بسم اله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحَمدَ لله نَحْمَدَه وُنَسْتعِينَ بهْ ونَسْتغفرَه

ونَعوُذُ بالله مِنْ شِروُر أنْفْسِنا ومِن سَيئاتِ أعْمَالِنا

مَنْ يُهدِه الله فلا مُضِل لَه ، ومَنْ يُضلِل فَلا هَادى له

وأشهَدُ أنَ لا إله إلا الله وَحْده لا شريك له ، وأشهد أن مُحَمَداً عَبدُه وَرَسُوُله ..

اللهم صَلِّ وسَلِم وبَارِك عَلى عَبدِك ورَسُولك مُحَمَد وعَلى آله وصَحْبِه أجْمَعينْ

ومَنْ تَبعَهُمْ بإحْسَان إلى يَوُمِ الدِينْ وسَلِم تسْليمَاً كَثيراً

.. أمْا بَعد ..

وأما وجوب اتباعه وامتثال سنته والإقتداء بهديه ، فقد قال تعالى : (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (آل عمران : 31 )


-وقال : (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (الأعراف : 158 )


-وقال : (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً) (النساء : 65 )، أي ينقادون لحكمك ، يقال : سلم ، واستسلم ، وأسلم ، إذا انقاد .


-وقال : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) (الممتحنة : 6 )

قال محمد بن علي الترمذي : الأسوة في الرسول الإقتداء به والاتباع لسنته ، وترك مخالفته في قول أو فعل . و قال غير واحد من المفسرين بمعناه . و قيل : هو عتاب للمتخلفين عنه .

وقال سهل ـ في قوله تعالى صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ) الفاتحة ـ قال : بمتابعة السنة ، فأمرهم تعالى بذلك ، ووعدهم الإهداء باتباعه ، لأن الله تعالى أرسله بالهدى ودين الحق ليزكيهم الكتاب والحكمة ، ويهديهم إلى صراط مستقيم ، ووعدهم محبته تعالى في الآية الأخرى ومغفرته إذا اتبعوه ، وآثروه على أهوائهم ، وما تجنح إليه نفوسهم ، وأن صحة إيمانهم بانقيادهم له ، ورضاهم بحكمه ، وترك الإعتراض عليه .


-وروى عن الحسن أن أقواماً قالوا : يا رسول الله ، إنا نحب الله . فأنزل الله تعالى (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (آل عمران : 31 )وروي أن الآية نزلت في كعب بن الأشرف وغيره ، وأنهم قالوا : نحن أبناء الله وأحباؤه ، ونحن أشد حباً الله ، فانزل الله الآية .


-وقال الزجاج : معناه إن كنتم تحبون الله أن تقصدوا طاعته ، فافعلوا ماأمركم به ، إذ محبة العبد الله ورسوله طاعته لهما ، ورضاه بما أمرا ، ومحبة الله لهم عفوه عنهم ، وإنعامه عليهم برحمته .


وقال : الحب من الله عصمة وتوفيق ، ومن العباد طاعة ، كما قال القائل :

تعصي الإله وأنت تظهر حبه هذا لعمري في القياس بديع
لو كـان حبك صادقاً لأطعته إن المحب لمـن يحب مطيع


ويقال : محبة العبد الله تعظيمه له وهيبته منه ، ومحبة الله له رحمته له ، وإرادته الجميل له ، وتكون بمعنى مدحه وثنائه عليه .

قال القشيري : فإذا كان بمعنى الرحمة والإرادة والمدح كان من صفات الذات .
ويأتي بعد في ذكر محبة العبد غير هذا بحول الله تعالى .

*حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن جعفر الفقيه ، قال : حدثنا أبو الأصبغ عيسى ابن سهل ، وحدثنا أبو الحسن يونس بن مغيث الفقيه بقراءتي عليه ، قالا : حدثنا حاتم بن محمد ، قال : حدثنا أيو حفص الجهني ، حدثنا أبو بكر الآجري ، حدثنا إبراهيم بن موسى الجوزي ، حدثنا داود بن رشيد ، حدثنا الوليد بن مسلم ، عن ثور ، بن يزيد ، عن خالد بن معدان ، عن عبد الرحمن بن عمرو الأسلمي ، وحجر الكلاعي ، عن العرباض بن سارية في حديثه في موعظة النبي أنه قال : فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، عضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة .
زاد في حديث جابر بمعناه : وكل ضلالة في النار .



