المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإمبراطورية الأفريقية



نجيب ايوب
15-04-2011, 09:27 AM
((( الإمبراطورية الأفريقية )))
إذا قلنا المناعة الأولى عضوية تتولاها كريات الدم البيضاء والصفايح الدموية ، من السهل أن نحدد من فقدوا هذه المناعة في المستشفيات ، ولكن المناعة الثانية هي سياسية وثقافية ، ولها جذور تربوية عميقة وعدد فاقديها يتعذر حصرهم لأنهم بالملايين ، وممكن أن يزيد إلى المـليارات ، هؤلاء يتمتعون بعافية جسدية كعافية الثور والبغال يحسدهم عليها المرضى، ومنهم الموظفون في الأرض والجنرالات والأكاديميون ، بإستــثـناء من قبضوا على الجمر وقرروا أن يقولوا لا بملىء الفم حتى لو صلبوا كما صلب
السيد المسيح عليه السلام أو دفنوا أحياء .
ما إن أعلن عن الأيدز للمرة الأولى في الأمبراطورية الأفريقية
ونذره الوبائي ، حتى عم السجال وســطت الإشاعات على التقارير الطبية، فثمة من قالوا أنه إختراع مؤسسات ودوائر لها علاقة
للحدمن جنون الإندفاع نحو إشباع الغرائز .
إندفاع بلا أية كوابح دينية أو أخلاقية ،
حيث بدأ العالم يتداول بناء عن إصابة مشاهير بهذا المرض .
وفي اليوم المكرس للإيدز وسبل التحذير منه ،
أعلنت احصائيات قد لا تكون دقيقة ونهائية أن عددهم أكثر من ثلاثون مليون إنسان من مختلف قارات العالم
وإن كان النصيب الأفريقي هو المتربع على عرش هذا المرض كما يتربع التألق والإبداع على عرش منتديات الأردن أولآ .
يا حبذا لو يضاف إلى يوم الإيدز العضوي يوم أخر للإيدز السياسي ومرادفاته الفكرية والإقتصادية والأخلاقية ،
فالعولمة هددت مليارات من البشر بفقدان المناعة الثقافية وبالتالي السياسية كي يتحول المجتمع الإنساني في برمته إلى قطع غيار متماثلة في حاوية عملاقة ، ومن يشذ عن هذه القاعدة القصديرية هو إما مجنون لم يشرب بعد من نهر العولمة أو رومانســي حالم ينام في كهف معزول عن العالم ،
فكلمة مناعة ضمرت في أيامنا هذه حتى أصابت الدورة الدموية
الإنسانية وتكللت بالأنيميات .
أن مناعة الجسد مقدور عليها بالعقاقير وبمختلف اشكال الرضاعة الصناعية والتغذية ، لكن مناعة العقل والضمير هي المعضلة ،
فما علاج لها في مستشفيات العالم لهذا الفيروس الأخلاقي الذي يتأقلم مع كل طارىء ، زوج في منفاه يبعث رسالة لزوجته يخبرها ويقول سيأتي
يوم لا نتذكر فيه موتانا أكثر من إســبوع .
فردت عليه قائلة لزوجها أنك متفائل ،
لم تتوقع أن ننسى موتانا قبل أن ننفض غبار الدفن عن أقدامنا .
ما فائدة المناعة الجسدية إذا كانت تهيىء بشرآ أصحاء يفقدون كل المناعات الأخرى، كالذي يقدمون العلاج للسجناء ليس حرصـآ عليهم ،
بل لكي يواصل تعذيبهم .
ولهذا يعتبر الموت لهؤلاء نعمة لأن الشاه لا يضرها السلخ بعد الذبح .
فكم عدد المصابين بفقدان المناعة غير المرئية
والتي لا تظهر في صورة الأشعــة
وقد يصل الرقم إلى تسعين في المائة من سكان هذا الكوكب
وهؤلاء يمكن رصدهم في مظاهرة هنا أو هناك أو في كتابات ورسوم وصرخات خصوصآ في هذا العقد الأول من الألفية الثالثة والذي سوف نودعها قريبآ بمليون جرة فخارية مهشمة ....
لأنه كان من أعجف العقود في أعجف القرون وأقسى الألفيات .
مع خالص التحية
نجيب ايوب