المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قرية صمد التراثية بين الماضي والحاضر



عدي البدور
02-10-2010, 05:55 PM
قرية صمد الثراثية بين الماضي والحاضر
عدي رضوان البدور :
تقع قرية صمد التراثية القديمة في لواء المزار الشمالي من محافظة اربد وسميت بهذا الاسم لأنها تقف شامخة على قمة جبل من جبال القرية ،وتعد قرية صمد الاقدم والأعرق والمنطقة السياحية الوحيدة بين القرى الموجودة في اللواء ،ويدل على ذلك وجود بعض الآثار القديمة التي يزيد عمرها عن خمسة عشر قرناً.
اذ كانت صمد قديماً تشبه الحكاية والتي ما زالت عالقة ذكرياتها في أذهان أهلها والتي تسري كالنكوتين في دمهم لاسما المعمرين من أهلها.
فمن مكونات الطبيعة (الحجارة والتراب والمياه)قام الانسان ببناء بيتاً لنفسه ولأهله على قمة جبل من جبال صمد ،ولأن الانسان بطبيعته إجتماعياً وليس أنعزالي بنى كل منهم بيته لجانب البيت الآخر حتى أصبحت فيما بعد قرية كاملة تقف صامدة على قمة جبل.
الحاج عقلة البدور أحد كبار المعمرين في القرية والذي يزيد عمره عن مئة عام ويروي عن صمد ان اسفل(تحت) مساكن القرية قديماً كانت عبارة عن كهوف وسراديب تتصل مع بعضها البعض وتعود هذه الكهوف لعصور رومانية ويهودية قديمة ،ولكنها طُمرت بسبب عدة عوامل ومنها بناء مساكن القرية عليها،ولا تزال بعض الاثار الرومانية القلية شاهدة العيان في القرية والتي تدل على قدم وعراقة القرية.
ويروي الحاج عقلة حكاية القرية ،ويقول ان بناء مساكن القرية يزيد عن مئتي عام وان جميع بيوتها قد بنيت من الحجر والطين وان أهل القرية تعاونوا مع بعضهم البعض حتى أنجزوها،وذكر أنه كان للقرية نظامها الداخلي وأعرافها وعاداتها وتقاليدها وموروثها الشعبي ،حيث كان يستيقظ رجال ونساء البلدة وطلوع الشمس وهم في حيوية ونشاط كل منهم إلى عمله ،فالرجال يذهبون إلى الزراعة أو الحصاد أو قيادة قطعان الماشية وبعضهم يذهب لجلب أحتياجاته من اربد والبعض الآخر كان يجلب أحتياجاته من طبريا أو مدينة الناصرة،أما عن عمل النساء فكان عجن الطحين وخبزه بما يسمى بفرن الطابون وتنظيف البيت والمساعدة في أعمال الزراعة وجني المحصول.
أما الاولاد فمنهم من كان يذهب للعمل ومنهم من يذهب ليتعلم في المسجد حيث أن اكثر تعليمهم كان من القرآن الكريم وكانت الكتابة تتم على رقاقة حديدية أو سطح خشبي ويستخدمون بديلاً من الحبر الرماد.
ويروي الحاج عقلة انه عندما يحل المساء كانوا يدخلون عالماً جديداً وهو عالم السهرات فيسهرون عند مختار القرية أو شيخ القبيلة ،ويصف السهرة بأن لها مذاق وطعم جميل خاصة في فصل الشتاء عند قيامهم بإشعال الحطب بالكانون ليصبح فيما بعد جمراً يسترخون على دفئه أو عندما يتواجد ما يسمى بالحكواتي إذ يصبح للسهرة طعمٌ آخر،وتستمر وتيرة حياتهم على هذا المنوال من دون ملل.
وما يزال الحاج عقلة يتمسك بذكرياته من غير الاستغناء عنها فيصف جمال القرية في ذلك الزمن من خلال صوت هدير مياهها لا سيما في فصل الشتاء وصوت صهيل خيلها وصياح ديوكها وصوت الآذان الناعم وأجراس الكنيسة التي تصدح بعذبات قدمها والتي تدمج ثيمه موسيقية رائعة تشكل نظاماً داخلياً للقرية ،إضافة لصوت المياه عندما تنحدر نحو بركة صمد والتي تعد ذات اهمية كبيرة لأهل القرية في ذلك الزمن حيث كانوا يقومون بغسل ثيابهم منها إضافة لسقاية الماشية من مائها.
أما عن سكان القرية في ذلك الزمن فقد كان يسكنها المسلمون والمسيحيون ويضيف الحاج عقله إلى أنهم كانو كخلية نحل واحدة تثمر عسلاً،فكان مسلموها ومسيحيوها أكثر من أخوة يتزاورون ويسهرون معاً ويساعدون بعضهم البعض في جميع الاعمال المختلفة ،وفي الاعياد كانوا يعايدون بعضهم البعض ويتبادلون فيما بينهم العيديات سواء أكان العيد للمسلمين أم للمسيحيين.
أما صمد في في العصر الحالي فلا يسكنها سوى الأقلة من المسلمين فمع بداية الستينيات أخذ المسيحيون وبعض من المسلمون بالهجرة من القرية إلى المدن بحثاً عن فرص عمل وحياة أفضل ،فأصبح يطلق عليها في الوقت الحاضر إسم صمد التراثية وثمة لوحات ارشادية على طريق اربد عجلون تشير إلى قرية صمد التراثية،كما ويرتادها عددٌ من السياح الأجانب بين فترة وأخرى،إضافة إلى انه تم التصوير بها لبعض المسلسلات الاردنية وتصوير عدة كليبات لأغاني في قناة طيور الجنة الفضائية وذلك لإشتمالها وإحتوائها على نوع من أنواع التراث الوطني.
([email protected])