغط العين ( glucoma ) .
لوحظ في عام 1971 م بأن تدخين القنب يقلل من ضغط العين ( intra - ocular pressure , IOP ) بنسبة تقترب من 45 % ، وقد عزي هذا الفعل الى مادة ( THC ) ، عن طريق تدخلها بمركبات البروستاجلاندين ( Prostaglandines ) . وفي دراسة غير موثقة تماما ، لوحظ بأن استعمال مادة ( THC ) موضعيا - استعمال خارجي - يعمل على هبوط ضغط الدم بشكل ملحوظ اضافة الى تقليل ضغط العين ، وفي الوقت الحاضر ، فان استعمال نبات القنب في معالجة ضغط العين يمكن أن يسبب آثارا جانبية غير مرغوبة ، الا اذا تم انتاج مشتقات أخرى أقل ضررا وتخلو من التسبب بأعراض نفسية .
9 - تنبيه الشهية تجاه الطعام ( appetite stimulation ) .
من المعروف بأن تدخين نبات القنب ينبه الشهية تجاه الطعام ، وخصوصا في حالات الاصابة بالأمراض التي تسبب فقدانا في الوزن مثل مرض الايدز والسرطان ، وفي حالات فقد الشهية . الكثير من الدراسات السريرية أيدت هذا الفعل عن طريق مادة درونابينول ( dronabinol ) - احدى مشتقات نبات القتب - بجرعة قدرها 2.5 ملغم صباحا ومساء ، وكانت النتائج ايجابية من حيث تحسين الشهية تجاه الطعام وتحسين المزاج ( mood ) وقلة التعرض للغثيان ، وبالتالي تحسين درجة نمط الحياة لدى المرض وخصوصا مرضى الايدز .لقد كانت الآثار الجانبية المسجلة في هذه الدراسات متوسطة وخفيفة ، وأن أكثر هذه الآثار الجانبية كانت النشوة والدوخة أو الدوار .
10 - معالجة الأزمه - صعوبة التنفس - ( asthma ) .
تعمل مادة ( THC ) على توسيع القصبات التنفسية عند اعطائها بالفم أو من خلال خلالات هوائية ( aerosol ) . ومكونات نبات القنب له خاصية الفعل لفترة زمنية طويلة بسبب تخزين مكونات القنب في دهون الجسم التي تشكل مخازن للدواء . المعلومات المتداولة - غير مبنية على دراسات موثقة - تعتبر أن تناول نبات القنب دون تدخينه مفيد في معالجة الأزمة ، لكن تدخين النبات ينتج عنه تضيق في القصبات الهوائية بسبب التخريش الناتج عن حرق مكونات النبات ، اضافة الى تكوين القطران المؤذي للرئتين . ومع هذا فان دور القنب في معالجة الأزمة في الوقت الحاضر يبقى محدودا وتحت الدراسة .

الصيدلاني راتب الحنيطي
المؤسسة العامة للغذاء والدواء

المرجع : الحنيطي ، راتب : كتاب الادوية المولدة للادمان