المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الجمعة عيد الأسبوع



hummada87
03-04-2012, 05:19 AM
الجمعة عيد الأسبوع
سماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ
المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
أما بعد :
فيا أيها الناس: اتقوا الله تعالى حق التقوى.
عباد الله؛ إن مما خص الله به أمة محمد -صلى الله عليه وسلم -يوم الجمعة، فيوم الجمعة يوم عظيم ،اختاره الله لأمة محمد -صلى الله عليه وسلم -، وأضل عنه من كان قبلنا من الأمم، فضلا منه ورحمة: (يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)، هذا اليوم العظيم الذي خص الله به أمة محمد -صلى الله عليه وسلم -، أودع فيه من أسباب الخير والسعادة ما الله به عليم ، جعله سيد ايام الأسبوع ، فهو عيد الأسبوع ، شرع لنا فيه الاستماع لأداء صلاة الجمعة، واستماع الخطبة وجعل صلاة الجمعة مشابهه لصلاة العيد في عددها ركعتين، وفي الجهر بالقراءة فيها، مما يدل على عظيم ذلك اليوم، وعلو شأنه، يوم من أفضل أيام الله، فخير يوم طلعت عليه الشمس هو يوم الجمعة، يوم خلق الله فيه أبانا آدم ، ويوم أدخله فيه الجنة ، ويوم أخرجه منها ويوم تقوم فيه الساعة، فالساعة تكون في يوم الجمعة، يوم يفرح فيه أهل الجنة، فهو يوم المزيد الذي قال الله فيه: (وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ)،يوم ينظر المؤمنون إلى وجه ربهم في دار كرامته ، وفضله ، يوم فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله خير إلا أعطاه إياه، فعظموا رحمكم الله هذا اليوم بتعظيم الله ورسوله له ، عظموه بالمحافظة على فريضة الجمعة فيه، وعظموه بأنواعه الطاعة من الصلاة ، والذكر، وتلاوة القران ، والالتجاء إلى الله ، والاضطرار إليه؛ فهو واسع المغفرة: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) .
أيها المسلم، يقول -صلى الله عليه وسلم -: “نحن الآخرون السابقون يوم القيامة “، بيد أنهم اوتوا الكتاب من قبلنا ، فهذا يومهم الذي افترض الله عليهم ، فهذا ماختلفوا فيه، فهدانا الله له ، فاليهود يوم السبت ، والنصارى يوم الأحد، وهو كذلك يتبعوننا الى يوم القيامة ، وقال -صلى الله عليه وسلم -أمن الله على الجمعة من قبلنا، فلليهود يوم السبت ، وللنصارى يوم الأحد، فجاء الله بنا ، فهدانا لهذا اليوم فجعل الجمعة، والسبت، والأحد، ثم قال -صلى الله عليه وسلم -: ” نحن الآخرون من أهل الدنيا الأولون يوم القيامة المقضي بينهم قبل الخلائق” .
أيها المسلم؛ فعظم هذا اليوم، واسمع به سنة نبيك -صلى الله عليه وسلم -، فقد شرع لنا في هذا اليوم هذا الاجتماع المبارك ، الاجتماع على أداء هذه العبادة ، والإصغاء لما يلقى من نصيحة وتوجيه ، كل ذلك تثقيف للأمة، وتوعية لها ، ودلالة لها على ما فيه الخير، انه اجتماع تتآلف فيه القلوب، وتجتمع عليه الكلمات، وتظهر وحدة المسلمين في اجتماعهم، هذا الاجتماع المبارك ، فهو نعمة من الله عليهم قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)، نعم، هو خير لو كنا نعلم حقيقة هذا اليوم حقا فاجتهدنا فيه وتقربنا إلى الله بما يرضيه من الأعمال الصالحة.
