المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحجامة.. أبرز علاجات الطب البديل



marj
17-05-2010, 02:45 PM
قد يستغرب الشخص الذي تشربت في داخله كل تطورات العلم ومنجزاته، عندما يشاهد شخصا يحمل في جنباته الآم مرض مزمن لازمه منذ زمن بعيد، وهو يسير بخطى مثقلة بالتعب متوجها للعلاج لدى أبي عمر، ذلك الشخص الضارب في القدم، وكأنه في طقوسه، لباسه، ومظهره العام ينتمي إلى زمن غير الذي نعيش، ولا يملك درجة جامعيه أو شهادة معهد أو حتى رخصة تجيز له ما يقوم به من إبداعات، هو في الحقيقة لا يمتلك إلا أدوات بسيطة وخبرة كانت هي خلاصة ما قام به أجداده من قبله وما سيمنحه لأبنائه من بعده، بالإضافة إلى انه يمتلك ثقة الناس التي ضمنت له الاستمرار والبقاء، هذه الثقة التي تعززت في نفوسهم بعدما رأوا لائحة طويلة من تجارب الناس التي وقف الطب عاجزا أمامها، ليأتي (أبو عمر) وبكل بساطة ليثبت لذلك الطبيب الذي تخرج من تلك الجامعة العريقة أن للطب ثورة بدأت منذ القدم ، تفوح من تلك الثورة رائحة البساطة، وليقول للعالم بان العادات المتوارثة في العلاج هي الأقدر والأكثر كفاءة على تقديم الحلول المناسبة للكثير من تلك الأمراض التي تعذر على الطب الحديث علاجها.
وإذا ما حاولنا استعراض تلك العادات والتي بثتها لنا الحضارات القديمة وكأنها سر تشربته ثقافة رافضة الاعتداء عليها بالتغيير أو الإهمال أو الانتقاص من قيمتها ، والتي اصطلح على تسميتها (الطب الشعبي)، سندرك مدى عجزنا عن الإحاطة بها سواء بإطارها العام أو بجزئياتها ،ذلك لأنها نواتج خبرة امتدت عبر سنوات طويلة من المحاولة والبحث والدراسة ،لتفضي إلى ما هو أمامنا وبين أيدينا في الحاضر .
ولاعترافنا بعجزنا عن الإحاطة بموضوع الطب الشعبي بمجمله ولقناعتنا بضرورة الاهتمام بهذا الجهد الإنساني الذي تم تسخيره لأشرف مهنه وأنبلها في الدنيا وهي إزالة آلام الناس ، فأننا سنحاول جاهدين إلقاء الضوء على واحدة من أقدم واعرق أساليب الطب الشعبي والتي تعتبر أصل الطب لدى الحضارات القديمة وهي ( الحجامة).
وإذا توجهت لغرض الاحتجام لدى أبي عمر ذلك الرجل الذي و بالرغم من بساطته إلا أن لديه من التفاسير العلمية ما يكفي لحماية مهنته والتي لا يتقاضى عليها أجرا ،سنجد أن بيته الصغير ذا الأثاث البسيط مكتظٌ بالناس الطالبين منه الخلاص من أوجاعهم بالحجامة، التي اصطلح أهل الخبرة على أنها تعني إعادة الشيء إلى حجمه الطبيعي وهذا في اللغة، أما اصطلاحا فهي إعادة الدم إلى نصابه.



نشأة الحجامة

وتعود نشأتها إلى الحضارات السابقة كحضارة الفراعنة والآشوريين واليونانيين والبابليين والصينيين والتي صورت عملية الحجامة وأدواتها على جدران معابدها ومتاحفها وكهوفها ويعتقد كذلك أن مرد هذا النوع من العلاج يعود إلى الرسالات السماوية السابقة، أي أن الأنبياء عالجوا الجسد تماما كما عالجوا الروح .

