إِنَ الحَمدَ لله نَحْمَدَه وُنَسْتعِينَ بهْ ونَسْتغفرَه ، ونَعوُذُ بالله مِنْ شِروُر أنْفْسِنا ومِن سَيئاتِ أعْمَالِنا ، مَنْ يُهدِه الله فلا مُضِل لَه ، ومَنْ يُضلِل فَلا هَادى له ، وأشهَدُ أنَ لا إله إلا الله وَحْده لا شريك له ، وأشهد أن مُحَمَداً عَبدُه وَرَسُوُله .. اللهم صَلِّ وسَلِم وبَارِك عَلى عَبدِك ورَسُولك مُحَمَد وعَلى آله وصَحْبِه أجْمَعينْ ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحْسَان إلى يَوُمِ الدِينْ وسَلِم تسْليمَاً كَثيراً .. أمْا بَعد ...
سلسلة
انه القرآن سر نهضتنا
كيف يمكن للقرآن أن ينهض بالأمة؟
د/ مجدي الهلالي
عندما نقول – بعون من الله – إن القرآن هو سر نهضة هذه الأمة، وأنه مخرجها الآمن من النفق المظلم الذي تسير فيه، وأنه قادر – بإذن الله- على بث الروح في جسدها، ومعالجة نقاط ضعفها، وإعادة ما سُلب من أمجادها، فإن هذا القول لا يأتي من فراغ، بل تُؤيده شواهد وأسباب كثيرة نذكرها لك -أخي القارئ- لعلها تشحذ الهمم وتقوي العزائم للانطلاق الصحيح نحو هذا الكنز المهجور...
إن هذه البشرية – وهي من صنع الله –لا تفتح مغاليق فطرتها إلا بمفاتيح من صنع الله، ولا تعالج أمراضها وعللها إلا بالدواء الذي يخرج من يده – سبحانه – وقد جعل في منهجه وحده مفاتيح كل مغلق، وشفاء كل داء:
ولكن هذه البشرية لا تريد أن ترد الآلة إلى صانعها، ولا أن تذهب بالمريض إلى بارئه، ولا تسلك في أمر نفسها، وفي أمر إنسانيتها وفي أمر سعادتها أو شقوتها، ما تعودت أن تسلكه في أمر الأجهزة والآلات المادية الزهيدة التي تستخدمها في حاجاتها اليومية الصغيرة... وهي تعلم أنها تستدعي لإصلاح الجهاز مهندس المصنع الذي صنع الجهاز... ولكنها لا تطبق هذه القاعدة على الإنسان نفسه فترده إلى المصنع الذي منه خرج، ولا أن تستفتي المبدع الذي أنشأ هذا الجهاز الإنساني العظيم الكريم الدقيق اللطيف، الذي لا يعلم مساربه ومداخله إلا الذي أبدعه وأنشأه: ﴿إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ` أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِير﴾ [الملك: 13، 14] في ظلال القرآن.. المقدمة.
فالإخراج من الظلام... من المكان الذي ألفه الإنسان يحتاج إلى قوة دافعة، وطاقة تتولد داخله
تُيسِّر له اتخاذ قرار النهوض والخروج مما تعود عليه... وهذه هي وظيفة المعجزة القرآنية، والتي اختصه الله بها...
قال صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ نَبِيٌّ إِلا أُعْطِيَ مَا مِثْلهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ, وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيَّ, فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه (4598).
يعلق الحافظ ابن كثير على هذا الحديث فيقول:
معناه أن معجزة كل نبي انقرضت بموته، وهذا القرآن حجة باقية على الآباد لا تنقضي عجائبه، ولا يخلق عن كثرة الرد..
فإنه ليس ثمَّ حجة ولا معجزة أبلغ ولا أنجع في العقول والنفوس من هذا القرآن,
الذي لو أنزله الله على جبل لرأيته خاشعًا متصدعًا من خشية الله. تفسير القرآن العظيم لابن كثير 2 /471.