أيها المسلم، عظم الله هذا اليوم، وعظمه نبيكم صلى الله عليه وسلم، فهو فريضة على المسلمين ، أقامها النبي -صلى الله عليه وسلم -مدة بقائه في المدينة، فكان يقيمها كل جمعة إلا أن يكون مسافرا، فالمسافر يسقط عنه وجوب الجمعة؛ خطب صلى الله عليه وسلم؛ فقال: ” أيها الناس إن الله افترض عليكم صلاة الجمعة في مقامي هذا في يومي هذا في شهري هذا فمن تركها في حياتي أو بعد موتي استخفاف بها وجحود لها ألا فلا جمع الله شمله ولا بارك له في أمره ألا فلا صلاة له ألا فلا زكاة له ألا فلا صوم له ألا فلا حج له ألا فلا بر له ألا أن يتوب“، وقال -صلى الله عليه وسلم -وهو على المنبر: ” لينتهين أقوام أو ليختمنا الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين“، وقال –أيضاً-: ” لقد هممت أن آمر فيصلي الجمعة ثم أخالف إلى رجال لا يصلون الجمعة فأحرق عليهم بيوتهم ” .
أيها المسلم: وفي حضورك للجمعة فضلا عظيم عليك ، فيشرع لك الغسل ذلك اليوم ، وقد أكده النبي -صلى الله عليه وسلم -بقوله: ” غسل الجمعة واجب على كل محتلم والسواك وأن يمس طيبا “، وقال -صلى الله عليه وسلم-: “من أتى الجمعة فليغتسل “، وشرع لنا التبكير إليها ، والعناية بها ، وان في التبكير الأجر العظيم والخير الكثير ؛ يقول -صلى الله عليه وسلم -فيما صح عنه في يوم الجمعة: “من راح في الساعة الأولى فكأنما قربا بدنه ومن راح في الساعة الثانية فكأنما بقرة ومن راح بالساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا ومن راح بالساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح بالساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة فإذا دخل الإمام طويت الصحف وحضرت الملائكة يستمعون الذكر “، وجاء أن الملائكة تقف عند أبواب المسجد ، يكتبون الأول ، فالأول، فإذا دخل الإمام طووا صحفهم، وحضروا يستمعون الذكر .
فيا أخي المسلم: بادر إليها قدر الاستطاعة ، ولا تتهاون بشأنها، وقدم لنفسك عمل صالحا يقول -صلى الله عليه وسلم-: “من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فصلى ماقدر له وأنصت إذا تكلم الإمام غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام“، وقال: ” من غسل وأغتسل وبكر وأبتكر ومشى يوم الجمعة ولم يركب وأنصت إذا تكلم الإمام كان له أجر سنة صيامها وقيامها“.
أيها المسلم، كن حريصاً على هذا اليوم ، مهتما بشأنه، حريصا على أن تأتي المسجد مبكرا قدر ما تستطيع، تتلو آيات الكتاب، وتذكر الله ، وتستغفره ، وتصلي ماقدر لك ، وترجو فضل ربك، وكرمه ، وجوده ، فإتيانك إليها مبكرا، لكي تصلي ما قسم لك، وتقرأ ما قدر لك ، وتدعوا بما أحببت من خير الدنيا، والآخرة ، فلا تزال في صلاة مادمت تنتظر هذه الصلاة .
