أضافت الأرجنتين إحباطها الثاني في بطولة كوبا أميركا عقب تعادل سلبي لم يكن حتى مستحقا مع كولومبيا، وهي النتيجة التي قد تجبر راقصي التانغو على اللجوء إلى آلة حاسبة، لن تكون في حقائبهم إلا بالصدفة.
وأوجزت ركلة حرة أرسلها ليونيل ميسي في الدقيقة 80 إلى المدرجات من على يمين منطقة الجزاء أداء لاعبي الأرجنتين، التي أنقذها حارسها سرجيو روميرو كما فعل أمام بوليفيا في المباراة الأولى.
قال ميسي بتعبيرات وجهه وجسده بعد تلك الكرة ما يعبر بشكل كاف عن أداء فريقه. وربما فهم حينها أنها لم تكن ليلته أو ليلة منتخب بلاده، الذي غادر الملعب مشيعا بلعنات أنصاره.
وبعد مباراتين بات واضحا أن الأرجنتين لا تلعب بشكل جيد. ففي المنطقة الدفاعية يعاني نيكولاس بورديسو وغابرييل ميليتو، ولاسيما الأخير الذي يتسم أداؤه بالعصبية وعدم التمركز الصحيح، ربما بسبب غيابه عن مباريات فريقه برشلونة أغلب أوقات الموسم الماضي. وعبر ميليتو عن شعوره بـ”الألم” للأداء الباهت الذي ظهر عليه منتخب بلاده، وكذلك رد فعل الجمهور تجاه اللاعبين.
وقال “لم نتسم بالسرعة المطلوبة ولم نؤد بالشكل الذي كنا ننتظره.. لقد آلمني أداء الفريق بقدر ما آلمني رد فعل الجمهور”.
وأعرب مدافع برشلونة في الوقت ذاته عن ثقته في الفوز على كوستاريكا في المباراة المتبقية ضمن الدور الأول لضمان العبور إلى ربع النهائي.
ولم يتمكن خافيير زانيتي أو ماركوس روخو أو بابلو زاباليتا، الثلاثي الذي شارك في مركزي الظهيرين، من سد الباب أمام هجمات المنافسين أو فتح بدائل هجومية عن طريق كرات عرضية. واعترف الظهير المخضرم زانيتي بأن أيا من لاعبي الأرجنتين لم يكن يتصور بدء البطولة على هذا النحو، داعيا إلى استخلاص الدروس قبل المباراة الثالثة أمام كوستاريكا بعد غد الاثنين.
كما لم يكن الأداء الدفاعي بشكل عام سلسا، فالفريق لا يراقب مهاجمي المنافس عندما يهاجم هو، ومن ثم تشكل الهجمات المرتدة خطورة حقيقية في حالة قطع الكرة.
وفي الوسط، غاب كل من إيبر بانيغا واستيبان كامبياسو وخابيير ماسكيرانو، ثلاثي الارتكاز الذين يصر المدير الفني سيرجيو باتيستا على الدفع بهم معا بغرض السيطرة على الكرة وتمويل ميسي.
لكن بانيغا لاعب فالنسيا يحتفظ بالكرة أكثر من اللازم ولا يغادر منطقته تقريبا، أما كامبياسو لاعب إنتر ميلان فلا يجد مكانا واضحا له في الملعب كما ليس مسموحا له بالتقدم إلى الأمام على أمل الإدهاش كما سبق وفعل من قبل ولاسيما في مونديال ألمانيا 2006 ، فيما يبدو لاعب برشلونة كمصارع وليس كلاعب كرة، وخاصة في مباراة كولومبيا.
أما هجوم التانغو فهو مثال حي على الفوضى. فكارلوس تيفيز كما يرى الجميع لا يجيد اللعب في مركز الجناح ويصطدم دوما بالمدافعين، بينما ينطلق إيزيكيل لافيتسي فيبدأ الهجمات كالنمر وينهيها كالقط.
وأخيرا، يظل ميسي كالعادة حالة متفردة سواء تألق أم لم يفعل. باتيستا يسعى لأن يلعب النجم كما يفعل في برشلونة كمهاجم صريح متأخر. لكن الأمر عادة ما ينتهي بأفضل لاعبي العالم إلى التأخر كثيرا ثم التوهان في الفوضى العامة، لأن الأرجنتين لا تملك مهندسا في وسط الميدان مثل تشافي هيرنانديز أو أندريس إنييستا، إلا أن مهارته تبقيه في كل الأحوال خارج السرب. وربما كان الحارس روميرو هو الوحيد حتى الآن الذي يبدو على مستوى الحدث، حيث أجاد أمام بوليفيا وتألق أمام كولومبيا. وتعقدت مهمة الأرجنتين في التأهل إلى دور الثمانية للبطولة، رغم أنها تلعب في المجموعة الأسهل نظريا. لكن المهم أنها ما تزال تعتمد على نفسها، وربما يكون الوقت قد حان للدفع بخابيير باستوري إلى جوار ميسي لصناعة اللعب، وكذلك بغونزالو إيغواين أو سرخيو أغويرو في المقدمة عندما تواجه كوستاريكا في مباراتها الأخيرة للدور الأول.
وبعيدا عن التألق من عدمه، تسعى الأرجنتين في هذه المباراة إلى التوقف عن رسم الحزن على وجوه جماهيرها، ووقف سلسلة المفاجآت.