أدوات وطريقة إجراء الحجامة

أما الأدوات المستخدمة لهذه العملية، ففي الماضي كان الفخار هو الأداة الرئيسية في عملية الحجامة ، لتحل بعده القوارير الزجاجية، وكذلك استخدم قرن الفيل، حيث يتم تجويفه وتفريغه من محتواه ليستخدمه الحجام في عملية شفط الدم، وقد تطورت هذه الأدوات في عصرنا الحالي ليصبح منها الزجاجي بالإضافة إلى أجهزة تفريغ الهواء، حيث ما تزال الدول المتقدمة تعمل على تطوير هذه الأجهزة مما يدل على أهمية هذا النوع من العلاج .
وتتم عملية الحجامة بوضع الكأس على موضع العضو المصاب، فتبدأ عملية احتقان الدم ثم ينزع الكأس ويتم إجراء جروح سطحية بشكل أفقي، بعد ذلك يعاد الكأس مرة أخرى لتتم عملية الشفط، سواء بالطريقة التقليدية عن طريق إشعال أوراق لتفريغ الكأس من الهواء أو باستخدام جهاز الشفط الحديث، وهنا لابد للحجَام من مراعاة ثلاث مسائل وهي : لون الدم، وقوته، وأيضاً مراقبة الشخص المحجوم في جملة من القضايا مثل : الدوخة وغيرها، ثم يؤخذ هذا الدم ويلقى في مكان آمن.
وتجرى عملية الحجامة في جملة من المناطق وهي الكاهل وما حوى، الرأس وما حوى، والفخذ وما دون. أما الكاهل فهي منطقة في الظهر أسفل لوحة الكتف، حيث يفضل إجراءها في هذه المنطقة، لأنها من المناطق التي تقل فيها الحركة، وهي عرضه لتجمع كريات الدم الحمراء الهرمة المحتقنة.
وفي الرأس تكون في منطقة الأخدعين خلف الأذن وهي عبارة عن عرق يمتد من أسفل الدماغ مروراً بالكاهل انتهاءً بالقلب، أما في الفخذ فتكون في منطقة متعلقة بالغدد غير المنتظمة، وفي النهاية فهناك قاعدة تقول (حيثما وجد المرض تكون الحجامة)، وهي على أمرين: الوقائية لغير المريض حيث يقوم بها دفعاً لما قد يصيبه من الأمراض، والعلاجية للشخص المريض.
أما تأثير عملية الحجامة على الجسم فتكون على كل من الدم والغدد، حيث يتم إخراج الدم الفاسد المحتقن في العضو المصاب ليتسنى للجسم تعويضه بدم جديد خالي من الشوائب والرواسب مع الاحتفاظ بكريات الدم البيضاء، ولا يخرج في عملية الحجامة ما هو نافع للجسم أبداً، وهذا ما يحير الطب الآن.
أما تأثير الحجامة على الغدد فتفسيره أنه عندما تجرى عملية الحجامة من خلال مركز الإحساس ألا وهو الجلد، فيكون قد أعطى إشارةً إلى الدماغ بوجود خلل معين في هذا العضو، وبالنتيجة يعطي الدماغ إشارةً الى الغدد المعنية بالأمر لإفراز المادة اللازمة لهذا العضو.
وقد يعتقد البعض أن عملية التبرع بالدم قد تغني عن الحجامة وهذا اعتقاد خاطئ، فهناك فرق بين الأمرين، حيث إن الدم الذي يتم التبرع به يكون دماً نقياً ويمكن الاستفادة منه بإعطائه لشخص آخر، أما الدم الخارج بواسطة الحجامة فهو دم لا يستفاد منه لأنه خلاصة رواسب وشوائب، وقد أثبت الطب الحديث ذلك بقوله : "أن الدم الخارج من الحجامة هو أشبه ما يكون بالدم الذي يخرج من المرأة في حالة الطمث ويحمل نفس الخواص" وهذا لا يتم التخلص منه بالتبرع.

مواقيت الحجامة وارتباطها بحركة القمر
يرى أبو عمر أن مواقيت الحجامة تكون على حسب الحاجة، أما للشخص المريض فتكون في كل الأوقات، فالمصاب بالشقيقة مثلاً أو بتهيج الدم لا بد من إجراء عملية الحجامة له في أسرع وقت ممكن.
وأما لغير المريض فهناك أوقات مستحبة وهي السابع عشر والتاسع عشر والحادي والعشرون من الشهر القمري، وهي أفضل الأوقات لإجراء الحجامة، ويعود السبب في ذلك كما يقول أبو عمر إلى ارتباط عملية الحجامة بحركة القمر، والتي تؤثر على جميع السوائل على وجه الأرض بل وحتى اليابسة، فكما يحدث القمر المد والجزر في البحر كذلك يحدثها في الدورة الدموية، حيث يكون الدم في الجسد في هذه الأيام أنسب ما يكون للخروج، كما يفضل إجراؤها أيضاً في فصل الربيع، وتجرى للشخص السوي كل عام مرة كوقاية كما ذكر لنا أبو عمر.
وأضاف (أن الحجامة تجرى للصغير والكبير وللرجال والنساء حسب الحاجة، ولكن بالنسبة للصغار فهي محصورة على عدد قليل من الأمراض لأن الكريات الحمراء لدى الأطفال تكون نشيطة وبعيدة عن الهرم فيكون العلاج بالحجامة مقتصراً على فئة من الأمراض مثل السكري والتبول اللاإرادي).
وعدد لنا أبو عمر بعض الحالات التي تمكن من علاجها قائلاً:
(لقد أجريت الحجامة على عدد من الصغار في قضية التبول اللاإرادي وكانت النتيجة شفاء سبع من تسع حالات) .

