) استقلاب الجسم للدواء " Drug Metabolism "
الاستقلاب الدوائي أو التحولات الحيوية الدوائية (Drug Biotransformation ) يقصد به التحولات الكيموحيوية ( أنزيمية ) التي يجريها الجسم على الدواء ويحوله الى شكل كيميائي آخر. والاستقلاب الدوائي يلعب دوراً رئيسياً في طرح الدواء وباقي المواد الكيميائية الغريبة ( Xenobiotics ) من الجسم، فمن المعلوم أن أغلب المواد الكيميائية (ومنها الأدوية ) التي تدخل جسم الانسان هي مركبات ذائبة في الدهون ( محبة للدهون) ( Lipophilic ) ، ولهذا حتى تعطي مفعولها الدوائي يجب أن يحصل لها امتصاص وتعبر الحواجز البيولوجية المختلفة في أجزاء الجسم وتتوزع فيها، وبسبب حبها للدهون فانه سوف يعاد امتصاصها من قبل القنوات الكلوية دون ان تطرح في البول، وبالتالي سوف تبقى في الجسم لفترات زمنية طويلة معطية تأثيراتها الدوائية والكيميائية، وهنا تتجلى أهمية استقلاب الجسم لهذه المركبات، فعن طريق الاستقلاب يتم تحويل هذه المركبات (ومنها الأدوية) المحبة للدهون وصعبة الاطراح الى مركبات أخرى محبة للماء سهلة الطرح من الجسم ، والأشكال الكيميائية الناتجة من الأدوية الأصلية التي دخلت الجسم يطلق عليها بالمخلفات ( Metabolites ) ، وهذه المخلفات الاستقلابية للأدوية تكون عادة غير فعالة دوائياً وغير سامة، ولهذا كان يطلق على عمليات الاستقلاب بأنها ازالة السمية ( Detoxification Processes ) .

وحول هذه النقطة يجب أن نشير الى أن عملية الاستقلاب لا تعطي دائماً مخلفات غير سامة وغير فعالة دوائياً ، فهناك بعض الأدوية التي تستقلب الى مخلفات فعالة دوائياً وتكون هذه المخلفات هي المطلوبة فعلاً لاحداث أثر دوائي . بل ان بعض الأدوية لا يكون فعالاً دوائياً، ويستقلب الى مخلف أو مخلفات (مخلفات ) فعالة دوائياً، اضافة الى هذا الكلام ، فانه ليست جميع المخلفات غير سامة ، في الحقيقة فان الكثير من الآثار الجانبية السيئة مثل نخر الأنسجة (Tissue Necrosis ) والسرطان، التشوهات الجنينية (Teratogenicity ) مردها المخلفات الكيميائية الناتجة عن استقلاب الأدوية والملوثات البيئية . (8)

تقسم تفاعلات الاستقلاب الدوائي الى قسمين :-

أ ) مرحلة الاستقلاب الدوائي الأولى ( Phase - I )
وتشمل التفاعلات الكيموحيوية التالية : الأكسدة ، الاختزال، الاماهة (Oxidative, Reduction, Hydrolysis ) ، وأن الهدف من هذه المرحلة هو ادخال مجموعات كيميائية وظيفية ( Functional Groups ) تكون متأينة (قطبية Polar ) .

تضاف المجموعات القطبية هذه الى الدواء بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر كاختزال مجموعة الكيتون الى الألديهاد، أو أكسدة الكحول الى حوامض، أو انتاج مجموعة الكاربوكسيل عن طريق الاماهة، وبالتالي يصبح الدواء متأيناً، محباً للماء ويسهل طرحه .

لا تستطيع المرحلة الأولى من التفاعلات الاستقلابية في بعض الأحيان انتاج مخلفات متأينة محبة للماء بما يكفي لاطراحها أو تقليل مفعولها الدوائي وفي هذه الحالة يجب على المخلفات من هذا النوع المرور بالمرحلة الثانية من الاستقلاب الدوائي .

ب) مرحلة تفاعلات الاستقلاب الثانية - المرحلة الثانية (Phase - II ) أو تسمى مرحلة التفاعلات الارتباطية ( Conjugation Reactions )
والغرض من هذه المرحلة هو ربط مركبات تكون أصلاً موجودة في الجسم (Endogenous Compounds ) صغيرة، متأينة وقطبية مثل (Glycin, Sulfate, Glucuronic acid ) مع مخلفات الأدوية الناتجة من المرحلة الأولى لتتحول الى مخلفات مرتبطة، أكثر ذوباناً في الماء وأكثر قطبية، وسهلة الطرح من الجسم .

الأدوية - والمركبات الكيميائية الأخرى - والتي تمتلك مجموعة أصلاً قطبية غير كافية لأن تطرح بشكل مطلوب، تذهب مباشرة الى المرحلة الثانية دون المرور بالمرحلة الأولى ، وتعتبر المرحلة الثانية هي الأساس في ازالة سمية الأدوية وتأثيراتها الدوائية، الا أن كلتا المرحلتين تعتبران مكملتين بعضهما البعض في التغلب على الآثار السامة والدوائية للمركبات والأدوية الداخلة في جسم الانسان .

يعتبر الكبد أهم عضو يحدث فيه تفاعلات التحولات الحيوية الدوائية لاحتوائه تقريباً على جميع الانزيمات المسؤولة عن استقلاب الأدوية اضافة لكون الكبد من الأعضاء القليلة المزودة بالدم بشكل غزير . ويوجد أعضاء أخرى لها القدرة على استقلاب الدواء مثل الأمعاء (لوجود أنزيمات مثل ((Lipases , Esterases )، ,الكلى، والرئتين ، والغدة الكظرية، والمشيمة، والدماغ والجلد، ولكن كما ذكرنا يعتبر الكبد أهمها .