المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أإلــــــ~ـّـــــصـــّــــــ~ـ ـــــّــــّــــــدقّّ



آحمےد آلوحےيدي,
21-08-2010, 09:50 AM
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى


وبعد


يقول رب العزة تبارك وتعالى وهو أصدق القائلين


( إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر )


( إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ )


( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ )


( مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ )


وعن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلي الله عليه وسلم قال


إن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة


وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا


وإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار


وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا


متفق عليه


كلمات من نور من رسول الله صلى الله عليه وسلم


تنقش بالذهب الخالص في قلب كل موحد


يشهد أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم


قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله


الصدق أساس الحسنات وجماعها، والكذب أساس السيئات ونظامها



ويظهر ذلك من وجوه

أحدها : أن الإنسان هو حي ناطق



فالوصف المقوم له الفاصل له عن غيره من الدواب هو المنطق


والمنطق قسمان : خبر وإنشاء والخبر صحته بالصدق وفساده بالكذب


فالكاذب أسوأ حالا من البهيمة العجماء


والكلام الخبري هو المميز للإنسان، وهو أصل الكلام الإنشائي، فإنه مظهر العلم


والإنشاء مظهر العمل، والعلم متقدم على العمل وموجب له


فالكاذب لم يكفه أنه سلب حقيقة الإنسان حتى قلبها إلى ضدها


ولهذا قيل: لا مروءة لكذوب، ولا راحة لحسود، ولا إخاء لملوك، ولا سؤدد لبخيل


فإن المروءة مصدر المرء كما أن الإنسانية مصدر الإنسان


الثاني : أن الصفة المميزة بين النبي والمتنبئ هو الصدق والكذب


فإن محمدا رسول الله الصادق الأمين


ومسيلمة الكذاب


قال الله تعالى ( فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ . وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ )


الثالث : أن الصفة الفارقة بين المؤمن والمنافق هو الصدق


فإن أساس النفاق الذي بني عليه: الكذب


وعلى كل خلق يطبع المؤمن ليس الخيانة والكذب


وفي الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم


ثلاث من كن فيه كان منافقا: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان


الرابع : أن الصدق هو أصل البر، والكذب أصل الفجور


كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال


عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة


ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا


وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار


ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا


الخامس : أن الصادق تنزل عليه الملائكة والكاذب تنزل عليه الشياطين


كما قال تبارك وتعالى


( هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ )


( تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ)


( يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ )


السادس : أن الفارق بين الصديقين والشهداء والصالحين



وبين المتشبه بهم من المرائين والمسمعين والمبلسين هو الصدق والكذب


السابع : أنه مقرون بالإخلاص الذي هو أصل الدين في الكتاب


وكلام العلماء والمشايخ قال الله تعالى ( وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّور ) ( حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ )


ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «عدلت شهادة الزور الإشراك بالله مرتين»


وقرأ هذه الآية وقال: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر الإشراك بالله وعقوق الوالدين»


وكان متكئا فجلس فقال: «ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت»

الثامن : أنه ركن الشهادة الخاصة عند الحكام التي هي قوام الحكم والقضاء والشهادة العامة في جميع الأمور



والشهادة خاصة هذه الأمة التي ميزت بها في قوله( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا


شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ) وركن الإقرار الذي هو شهادة المرء على نفسه، وركن الأحاديث والأخبار التي بها يقوم الإسلام


التاسع : أن الصدق والكذب هو المميز بين المؤمن والمنافق


كما جاء في الأثر: أساس النفاق الذي بني عليه الكذب


وفي الصحيحين عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال


آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان


وفي حديث آخر


على كل خلق يطبع المؤمن ليس الخيانة والكذب


ووصف الله المنافقين في القرآن بالكذب في مواضع متعددة


ومعلوم أن المؤمنين هم أهل الجنة وأن المنافقين هم أهل النار في الدرك الأسفل من النار


العاشر : أن المشايخ العارفين اتفقوا على أن أساس الطريق إلى الله هو الصدق والإخلاص


كما جمع الله بينهما في قوله : {وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ}{حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ}


ونصوص الكتاب والسنة وإجماع الأمة دال على ذلك في مواضع


كقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}


وقوله تعالى {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ}


{وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}


وقال تعالى لما بين الفرق بين النبي والكاهن والساحر


( وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ . نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ . عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ .


بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ . وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ )


إلى قوله : ( هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ . تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ . يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ )


وقال تعالى: ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ )


وقال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا )


وفي الختام أحبتي تحضرني هذه القصة عن الصدق


يقول الشيخ عبد القادر الكيلاني عقدت أمري منذ طفولتي على الصدق


فخرجتُ من مكة إلى بغداد لطلب العلم


فأعطتني أمي أربعين دينارًا لأستعين بها على معيشتي وعاهدتني على الصدق


فلما وصلنا أرض همدان خرج علينا جماعة من اللصوص فأخذوا القافلة كلها


وقال لي واحدٌ منهم : ما معك؟ قلت: أربعون دينارًا، فظن أني أهزأ


فتركني وسألني آخر فقلت 40 دينارًا، فأخذهم مني كبيرهم


فقال لي: ما حملك على الصدق؟ فقلت: عاهدتني أمي على الصدق فأخاف أن أخون عهدها


فأخذت الخشيةُ رئيسَ اللصوص فصاح


وقال: أنت تخاف أن تخون أمك وأنا لا أخاف أن أخون عهد الله؟


ثم أمر برد ما أخذوه من القافلة


وقال أنا تائبٌ على يدك


فقال مَن معه أنت كبيرنا في قطع الطريق وأنت اليوم كبيرنافي التوبة


فتابوا جميعًا بسبب الصدق


فاللهم ارزقنا الإخلاص في القول والعمل


واجعلنا من الصادقين


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

المرحوم رعد الزغير
24-08-2010, 07:19 PM
جزانا واياك ربي خيرا ...