إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا
وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له
واشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأشهد ان محمدا عبده ورسوله
اما بعد ايها الفضلاء والفضليات

فلا غرابة أن نسميها ليلة العمر بحق ولمَ لا وأعمار الأمة ما بين الستين والسبعين ولا يتجاوزها إلا القليل، وهذه ليله هي خير وأكثر فضلا وثوابا من ذلك العمر فهي خير من ثلاث وثمانين سنة وثلث العام أي فهي بمقدار يزيد على مائة عام لأنها خير من العدد المشار إليه، وكيف لا تكون ليلة العمر وهي خير من ألف شهر كله عبادة متصلة ليلها ونهارها لا تنفصم لحظة واحدة، ولو أن احدنا عاش ثمانين عاما فليست كلها في عبادة، بل العابد منا لا يتجاوز ربعها أو خمسها أو سدسها أو حتى عشرها لما فيها من النوم والانشغالات والغفلة وغير ذلك، وعليه فهي ليلة العمر لفضلها على عمر الإنسان الدنيوي والأخروي، وهذا أمر لا ينتطح فيه عنزان لتلقي الأمة له بالقبول، وقدر هذه الليلة الذي فاق عمر الثمانين انه لفضل عظيم، لان عمر ثمانين عاما لا يحتمل المرء العيش بعده لأنه آخر المستطاع في هذه الأمة، وانظر كيف تحصله في ليلة واحدة، وان العرب قديما تغنت أن السآمة والكآبة حال يصاب بها من هرم وبلغ ما بعد الثمانين، كما قال صاحب المعلقة :
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش **** ثمانين حولا لا أبا لك يسأم
إنها ليلة العمر وكيف لا وهي التي من حرم خيرها فهو المحروم((من حرمها فقد حرم الخير كله ولا يحرم خيرها إلا محروم )) رواه ابن ماجه
إنها ليلة العمر التي من وفقه الله تعالى إليها فقد زاد عمرا كله عبادة إلى سجل صحيفته واليك بعضا مما يتعلق بها
*سبب تسميتها ب(ليلة القدر)
1- لقدرها وكبير شأنها وعظيم شرفها
2- لعظمة الكتاب الذي انزل فيها وعلو قدره ورفعة قدر رسول الله عليه الصلاة والسلام الذي انزل عليه هذا الكتاب، ولقدر ومكانة هذه الأمة التي نزل فيها القرءان
3- وقيل لان الطاعة فيها مضاعفة وذات شرف وقدر
4- لأنها ليلة القدر التي يفرق فيها كل أمر حكيم سيجري على الأمة طوال العام
*ومن فضائلها
انها ليلة انزل فيها خير الكتب الذي يهدي العالمين إلى الصراط المستقيم والى سعادة الدارين
وهي ليلة عظمى بلا شك ولا ريب فهي ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر
وهي ليلة خير من قرن من الزمان ثوابا وأجرا فهي خير له من ألف شهر
وهي ليلة تنزل فيها الملائكة بالرحمات والبركات والخيرات
وهي ليلة كلها رحمة وسلام وهناء ووصفت بذلك لما فيها من النجاة من العذاب والعقاب لسائر الناس
وهي ليلة انزل في فضلها سورة تتلى إلى يوم المعاد
وهي ليلة الغفران من الخطايا لمن قامها إيمانا واحتسابا يقول صلى الله عليه وسلم:”من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه”.
*أفضل الدعاء في هذه الليلة
وصح عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول أرأيت إن علمت أي ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال قولي: (اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني) رواه الترمذي.
اللهم اجعلنا من الفائزين بهذه الليلة المباركة وممن يقومون إيماناً واحتساباً.
*متى تتحراها ؟
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ فِي الوِتْرِ، مِنَ العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ))
ولا غرابة ان تتحراها في العشر كلها فهي تستحق العناء والسهر لاجلها وخاصة انك تعطى اجر مائة عام في عشرة ايام فقط، فماذا تريد بعد ذلك
فاللهم لا تحرمنا أجرها يا حي يا قيوم ووفقنا لقيام ليلها بالقرءان والذكر والدعاء ، انك ولي ذلك والقادر عليه