البرق





البرق ما هو إلا شرارة كهربائية ناتجة عن التقاء شحنتين كهربائيتين متعاكستين
توصل لهذه الحقيقة بنيامين فرانكلين Benjamin Franklin
في النصف الثاني من القرن الثامن عشر




و استطاع العلماء بفضل التصوير فائق السرعة والمعالجة الرقمية للبيانات أن يثبتوا أن ومضة البرق الواحدة قد تتألف من عدة ضربات .. وكل ضربة تتألف من عدة مراحل أو أطوار.
وقد تم قياس الأزمنة لكل مرحلة بدقة كبيرة ... ورؤية هذه المراحل .. ولم يتحقق هذا إلا في نهاية القرن العشرين .. وبداية القرن الحادي والعشرين





حقيقة تكون ومضة البرق




لابد أن نعرف أن الغيوم تتكون نتيجة تجمع جزيئات البخار المرتفع من الأرض هذه الجزيئات تكون محمَّلة بشحنات كهربائية موجبة وسالبة نتيجة تفاعلها واحتكاكها واصطدامها




و غالباً ما تكون الشحنات السالبة في أسفل الغيمة من الجهة القريبة من الأرض وذلك بسبب تأثير الجاذبية التي تقوم بدورها في توزيع الشحنات وتكون الشحنة الموجبة في أعلى الغيمة وهذا يحدث في ما يسمى بالغيوم الرعدية التي تسبب البرق دائماً.





وعندما تتجمع كميات مناسبة من الإلكترونات في أسفل الغيمة تنتقل هذه الشحنات السالبة بواسطة الهواء الرطب الموجود بين الغيمة وسطح الأرض وتقترب من سطح الأرض ذي الشحنة الموجبة
فينطلق شعاع البرق القادم من الغيمة وتتشكل قناة دقيقة جداً في قاعدة الغيمة.وبسبب وجود حقل كهربائي بين الغيمة والأرض ينطلق ما يسميه العلماء الشعاع "القائد Leader" باتجاه الأرض وهذا الشعاع الذي يمرّ ويخطو بخطوات متتالية هو أول مرحلة من مراحل البرق.





وعندما يصل هذا القائد إلى الأرض وبفعل الحقل السالب الذي يحيط به يجذب إليه الشحنات الموجبة الموجودة بالقرب من سطح الأرض وتتحرك هذه الشحنات الموجبة باتجاه الشعاع القائد وتصطدم به على ارتفاع عشرات الأمتار عن سطح الأرض


وتتشكل قناة اتصال بين الغيمة والأرض.





وعندها تنهار عازلية الهواء ويصبح ناقلاً للكهرباء ويتولد تيار كهربائي قوي ينير على شكل ومضة باتجاه الأعلى ويدعى طور الرجوع Return Stroke





وهذه الضربة الراجعة هي ما نراه فعلاً لأن معظم الضوء يتولد عنها.
و هي تستغرق أقل من 100 مايكرو ثانية وتُنتج التيار الراجع والذي يقدر بـ 30 ألف أمبير.





وبعد ذلك تمر فترة توقف مدتها من 20 وحتى 50 ميلي ثانية ثم تتكرر العملية من جديد باستخدام نفس القناة التي تم تأسيسها من قبل وهكذا عدة ضربات.وقد تكون ومضة البرق مفردة أو متعددة حسب كمية الشحنات المتوفرة بين الغيمة والأرض وحسب الظروف الجوية السائدة. وقد يصل عددها إلى عشر ضربات متتالية وسريعة ولكننا نراها ومضة برق واحدة ولا ندرك مرور ورجوع البرق بأعيننا .




قد يحدث العكس أحياناً، فتأتي الشحنة الموجبة من الغيمة باتجاه الشحنة السالبة للأرض وتتولد الومضة الموجبة وهذه تكون وحيدة وعنيفة ولا يتبعها ضربات أخرى.









في أقل من نصف ثانية تحدث 3-4 ضربات برق كلها نراها في ومضة برق واحدة.ويمكن أن يصل التيار الناتج من الضربة الراجعة إلى 200 ألف أمبيروتسير الضربة الراجعة بسرعة تصل إلى نصف سرعة الضوء .




حقائق وأرقام


- لا يحدث البرق لأي غيم بل هنالك غيوم محددة يسميها العلماء بالغيوم الرعدية
وهي البيئة المناسبة لحدوث وهذه الغيوم تكون عادة ممتلئة بالحقول الكهربائية بسبب الرياح التي تسوق جزيئات بخار الماء وتدفعه للأعلى وتسبب احتكاك هذه الجزيئات بعضها ببعض مما يولد هذه الحقول الكهربائية.




في ظل الظروف السائدة داخل شعاع البرق لا يمكن لأي جهاز أن يتحمل ضخامة الحرارة والتوتر العالي جداً. فدرجة الحرارة تصل إلى 30 ألف درجة مئوية... أي خمسة أضعاف حرارة سطح الشمس! ويصل التوتر الكهربائي إلى ملايين الفولتات
لذا تُعتبر دراسة البرق من أصعب أنواع الدراسة وأكثرها تعقيداً .. فزمن المراحل التي تشكل ومضة البرق مقاسة بوحدة المايكرو ثانية
أي جزء من المليون من الثانية .. وهذه صعبة الإدراك.




ظلت ظاهرة البرق حدثاً مخيفاً ومحيِّراً للعلماء على مدى قرون طويلة، ونُسجت الأساطير الكثيرة حول منشأ البرق وتأثيراته، فكل حضارة كانت تنظر إلى هذه الظاهرة على أنها حدث مقدس يرتبط بالآلهة، وكل حضارة كانت تحاول إعطاء تفسير لهذا الحدث المرعب