~قلت : رواه أبو داود في سننه ، قال :


* حدثنا أحمد بن حنبل ثنا الوليد بن مسلم ثنا ثور بن يزيد قال حدثني خالد بن معدان قال حدثني عبد الرحمن بن عمرو السلمي وحجر بن حجر قالا أتينا العرباض بن سارية وهو ممن نزل فيه ( ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه) فسلمنا وقلنا أتيناك زائرين وعائدين ومقتبسين فقال العرباض صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب.. فقال قائل: يا رسول الله ، كأن هذه موعظة مودع؛ فماذا تعهد إلينا ؟ فقال : أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبدا حبشيا فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة




وأخرجه ابن ماجه في سننه ،قال :
حدثنا محمد بن عبيد بن ميمون المدني أبو عبيد ثنا أبي عن محمد بن جعفر بن أبي كثير عن موسى بن عقبة عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :إنما هما اثنتان الكلام والهدي... فأحسن الكلام كلام الله، وأحسن الهدي هدي محمد، ألا وإياكم ومحدثات الأمور فإن شر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ، ألا لا يطولن عليكم الأمد فتقسو قلوبكم ، ألا إن ما هو آت قريب وإنما البعيد ما ليس بآت ، ألا إنما الشقي من شقي في بطن أمه والسعيد من وعظ بغيره ، ألا إن قتال المؤمن كفر وسبابه فسوق ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، ألا وإياكم والكذب فإن الكذب لا يصلح بالجد ولا بالهزل ولا يعد الرجل صبيه ثم لا يفي له فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وإنه يقال للصادق صدق وبر ويقال للكاذب كذب وفجر... ألا وإن العبد يكذب حتى يكتب عند الله كذابا .



وأخرجه النسائي في سننه قال :

* أخبرنا عتبة بن عبد الله قال أنبأنا بن المبارك عن سفيان عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال كان رسول صلى الله عليه وسلم قول في خطبته يحمد الله ويثني عليه بما هو أهله ثم يقول : من يهده الله فلا مضل له ومن يضلله فلا هادي له ؛ إن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدى هدى محمد...وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار.... ثم يقول : بعثت أنا والساعة كهاتين .. وكان إذا ذكر الساعة احمرت وجنتاه ،وعلا صوته ،واشتد غضبه كأنه نذير جيش يقول صبحكم مساكم ،ثم قال: من ترك مالا فلأهله ومن ترك دينا أو ضياعا فألي أو علي وأنا أولى بالمؤمنين





وأخرجه الإمام أحمد في المسند ، قال:

*حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا معاوية يعني بن صالح عن ضمرة بن حبيب عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي انه سمع العرباض بن سارية قال : وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب قلنا يا رسول الله ان هذه لموعظة مودع فماذا تعهد إلينا قال : قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي الا هالك ومن يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين وعليكم بالطاعة وان عبدا حبشيا عضوا عليها بالنواجذ فإنما المؤمن كالجمل الأنف حيثما انقيد انقاد



أما قوله: وكل بدعة ضلالة ، في حديث جابر ، فرواه مسلم ،قال :
وحدثني محمد بن المثنى. حدثنا عبدالوهاب بن عبدالمجيد عن جعفر بن محمد، عن أبيه عن جابر بن عبدالله ؛ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه، وعلا صوته واشتد غضبه. حتى كأنه منذر جيش، يقول: صبحكم ومساكم. ويقول. "بعثت أنا والساعة كهاتين". ويقرن بين أصبعيها لسبابة والوسطى. ويقول: "أما بعد. فإن خير الحديث كتاب الله. وخير الهدي هدي محمد. وشر الأمور محدثاتها. وكل بدعة ضلالة". ثم يقول: " أنا أولى بكل مؤمن من نفسه من ترك مالا فلأهله. ومن ترك دينا أو ضياعا فإلي وعلي" .

-وفي حديث أبي رافع عنه : لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكته ، يأتيه الأمر من أمري ، مما أمرت به أو نهيت عنه ، فيقول : لا أدري ، ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه .



~قلت : رواه ابو داود
حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل وعبد الله بن محمد النفيلي قالا ثنا سفيان عن أبي النضر عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن النبي قال : لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول لا ندري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه



وأخرجه الترمذي
حدثنا قتيبة حدثنا سفيان بن عيينة عن محمد بن المنكدر وسالم أبي النضر عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبي رافع وغيره رفعه قال : لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه أمر مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول لا أدري ما وجدنا في كتاب الله أتبعناه .


قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وروى بعضهم عن سفيان عن بن المنكدر عن النبي مرسلا وسالم أبي النضر عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن النبي وكان بن عيينة إذا روى هذا الحديث على الانفراد بين حديث محمد بن المنكدر من حديث سالم أبي النضر وإذا جمعهما روى هكذا وأبو رافع مولى النبي أسمه أسلم-




ورواه أحمد
حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون قال انا حريز بن عبد الرحمن بن أبي عوف الجرشي عن المقدام بن معد يكرب الكندي قال قال رسول الله : ألا اني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا اني أوتيت القرآن ومثله معه ، ألا يوشك رجل ينثني شبعانا على أريكته يقول عليكم بالقرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه ، ألا لا يحل لكم لحم الحمار الأهلي ولا كل ذي ناب من السباع الا ولا لقطة من مال معاهد إلا ان يستغني عنها صاحبها ..ومن نزل بقوم فعليهم ان يقروهم فان لم يقروهم فلهم ان يعقبوهم بمثل قراهم

وأخرجه ابن ماجه
1- حدثنا نصر بن علي الجهضمي ثنا سفيان بن عيينة في بيته أنا سألته عن سالم أبي النضر ثم مر في الحديث قال أو زيد بن أسلم عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه أن رسول الله قال : لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول لا أدري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه



2- حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا زيد بن الحباب عن معاوية بن صالح حدثني الحسن بن جابر عن المقدام بن معد يكرب الكندي أن رسول الله قال : يوشك الرجل متكئا على أريكته يحدث بحديث من حديثي فيقول بيننا وبينكم كتاب الله عز وجل فما وجدنا فيه من حلال استحللناه وما وجدنا فيه من حرام حرمناه ألا وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما حرم الله ...

-وفي حديث عائشة رضي الله عنها : صنع رسول الله شيئاً ترخص فيه فتنزه عنه قوم ، فبلغ ذلك النبي فحمد الله ، ثم قال : ما بال قوم يتنزهون عن الشيء أصنعه ، فوالله إني لأعلمهم با الله ،و أشهدهم له خشية .


~ قلت : رواه البخاري
* في كتاب الأدب - باب: من لم يواجه الناس بالعتاب.

*وفي كتاب الإعتصام ب الكتاب والسنَّة.باب: ما يكره من التعمُّق والتَّنازع في العلم، والغلوِّ في الدين والبدع

- حدثنا عمر بن حفص: حدثنا أبي: حدثنا الأعمش: حدثنا مسلم، عن مسروق: قالت عائشة: صنع النبي شيئاً فرخص فيه، فتنزه عنه قوم، فبلغ ذلك النبي ، فخطب فحمد الله ثم قال: (ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه، فوالله إني لأعلمهم بالله، وأشدهم له خشية).


وأخرجه مسلم في كتاب الفضائل باب علمه بالله تعالى وشدة خشيته
-حدثنا زهير بن حرب. حدثنا جرير عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عائشة. قالت: صنع رسول الله أمرا فترخص فيه. فبلغ ذلك ناسا من أصحابه. فكأنهم كرهوه وتنزهوا عنه. فبلغه ذلك، فقام خطيبا فقال "ما بال رجال بلغهم عني أمر ترخصت فيه. فكرهوه وتنزهوا عنه. فوالله! لأنا أعلمهم بالله وأشدهم له خشية".



- وحدثنا أبو كريب. حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، عن عائشة. قالت: رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر. فتنزه عنه ناس من الناس. فبلغ ذلك النبي فغضب. حتى بان الغضب في وجهه. ثم قال "ما بال أقوام يرغبون عما رخص لي فيه. فوالله! لأنا أعلمهم بالله وأشدهم له خشية".



-وروى عنه أنه قال : القرآن صعب على من كرهه ، وهو الحكم ، فمن استمسك بحديثي وفهمه وحفظه جاء مع القرآن ، ومن تهاون بالقرآن وحديثي خسر الدنيا والآخرة ، أمرت أمتي أن يأخذوا بقولي ويطيعوا أمري ، ويتبعوا سنتي ، فمن رضي بقولي فقد رضي بالقرآن ...قال الله تعالى : (ومَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (الحشر : 7 )




وقفة مع الإملم القرطبي في تفسير قوله تعالى :"وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ"

قال المهدوي: قوله تعالى: "وما آتاكم الرسول فخذوة وما نهاكم عنه فانتهوا" هذا يوجب أن كل ما أمر به النبي أمر من الله تعالى. والآية وإن كانت في الغنائم فجميع أوامره ونواهيه دخل فيها. وقال الحكم بن عمير - وكانت له صحبة - قال النبي : (إن هذا القرآن صعب مستصعب عسير على من تركه يسير على من اتبعه وطلبه. وحديثي صعب مستصعب وهو الحكم فمن استمسك بحديثي وحفظه نجا مع القرآن. ومن تهاون بالقرآن وحديثي خسر الدنيا والآخرة. وأمرتم أن تأخذوا بقولي وتكتنفوا أمري وتتبعوا سنتي فمن رضي بقولي فقد رضي بالقرآن ومن استهزأ بقولي فقد استهزأ بالقرآن قال الله تعالى: "وما آتاكم الرسول فخذوة وما نهاكم عنه فانتهوا").


