المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عبر وعظات من الزلزال الذي حصل في اليابان



Raed Saadeh
12-04-2011, 12:17 AM
دروس وعبر من زلزال اليابان



الحمد لله القوي الجبار, والصلاة والسلام على النبي المختار ,
نبينا وقدوتنا سيدنا محمد بن عبد الله ,
اللهم صل وسلم وبارك عليه ما تعاقب الليل والنهار,
وعلى آله وصحبه الأخيار والأطهار
ومن سار على نهجهم واقتفى أثرهم.. أما بعد:


ففي يوم السبت 7 – 4 – 1432 هـ الموافق 12 مارس 2011
جرى زلزال شديد على شرق اليابان
وكانت درجة قوته (8,9) ريختر .
يعتبر هذا المقياس من الزلازل المدمرة جداً .
- كانت مدة الزلزال دقيقتان ونصف تقريباً.
- أفاد المعهد الإيطالي أن زلزال اليابان
أزاح محور الأرض 10 سنتيمترات.
- تبع الزلزال مد تسونامي بحري وصل ارتفاع
الموج إلى 10 أمتار ودمر مُدُناً بأكملها .
- تبع الزلزال زلازل ارتدادية أخرى تفاوتت قوتها بين 6 درجات .
- حدث انفجار نووي في المحطة 1 في فوكوشيما
والتي أنشئت قبل 40 عام، قد يتحول هذا الانفجار
إلى كارثة شاملة في حال انهيار المفاعل النووي .
- قالت شركة كهرباء طوكيو :
إن المفاعل رقم 3 يواجه خللاً مماثلاً،
بينما حذرت الحكومة من خطر حدوث انفجار فيه بسبب تراكم الهيدروجين.
- في التقديرات لو أن هذه الكارثة وقعت على بعد 200 ميل
أي لو أنها وقعت في العاصمة
- صرح رئيس الوزراء الياباني بأن بلاده تواجه بسبب
هذا الزلزال أفدح كارثة منذ الحرب العالمية الثانية.
طوكيو التي تعد مركز السكان لكانت كارثة تاريخية
وعندما نتأمل الخسائر التي ظهرت بعد هذا الزلزال يتبين لك حجم
القوة الهائلة التي أحدثها الزلزال في هذه المدن
- الخسائر :
تعتبر اليابان من أكثر دول العالم استعداداً للزلازل
حيث تعتمد على آلية دقيقة في البناء تخفف من تأثير الزلازل,
ولكن ومع كل تلك التقنيات والتجهيزات
إلا أنها لم تغن عنهم شيئاً لما جاء قدر الله .1.
قالت المؤسسة الأمريكية لرصد المخاطر :
إن خسائر الزلزال الذي ضرب اليابان قد تصل إلى 34,6 مليار دولار ,
ولك أن تتأمل في مدة الزلزال ( دقيقتان ونصف )
والخسائر المالية ( 34 ) مليار ,
فما الظن لو كان الزلزال نصف ساعة ؟.
ومع هذا الحدث الكبير لابد لنا أن نقف ونتأمل ونستخرج الدروس والعبر :

