يتميز شهر رمضان عن غيره من الشهور
بأن فرض الله عز وجل فيه الصيام
على كل مكلف، يقول تعالى:
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ».

وشهر رمضان هو شهر الله؛
ولذلك فهو أفضل الشهور،
وهو شهر الرحمة والمغفرة والتوبة، يقول(صلى الله عليه وسلم ):
«يا أيها الناس إنه قد أقبل الرسول إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة، شهر هو عند الله أفضل الـشهور، وأيامه أفضل الأيام، ولياليه أفضل الليالي، وساعاته أفضل الساعــات، هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله وجعلتم فيه من أهل كرامة الله، أنفاسـكم فيه تسبيح،
و نومكم فيه عبادة، وعملكم فيه مقبول، ودعاؤكم فيه مستجاب».
ولذلك ينبغي لكل واحد منا أن يستثمر هذا الشهر الفضيل في طاعة الله عز وجل
والتقرب إليه، و أن يحييه بالعبادة والعمل الصالح.
الصيام الكامل
لكي يكون صوم الإنسان كاملاً فإن عليه الامتناع عن المـفطرات المادية والمعنوية،
فكما عليه أن يمتنع عن الأكل والشرب باعتـباره من المفطرات،
فإن عليه أيضاً أن يصوم عن المفطرات السلوكية،
بأن يمتنع عن الغيبة والنميمة وقول الزور
كما أن على الصائم أن ينزه نفسه عن استماع الأغاني الماجنة
أو مشاهدة الأفلام الهابطة.

يقول الإمام علي(رضي الله عنه):
«صـوم الجسد الإمساك عن الأغذية بإرادة واختيار خوفاً من العقاب ورغبة في الثواب والأجر،
وصوم النفس إمساك الحواس الخمس عن سائر المآثم، وخلو القلب من جميع أسباب الشر»
الكامل هو
الذي يشتمل على صوم الجسد عن المفطرات المادية،
وصوم النفس عن ارتكاب المآثم.
وإلا إذا امتنع الصائم عن المفطرات الحسية ولكنه كان يرتكب المآثم بعينه وأذنه ولسانه وقلبه فإن مثل هذا الصيام لاينفع صاه.

فقد ورد عن رسول الله(صلى الله عليه وسلم ) قوله:
«رُبًّ صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، وربًّ قائم حــظه من قيامه السَّهر»

ويقول الإمام علي(رضي الله عنه):
«كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والظمأ، وكم من قائم ليس له من قيامه إلا السهر والعناء، ذا نوم الأكــياس وإفطارهم»

فعلى الإنسان أن يربي نفسه،
ويزكي روحه في شهر رمضان المبارك،
فرمضان عبارة عن مدرسة يتعلم فيه الإنسان كيف يقوي إرادته،
ويهـذب نفسه، ويطهر قلبه،
وينمي روحه...
فشهر رمضان الكريم
هو شـهر الرحمة والتوبة والتطهر من الأدناس المادية والمعنوية.

تربية الروح
من أجل أن تستفيد من شهر رمضان في
تربية روحك، وتزكية نفسك..
عليك بالإكثار من تلاوة القرآن الكريم،
والتدبر في آياته، واتباع أوامره ونواهيه،
والتخلق بأخلاقه وآدابه.
داوم على قراءة دعاء الافتتاح في كل ليلة،
وحاول أن تستفهم معـانيه وأسراره،
ولاتنسَ قراءة دعاء مفيد في كل ليلة جمعة، وقراءة دعاء أبو حمزة الثمالي،
ودعاء الجوشن الكبير والصغير...
وغيرها من الأدعية المـأثورة الوارد استجاب قراءتها في شهر رمضان المبارك.
والله أعلم بها
حاول أن لاتترك صلاة الليل
في كل ليلة من شهر رمضان،
وإن لم تستطع الاتيان بها كاملة فأتِ بها مخففة، فإن لصلاة الليل تأثيراً مهماً في حياة الإنسان المؤمن.
لا تترك صلاة الجماعة مهما استطعت إلى ذلك سبيلاً،
فصلاة الجماعة -
وخصوصاً في رمضان-
تنمي روح العبادة عند الفرد،
وروح الجــماعة عند المجموع.
استخدم إرادتك بقوة في التخلص من العادات السيئة كالإدمـان على التدخين،
والأكل من غير اعتدال، وكثرة النوم.
إلى غير ذلك من الــعادات السيئة،
فشهر رمضان خير فرصة للتخلص منها.
حاسب نفسك بنفسك قبل أن تُحاسب
يوم لاينفع قيه مال ولا بنون؛
إن عليك أن تحاسب نفسك في كل يوم
ماذا عملت من الأعمال الصالحة؟
وماذا ارتكبت من الأفعال القبيحة؟!
فشهر رمضان هو شهر التوبة و المغفرة،
فتب إلى الله توبة نصوحة.
لا تتكاسل في شهر رمضان المبارك،
بل اجهد نفسك على أن تنجز فيه من الأعمال أكثر من غيره من الشهور،
فالحسنات فيه مضاعفة، والأجر فيه جزيل.
لا تنسَ الفقراء والمساكين ممن حولك؛
انفق عليهم بما تستطيع،
وساعدهم بما تتمكن،
وتصدق عليهم بما يمكن.
تعلم من شهر رمضان الصبر،
وقوة الإرادة، وإرادة العزيمة، والتضحية، والإحساس بالمسؤولية،
والقدرة على مقاومة الغرائز والشهوات،
والحكمة في القول والفعل.
لا تجعل صيامك في شهر رمضان مجرد عادة تعودت عليها،
بل اجعله منعطفاً محورياً في حياتك،
يتجدد في كل عام،
فكر في نفسك بجدية،
فكر في آخرتك باهتمام،
فماذا أعددت من زاد لآخرتك
وهل أنت مستعد عندما يحين الأجل
ويأتي القضاء لرحيلك من هذه الدنيا الفانية إلى الدار الآخرة
فكر في ذلك جيداً..