حالات شفيت بالحجامة

وأضاف "قمت بعلاج الكثير من الأمراض والحمد لله، ومعظمها يئست من الطب الحديث لتجد الحل في الحجامة، منها حالات كثيرة من الشقيقة حيث احتاجت الى جلسة واحدة والقرحة في رأس المعدة وهذه تطلبت أربع جلسات حيث أجريت لشاب عانى منها فترة من الزمن ثم شفي تماماً، بالإضافة إلى آلام أسفل الظهر حيث عالجت مجموعة من الأشخاص بنجاح، وحالات ارتفاع ضغط الدم ومنها حالة شقيق لي ارتفع ضغطه الى 210/110، وبعد أن تم تخفيضه في المستشفى بالعلاجات والأدوية عاد بعد خمسة أيام ليرتفع، وبعد أن أجريت له عملية الحجامة شفى تماماً ليستقر الضغط لديه على 120/80 حتى هذه اللحظة".
وأضاف "عالجت مرضى مصابين بالسكري، مع مراعاة الحذر الشديد معهم ،وتمكنت بحمد الله من علاج مريض كان يعاني من زيادة في الشحنات الكهربائية في الفقرات، كذلك عالجت حالتي عقم من أصل خمس حالات، وقمت أيضاً بعلاج رجل أصابته جلطة في الشق الأيمن من الدماغ، وبالرغم من أن ابنه يعمل كطبيب في إحدى أكبر المستشفيات إلا أنـه لم يجد العلاج المناسب لحالة والده، فلجأ إلى الحجامة.

أصعب حالة تم شفائها
ويصف أبو عمر حالة هي الأصعب حيث كان المريض يعاني من شلل تام إثر جلطة على الدماغ أدت الى تعطيل النطق وعدم السيطرة على البول والبراز، حيث احتاجت هذه الحالة الى تسع جلسات، فبعد الجلسة الثالثة استعاد المريض قدرته على النطق، وبعد الجلسة الخامسة تمكن من السيطرة على عملية التبول والبراز، وبعد الجلسة السابعة تمكن من المشي بفضل الله، وكنت قد أجريت له الحجامة في عدة مواضع من جسده شملت الفقرات والكاهل والأخدعين من الرأس ومنطقة الفخذ).

الحجامة ليست دائما هي الحل

وأشار أبو عمر الى أن بعض الحالات لم تشفى بالحجامة، بقوله: "أن الحجامة ليست الحل لكل الأمراض وإلا لأغلقت العيادات والمستشفيات ولجأ الجميع إلى الحجامة فقط".
وأكد قائلا: "أن الحجامة لم تكن يوماً لتؤذي أحداً، وإنها إذا لم تشفِ العضو المصاب فستمنح فائدة للجسم ككل".

أخطاء الحجامين

ومن الأخطاء التي قد يقع فيها الشخص الحجام بحسب أبو عمر تلك التي تختص بالموقع المراد حجمه، حيث أن هناك مواقع لا تجوز فيها الحجامة لما فيها من خطر على الشخص المحجوم مثل نقره الرأس خلف الجمجمة، ومنطقة الهامة (أي الجبين) حيث إن إجراء الحجامة في هاتين المنطقتين تؤثران على الذاكرة بشكل كبير جداً. فالأصل إجراؤها في منطقة الأخدعين حيث ثبت أنها تنشط خلايا العقل بشكل كبير جداً، وكذلك هناك أخطاء كأن لا يقوم الحجام بعملية التعقيم والتي يجب إجرائها قبل وبعد عملية الحجامة مما قد يؤدي إلى حدوث مضاعفات، ولا يجب إجراء الحجامة للأشخاص الذين يتناولون مميع للدم ما داموا تحت تأثير الدواء.
وفي النهاية ينصح الشخص المحجوم بتناول السوائل والابتعاد عن الأطعمة التي تحتوي على البروتينات بعد عملية الحجامة .
وأشار أبو عمر الى أن الدين الإسلامي ركز على أهمية الحجامة من خلال الأحاديث النبوية الكثيرة التي حضت على وجوب إجراء هذه السنة للشخص المريض والسوي على حدٍ سواء،ومن جملة هذه الأحاديث قول الرسول صلى الله عليه وسلم (إن أمثل ما تداويتم به الحجامة) وقوله صلى الله عليه وسلم (نعم العادة الحجامة) والكثير من الأحاديث النبوية.
ومن هنا نرى أن الحجامة موضوع متعدد الأبعاد والمفردات، وأنه عالم من الطب مستقل بذاته، أساء إليها البعض حتى أهملت ولكنها عادت لتطفو إلى السطح من جديد، فهذا الفن العلاجي الطبي الذي وبالرغم من قدمه إلا أنه لا يزال يحظى بنقاش مستفيض بين مؤيد ومعارض وما زالت تثار حوله الكثير من التساؤلات إلا انه في النهاية اثبت انتصاره ليصار الى فتح مراكز مختصة بالعلاج عن طريق الحجامة بعد أن كانت محظورة.