الوقفة الأولى :
كل ما يحدث في الكون فهو من الله تعالى لا من الطبيعة
ولا من ثوران الأرض ونحوها من تحليلات الضعفاء ,
قال تعالى: (( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ))[يس:82].
والغريب أن بعض كتاب الصحف – هداهم الله - كتب وقال:
" إن الزلازل من ثوران الطبيعة " فيا سبحان الله ,
وهل الطبيعة تغضب وترضى؟ أين خالق الطبيعة سبحانه وتعالى؟.
وهنا يجب أن نؤكد على ضرورة تحقيق الميزان الشرعي
لقضايا المصائب والكوارث التي تحيط بالأمم والجماعات .
الوقفة الثانية :
كثرة الزلازل من علامات يوم القيامة الصغرى
التي تدل على قرب يوم القيامة, كما في الحديث الصحيح :
( لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم وتكثر الزلازل )رواه البخاري.
الوقفة الثالثة :
هذه الآيات إنما هي لتخويف العباد وتذكيرهم بربهم عز وجل,
قال تعالى :((وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا))[الإسراء:59].
ولنتأمل حادثة الكسوف التي وقعت في زمنه صلى الله عليه وسلم
فماذا فعل عليه الصلاة والسلام تجاه هذا الحدث ؟.
لقد قام وصلى ثم خطب الناس وقال :
( إن هذه الآيات التي يرسلها الله لا تكون لموت أحد ولا لحياته
ولكن يخوف الله بها عباده فإذا رأيتم شيئاً
من ذلك فافزعوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره ).
رواه البخاري .
ولكن بعض الناس لا يعتبر بما يرى ويسمع كما قال تعالى :
((وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا))[الإسراء:60].
الوقفة الرابعة :
لابد من التضرع إلى الرب وكثرة الدعاء, قال تعالى (( وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ))
[المؤمنون: 76].
وهذا التضرع والخضوع عند المصائب دليل حياة القلب
وخشوعه وعبوديته لربه تبارك وتعالى؛
لأن الله جل وعلا يحب من عباده أن يقبلوا إليه
ويتعلقوا به ويحققوا الفرار إليه,
قال تعالى:(( فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ))[الذاريات:50].
الوقفة الخامسة :
قد تكون الزلازل غضباً وانتقاماً من الله تعالى ,
فقد أهلك الله الأمم الماضية بذنوبهم , قال تعالى:
(( فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً
وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ
وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ))[العنكبوت: 40] .
وعندما تتأمل قوله تعالى:(( فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ ))[العنكبوت:40]
يظهر لك خطر الذنوب وأنها هي السبب الرئيسي لهلاك الأمم .
ويقول تعالى في قوم شعيب:(( فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ )) [الأعراف: 91 ]
والرجفة هي الزلازل الشديد.
ويقول تعالى :(( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ))
[الشورى:30] ويقول جل وعلا :
(( وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ))
[الإسراء:16]
ويقول تعالى :
(( وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ )) [القصص:59]
ويقول تعالى :
(( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ )) [الروم:41] .
ومما يدل على أنه هذه الزلازل عقوبة من الله ما أخبر به
النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه الأمة سيكون فيها خسف ومسخ وقذف,
فقال:
( سيكون في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف , إذا ظهرت القيان والمعازف وشربت الخمور )
[ صحيح الجامع:4149 ] .

الوقفة السادسة :
الحذر من مكر الله وعقوبته, قال تعالى:
(( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ
وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ -
أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ -
أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ -
أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ))
[ الأعراف: 96 – 99 ].
والمتأمل في حياة بعض الناس يجد الغفلة الكبيرة,
والأمان الواضح من مكر الله رغم كثرة الشواهد من هنا وهناك
التي تدل على عقوبات الرب جل وعلا على الغافلين والمعرضين
سواء على مستوى الأفراد أو على مستوى الدول والأمم .
الوقفة السابعة :
قد يصاب الواحد منا بزلازل أخرى قد لا يتوقعها , ومنها :
- الزلزال المالي, حينما تصاب بخسارة في مالك أو احتراق أو نحو ذلك .
- زلزال في أسرتك , كالفاجعات من المصائب والأمراض .
الوقفة الثامنة :
التوبة والرجوع إلى الله تعالى, قال تعالى :((وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ))[النور:31].
ورسولنا صلى الله عليه وسلم يستغفر الله ويتوب في اليوم مائة مرة .
رواه مسلم .
ولاشك أن توبة الأمة واستغفارها سبب كبير لرحمة الله تعالى
ولطفه بعباده كما قال تعالى:
(( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ))[الأنفال:33].
قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما :
" كان فيهم أمانان : النبي صلى الله عليه وسلم، والاستغفار،
فذهب النبي صلى الله عليه وسلم وبقي الاستغفار ".
والمعنى أن الاستغفار والتوبة تمنع العذاب أن ينزل بالأمة.
الوقفة التاسعة :
الحذر من العقوبات الجماعية التي تكون بسبب كثرة الذنوب وانتشارها, قال تعالى:
(( وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ))[هود:117].
وتأمل في قوله تعالى:
(( مصلحون ))ولم يقل صالحون؛
لأن صلاح المسلم في نفسه لا يكفي لدفع العقاب الجماعي,
إذن لابد أن نصلح ما يفسده بعض الناس من المنافقين
والمغرضين والجاهلين وذلك بالدعوة
إلى الله تعالى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
ومما يؤكد تأثير الذنوب على الأمم
والمجتمعات ما جاء في صحيح البخاري
من حديث أمنا أم المؤمنين السيدة زينب بنت جحش رضي الله عنها أنهاقالت :
يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟
قال: ( نعم. إذا كثر الخبث ) .
أي: إذا ظهر الفسوق والفجور كما قال جمهور العلماء .
اللهم إنا عِبادك اللهم عاملنا بلطفك ورحمتك ورأفتك,
اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا,
اللهم احفظنا من الفتن نسألك أن ترحمنا برحمتك الواسعة