نجيب ايوب
22-04-2011, 11:49 AM
((( منزوعة العصب )))
السياسة ليست فن الكذب والتضليل أو أنها منزوعة الدسم الأخلاقي أو مفرغة من العصب ،كالضرس المحنط ،
فالعلوم الحديثة تمددت نحو السياسة أيضآ .
ثـمة دول عديدة في العالمم تعاني من أمية سياسية متفشية وبائيـآ لأنها تعيش بلا رؤى وإستراتيجيات ولا تفكير بأكثر من الوجبة القادمة ، سواء كانت بواخر محملة بالطواحين أو شاحنات محملة بالأدوية التي تفقد صلاحيتها في الطريق , هناك مثقف فرنسي يساري حارب في خنادق جيفارا وكاسترو وثوار الستينات في القرن الماضي ، زار أكثر من دولة في أسيا وأفريقيا وكتب ملاحظاته عنها حيث قال : بعض الدول أشبه بصيدلية مملوئة بأدوات تجميل أو مكتبة تأكل فيها الهدايــا ولعب الأطفال حصة الكتب . وكان يقصد أن هناك تخارجآ أو بمعنى آخر تناقضآ صارخآ بين الحاجات والسبل المطروحة لإشباعها .
وهناك مثقف آخر أجرى تجربة طريفة على أحد الجياع في أفريقيا ، فسرد له قائمة بأسماء أطعمة فاخـرة ، لم يسمع بها ،
ولم تكن لدى هذا الإنسان أي إستجابات نفسية أو عضوية لدى سماع أسماء أطعمة لا يعرفها ، لكنه ما إن سمع كلمة لحم حتى سال لعابه . والسياسة حين تكون أسيرة لجذورها لا تتيح للسائس أن يعرف الدسائس وشعابها ، وقد يراوح بين مربعين فقط هما الأبيض والأسود ، ولسوء حضنا فقد إبتلى عالمنا في مطلع الألفية الثالثة بأباطرة صغار عادوا بنا إلى ما قبل المنطق وما قبل الدولة والسياسة بالمعنى الحديث ،
فحين شطرت أمريكا كوكبنا
سقط منه خط الإستواء ، وتوارت الألوان كلها خلف رقعة شطرنج تتألف من مربعات سود وبيض فقط .
ولا ندري لماذا يستمر هذا الطلاق البائن بين السياسة كمعلم وفكر وأطروحة أكاديمية وبينها كممارسات لهواة يلعبون الكرة مع أنفسهم أمام المرايــا ولا يدركون حين يقفزون ويصفقون أن الأهداف التي سجلوها كانت في مرماهم
وأنهم مهزومون في ذروة الوهم بالإنتصار .
وإلى أن تستعيد السياسة دسمها المفقود والعصب المستأصل منها ،
سيبقى عالمنا كرة تتقاذفها أقدام يقطر من حوافرها الدم .
مع خالص تحياتي لكم
نجيب ايوب
السياسة ليست فن الكذب والتضليل أو أنها منزوعة الدسم الأخلاقي أو مفرغة من العصب ،كالضرس المحنط ،
فالعلوم الحديثة تمددت نحو السياسة أيضآ .
ثـمة دول عديدة في العالمم تعاني من أمية سياسية متفشية وبائيـآ لأنها تعيش بلا رؤى وإستراتيجيات ولا تفكير بأكثر من الوجبة القادمة ، سواء كانت بواخر محملة بالطواحين أو شاحنات محملة بالأدوية التي تفقد صلاحيتها في الطريق , هناك مثقف فرنسي يساري حارب في خنادق جيفارا وكاسترو وثوار الستينات في القرن الماضي ، زار أكثر من دولة في أسيا وأفريقيا وكتب ملاحظاته عنها حيث قال : بعض الدول أشبه بصيدلية مملوئة بأدوات تجميل أو مكتبة تأكل فيها الهدايــا ولعب الأطفال حصة الكتب . وكان يقصد أن هناك تخارجآ أو بمعنى آخر تناقضآ صارخآ بين الحاجات والسبل المطروحة لإشباعها .
وهناك مثقف آخر أجرى تجربة طريفة على أحد الجياع في أفريقيا ، فسرد له قائمة بأسماء أطعمة فاخـرة ، لم يسمع بها ،
ولم تكن لدى هذا الإنسان أي إستجابات نفسية أو عضوية لدى سماع أسماء أطعمة لا يعرفها ، لكنه ما إن سمع كلمة لحم حتى سال لعابه . والسياسة حين تكون أسيرة لجذورها لا تتيح للسائس أن يعرف الدسائس وشعابها ، وقد يراوح بين مربعين فقط هما الأبيض والأسود ، ولسوء حضنا فقد إبتلى عالمنا في مطلع الألفية الثالثة بأباطرة صغار عادوا بنا إلى ما قبل المنطق وما قبل الدولة والسياسة بالمعنى الحديث ،
فحين شطرت أمريكا كوكبنا
سقط منه خط الإستواء ، وتوارت الألوان كلها خلف رقعة شطرنج تتألف من مربعات سود وبيض فقط .
ولا ندري لماذا يستمر هذا الطلاق البائن بين السياسة كمعلم وفكر وأطروحة أكاديمية وبينها كممارسات لهواة يلعبون الكرة مع أنفسهم أمام المرايــا ولا يدركون حين يقفزون ويصفقون أن الأهداف التي سجلوها كانت في مرماهم
وأنهم مهزومون في ذروة الوهم بالإنتصار .
وإلى أن تستعيد السياسة دسمها المفقود والعصب المستأصل منها ،
سيبقى عالمنا كرة تتقاذفها أقدام يقطر من حوافرها الدم .
مع خالص تحياتي لكم
نجيب ايوب