أيها المسلم، نبينا -صلى الله عليه وسلم -كان يؤدي خطبتين يوم الجمعة، يخطب وهو قائم، ثم يجلس ، ثم يقوم ، ويخطب ، وهذه الخطبة حثنا نبينا -صلى الله عليه وسلم -على الإنصات لها ، والاستماع لها ، والإعراض عن كل شي يشغلنا عن الإنصات ، فيقول -صلى الله عليه وسلم -محذرا لنا من التكلم في خطبة الجمعة إذا قلت لأخيك يوم الجمعة ، والإمام يخطب أنصت فقد لغوت، لأنه لا يجوز التحدث أثناء إلقاء الخطبة، وقال –أيضا-: ” مثل الذي يتكلم يوم الجمعة والإمام يخطب كمثل الحمار يحمل أسفارا والذي يقول له أنصت لا جمعة له“، كان أبو ذر الغفاري في مسجد رسول الله ، وبجواره أبي بن كعب في مسجد رسول الله، وهما يسمعان خطبة النبي -صلى الله عليه وسلم -، فأستفسر أبو ذر من أبي عن آية متى أنزلت، فلم يجبه، فلما كبر عليه ، فلم يجبه، فبعد الصلاة سأله فقال له أبي : ” لا جمعة لك ” ، فذهب إلى النبي وسأله؛ فقال النبي: ” صدق أبي“، فالتحدث أثناء الخطبة من الأمور المحرمة، لان الواجب الاستماع، والإنصات ، والاتعاظ، والاعتبار ، وقبول التوجيه الذي يوجه إليه المصلون، ليستفيد المسلم من حضوره ، ولأنها وقت إجابة الدعاء ، فينصت، ويسمع، ويشغل نفسه بالتدبر، فعسى الله أن يوفقه، ويقبل دعاه ، حتى قال بعضهم يصلي على النبي ما بينه ، وبين نفسه ، ويجيب بآمين فيما بينه ، وبين نفسه ، ومن سلم عليه رد عليه بالإشارة ، أو باليد من غير تحدث إشتغال بسماع الخطبة، وعناية ، واهتماما بها .
أيها المسلم، هذا اليوم يعظمه المسلم، فيحافظ عليه، ويعتني به ، ويفرح به، لأنه يوم خصنا الله به ، وتفضل به علينا.
أيها المسلم، وقد أدبنا نبينا -صلى الله عليه وسلم -في إجتماعنا في يوم الجمعة، فحرم علينا ان نتخطى رقاب الناس والإمام يخطب، لما في ذلك من إشغال المصلي عن الاستماع ما جاء لأجله ، فرأى النبي -صلى الله عليه وسلم -رجلاً يتخطى رقاب الناس فقطع خطبته، وقال: ” اجلس فقد آذيت وآنيت “، آذيت غيرك وألحقت به الاذى ، اجلس فق آذيت وآنيت (تأخرت)؛ فإن التقدم إنما يكون بالأبدان لا بالاستباق على المكان .
أيها المسلم، وحث -صلى الله عليه وسلم -آتي الجمعة أن يصلي قبل أن يجلس، ولو كان الإمام يخطب ، بينما النبي -صلى الله عليه وسلم -يخطب إذا رجل من أصحابه يقال شريك القطفاني جاء، فجلس قال: ” أصليت قال لا ،قال: قم، فأركع ركعتين، وتجوز فيهما“، وأخبرنا -صلى الله عليه وسلم -أن من أدرك مع الإمام ركعة كاملة أضاف إليها أخرى، فتتم جمعته ، ومن أدرك الإمام بعدما رفع رأسه من الركوع في الركعة الثانية، فإن جمعته قد فاتته ، فاليصليها ظهرا ؛ إن عناية المسلم بهذا اليوم ، واهتمامه بهذا اليوم ، وتعظيمه لهذا اليوم، إنما هو منطلق من تعظيمه لسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم -، من تعظيمه لشعائر الله ذلك، ومن يعظم شعائر الله ، فإنها من تقوى القلوب، حسدنا اليهود على يوم الجمعة الذي أظلهم الله عنه ، وحسدونا على قولنا وراء الإمام آمين، وحسدونا على كمال شريعتنا التي أكملها الله ، وأتمها لنا، ورضيها لنا دينا ، فالحمد لله على فضله وإحسانه ، إن مظهر الجمعة مظهر إسلامي، ومجتمع مبارك فيه من التآلف ، والمحبة ، والارتباط بهذه الشريعة ، والتمسك بها ، واستماع الخير ، والتأثر به.
