المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عيون المها بين الرصافـة والجسـر



محمد الصمادي
29-03-2012, 04:09 PM
قدم علي بن الجهم على المتوكل - و كان بدويًّا جافياً - فأنشده قصيدة قال فيها :


أنت كالكلب في حفاظـك للـود و كالتيس في قراع الخطوب
أنت كالدلو لا عدمنـاك دلـواً من كبار الدلا كثيـر الذنـوب

فعرف المتوكل قوته ، و رقّة مقصده و خشونة لفظه ، وذ لك لأنه وصف كما رأى و ‏لعدم المخالطة و ملازمة البادية . فأمر له بدار حسنة على شاطئ دجلة فيها بستان يتخلله نسيم ‏لطيف و الجسر قريب منه ، فأقام ستتة اشهر على ذلك ثم استدعاه الخليفة لينشد ، فقال :‏

عيون المها بين الرصافـة والجسـر
جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
خليلـي مـا أحلـى الهـوى وأمـره
أعرفنـي بالحلـو منـه وبالـمـرَّ !
كفى بالهوى شغلاً وبالشيـب زاجـراً
لو أن الهوى ممـا ينهنـه بالزجـر
بما بيننا مـن حرمـة هـل علمتمـا
أرق من الشكوى وأقسى من الهجر ؟
و أفضح من عيـن المحـب لسّـره
ولا سيما إن طلقـت دمعـة تجـري
وإن أنست للأشياء لا أنسـى قولهـا
جارتها : مـا أولـع الحـب بالحـر
فقالت لها الأخـرى : فمـا لصديقنـا
معنى وهل في قتله لك مـن عـذر ؟
صليه لعل الوصـل يحييـه وأعلمـي
بأن أسير الحب فـي أعظـم الأسـر
فقالـت أذود النـاس عنـه وقلـمـا
يطيـب الهـوى إلا لمنهتـك الستـر
و ايقنتـا أن قـد سمعـت فقالـتـا
من الطارق المصغي إلينا وما نـدري
فقلت فتـى إن شئتمـا كتـم الهـوى
وإلا فـخـلاع الأعـنـة والـغـدر

فقال المتوكل : أوقفوه ، فأنا أخشى أن يذوب رقة و لطافة !





دائماً ماتعُجبني هذه القصيدة الرائعه لعلي بن الجهم