قال عبدالرحمن بن زيد: لقي ابن مسعود رجلا محرما وعليه ثيابه فقال له: انزع عنك هذا. فقال الرجل: أتقرأ علي بهذا آية من كتاب الله تعالى؟ قال: نعم، "وما آتاكم الرسول فخذوة وما نهاكم عنه فانتهوا". وقال عبدالله بن محمد بن هارون الفريابي: سمعت الشافعي رضي الله عنه يقول: سلوني عما شئتم أخبركم من كتاب الله تعالى وسنة نبيكم ؛ قال فقلت له: ما تقول - أصلحك الله - في المحرم يقتل الزنبور؟ قال فقال: بسم الله الرحمن الرحيم، قال الله تعالى: "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا".



وحدثنا سفيان بن عيينة عن عبدالملك بن عمير عن ربعي بن حراش عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله : (اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر). حدثنا سفيان بن عيينة عن مسعر بن كدام عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه أمر بقتل الزنبور. قال علماؤنا: وهذا جواب في نهاية الحسن، أفتى بجواز قتل الزنبور في الإحرام، وبين أنه يقتدي فيه بعمر، وأن النبي أمر بالاقتداء به، وأن الله سبحانه أمر بقبول ما يقوله النبي ؛ فجواز قتله مستنبط من الكتاب والسنة. وقد مضى هذا المعنى من قول عكرمة حين سئل عن أمهات الأولاد فقال: هن أحرار في سورة "النساء" عند قوله تعالى: "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" [النساء: 59].



وفي صحيح مسلم وغيره عن علقمة عن ابن مسعود قال: قال رسول الله : (لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله) فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب؛ فجاءت فقالت: بلغني أنك لعنت كيت وكيت! فقال: وما لي لا ألعن من لعن رسولُ الله وهو في كتاب الله! فقالت: لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدت فيه ما تقول. فقال: لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه! أما قرأت "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا"! قالت: بلى. قال: فإنه قد نهى عنه ...


قوله تعالى: "وما آتاكم الرسول فخذوه" وإن جاء بلفظ الإيتاء وهو المناولة فإن معناه الأمر؛ بدليل قوله تعالى: "وما نهاكم عنه فانتهوا" فقابله بالنهي، ولا يقابل النهي إلا بالأمر؛ والدليل على فهم ذلك ما ذكرناه قبل مع قوله عليه الصلاة والسلام: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه). وقال الكلبي: إنها نزلت في رؤوساء المسلمين، قالوا فيما ظهر عليه رسول الله من أموال، المشركين: يا رسول الله، خذ صفيك والربع، ودعنا والباقي؛ فهكذا كنا نفعل في الجاهلية. وأنشدوه:


لك المرباع منها والصفايا وحكمك والنشيطة والفضول


فأنزل الله تعالى هذه الآية. "واتقوا الله" أي عذاب الله، إنه شديد لمن عصاه. وقيل: اتقوا الله في أوامره ونواهيه فلا تضيعوها. "إن الله شديد العقاب" لمن خالف ما أمره به.



-وقال : من اقتدى بي فهو مني ، ومن رغب عن سنتي فليس مني .
~ قلت : رواه الشيخان
البخاري في كتاب النكاح باب: الترغيب في النكاح
لقوله تعالى: {فانكحوا ما طاب لكم من نساء} /النساء: 2/.

ومسلم في كتاب النكاح باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤنة، واشتغال من عجز عن المؤن بالصوم

ولفظ البخاري : حدثنا سعيد بن أبي مريم: أخبرنا محمد بن جعفر: أخبرنا حميد ابن أبي حميد الطويل: أنه سمع أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: جاء ثلاث رهط إلى بيوت أزواج النبي ، يسألون عن عبادة النبي ، فلما أخبروا كأنهم تقالوها، فقالوا: أين نحن من النبي ؟ قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدا، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا، فجاء رسول الله فقال: (أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله أني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني).



وأخرجه السيوطي في الجامع الصغير وعزاه إلى ابن عساكر
عن عمر. عن النبي قال : من أخذ بسنتي فهو مني ومن رغب عن سنتي فليس مني . ‌
-وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي أنه قال : إن أحسن الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد ،وشر الأمور محدثاتها .


~ قلت : رواه البخاري
* في كتاب الأدب- باب: في الهدي الصالح.
- حدثنا أبو الوليد: حدثنا شُعبة، عن مخارق: سمعت طارقاً قال: قال عبد الله: إن أحسن الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد


* وفي كتاب الإعتصام بالكتاب والسنَّة باب: الاقتداء بسنن رسول الله .
- حدثنا آدم بن أبي إياس: حدثنا شعبة: أخبرنا عمرو بن مُرَّة: سمعت مُرَّة الهمداني يقول: قال عبد الله: إن أحسن الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد ، وشرُّ الأمور مُحدَثاتُها، و{إن ما توعدون لآتٍ وما أنتم بمعجزين}.


وأخرجه مسلم في كتاب الجمعة - باب تخفيف الصلاة والخطبة.