فنسأل الله، أن يوفقنا جمعيا لقبول الأعمال، وأن يجعلنا وإياكم من المحافظين على هذه الصلاة المعتنين بها إنه على كل شي قدير؛ أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فأستغفروه ، وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية :
الحمد لله حمدا كثير طيبا مباركا فيه ، كما يحب ربنا ويرضاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه ، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .
أما بعد :
فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى حق التقوى ، وعظموا هذا اليوم المبارك ، وتقربوا إلى الله فيه بصالح العمل، وإن المسلم ليعظم هذا اليوم ويعظموا هذه الصلاة ولا يقدم غيرها عليها ومهما احتاج إلى نزهة، أو ذهاب هنا وهناك، فالجمعة في نفسه عظيمة ، واهتمامه بها كبير فهو يسعى إليها أن يقيمها في يومها، ولا يبحث عن رخص ربما يتهاون بها بل هو حريص كل الحرص عليها، ما وجد بذلك سبيلا .
أيها المسلم، وشرع لنا نبينا -صلى الله عليه وسلم -أن نصلي بعد الجمعة أربعة ركعاتبسلامين فقال: ” إذا صلى أحدكم الجمعة فاليصلي بعدها أربعا “.
أيها المسلم، ونبينا -صلى الله عليه وسلم -حرم علينا المرور بين يدي المصلي بين يدي المصلي، وسترته ، وجعل ذلك أمرا محرما ، فقال -صلى الله عليه وسلم-: “لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يدي المصلي“، - قال الراوي –لا أدري أراد أربعين سنة أو أربعين شهرا أو أراد أربعين يوما ؛ وقال -صلى الله عليه وسلم-: “إذا صلى أحدكم إلى شي يستره من الناس ، فأراد أحد أن يمر بين يديه فيدفعه فإن أبى فاليقاتله فإنما هو شيطان“، أن يمنعه بقدر الاستطاعة أن لا يمر بين يديه لأن ذلك يشوش عليه صلاته، فبالجمعة لا تمر بين يدي المصلي ، ولا تتخطى رقاب المصلي، ولا تفرق بين إثنين بل كن في حضورك للجمعة عليك السكينة، والوقار، والخير الكثير؛ عبادة بن رفاعة بن رافع لقي يزيد بن هارون يمشي إلى المسجد فقال أنشد بفضل الله فإن صاحب رسول الله أخبرني أن النبي -صلى الله عليه وسلم -قال: ” من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمهما الله عن النار“؛ فجعل المشي إلى الجمعة جهاداً في سبيل الله ، وسعي إلى الخير وحرصا على الخير.
أسأل الله، أن يوفقنا جميعا لما يحبه ويرضاه، وأن يقبل منا أعمالنا ، وأن يجيب دعائنا ، وأن يصلح لنا أعمالنا، وأن يجعلنا ، وإياكم ممن أحياه الله مسلما ، وأماته مسلما ، وألحقه بالصالحين إنه على كل شي قدير.
وأعلموا -رحمكم الله-، أن أحسن الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة وعليكم بجماعة المسلمين، فإن يد الله على الجماعة ومن شد، شد في النار.
وصلوا -رحمكم الله-، على نبيكم محمد -صلى الله عليه وسلم -امتثالا لأمر ربكم قال تعالى ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )،اللهم صلي وسلم، وبارك على عبدك ورسولك محمد وأرضى اللهم عن خلفائه الراشدين الأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان ، وعلي وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين، وعن التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين ، وعنا معهم بعفوك ، وكرمك وجودك ، وإحسانك يا أرحم الراحمين.

كاتبة الاوهام
03-04-2012, 10:48 AM
الله يجزيك الخير ..!!

أبو رأفت
03-04-2012, 11:02 AM
بارك الله فيك أخي الكريم , وسبحان الذي جعل رحمته في كل شئ , فالجمعة إلى الجمعه كفاره لما بينهما .